ترجمة

الأربعاء، 7 يناير 2009

لا تصالح حتى ولو.........!!!!

أحبائى..
لم أستطع الوفاء والإلتزام بعدم الكتابة عن غزة العزة والصمود والمقاومة وما يحدث فيها فالصور والمشاهد التى تعرض علينا ونحن فى موقف العجز والإستكانة تقد المضاجع وتذهب بالنوم من العين وتلهب المشاعر والأحاسيس بفيض من الكلمات وبركان من الغضب وتدفعنا لعدم الرضى بالسكوت وعدم الرضا حتى بالكلام والمواقف السياسية والشعبية المتخاذلة .، فلذا أنكص على عهدى وأنقض وعدى وأعود للكتابة ليس عن الأحداث وحال أهل غزة فهو لايخفى على أحد ولا تنكره عين إلا المصابة بعمى البصر والبصيرة بل أكتب عن حالنا وحال أنظمتنا وحكامنا ونخبتنا وبعض المضللين والمغيبين منا والذين فى أقل تقدير لهم يوصفون المقاومة وأفعالها بأنها لعب عيال وصواريخها وقذائفها بمب وفشنك وصمودها مغامرة ومقامرة !!لذا أصوغ هذا المقال تحت هذا العنوان ..... جهد غير مشكور وذنب غير مغفور!!!!!
بعد صمت وسكوت مذرى بخضوع وخنوع واستسلام يعد جريمة وذنب غير مغفور من قبل الشعوب وخاصة الشعب الفلسطينى المتمثل فى أهل غزة ومن قبل وبعد لن يغفره الله للحكام والأنظمة العربية والإسلامية بكل رجالاتها وخاصة سلطة رام الله .، بدأ الجهد الغير مشكور أيضا من قبل الناس ومن قبل وبعد من قبل الله العلى القدير فى تحرك دبلوماسى وسياسى فاتر مترهل لحفظ ماء الوجه إذ تبذل مصر وبعضا من الدول العربية مع فرنسا وجانب من الإتحاد الأوربى وفى مجلس الأمن جهودا لإصدار قرار وقف إطلاق النار وفك الحصار!!!بدبلوماسية تجترى وتتمنى القبول مستعذبة الذل والهوان راضية للأمة والمقاومة بالإنبطاح وكأننى أتذكر ما يروى عن التتار حين احتلوا بغداد فى سالف الأزمان وكان التترى منهم يخرج من الحانة أو الماخور أو الخمّارة أو الملهى الليلى سكرانا فيقابل الرجل منا فى الشارع يلقاه خائفا مرتعبا فيأمره التترى بالإنبطاح أرضا والنوم على بطنه حتى يذهب لمسكنه ويحضر سيفه ثم يأتى ليذبحه والعجيب أن الواحد منا كان يستجيب له !!!!! أتذكر هذا المشهد المؤلم والمخزي وتلك الرواية الدالة على حالة الخنوع والخضوع والإستسلام والرضا بالذل والمهانة وأنا أقرأ وأستمع فى هذه الأيام لمن يكيلون الإتهامات للمقاومة وحماس ويلومونها ويعدونها السبب فى الأحداث ويحمّلونها تبعات المحارق والمجازر النازية الصهيونية التتارية وكأنهم يأمرونها أن تستجيب وترضى بالحصار والقتل والدمار وتركع بل تنبطح أرضا حتى تأتى ماشية اليهود لتدوسهم وتذبحهم ونرتضى لهم ولنا الذل والعار!!!!


ولكن...
بداية ونهاية ينبغى علينا أن نعلم أن هذه المبادرة وإن كانت فى بنودها المعلنة مع جهلنا بماخفى منها وما خفى كان أعظم ولنا فى كل الإتفاقات السابقة العظة والعبرة بداية من كامب ديفيد ووادى عفرة وانتهاءا بأوسلو تتفق ومطالب حماس والفصائل المقاومة الآن من وقف فورى متبادل لإطلاق النار وفك الحصاروفتح المعابر !!!فهى لاتكفى أبدا لحفظ ماء الوجه للمبادرين والمفاوضين ولا تكفى عذرا وفعل الأمة العربية والإسلامية بعد اثنى عشر يوما من إعمال الآلة العسكرية الغاشمة فى غزة بوحشية ونازية وانتهاك لكل الأعراف والقوانين دوليا وإنسانيا وإهلاك الزرع والنسل!!!ولذلك فهى ليست مبادرة بل اتفاق خضوع وخنوع تجرى فصوله فى مصر بين الرئيس مبارك وساركوزى وفى بعض الدول العربية التى تستنكر وتبادر على استحياء وخوف وحذر فى تخوين واتهام لبعضها!!!وفى مجلس الأمن بقيادة عباس الذى لم يخجل أن يطالب بوقف دائم متبادل لإطلاق النار مساويا بين المحتل والمقاوم .،الضحية والجلاد.، القاتل والمقتول تقوم عليه قوات دولية بزعمه تحمى الفلسطينين وهو فى الحقيقة يريد حماية إسرائيل وتعزيز مطالبها وإهدائها مكاسب لم ولن تستطيع الحصول عليها بالحرب حتى ولو قضت على غزة ومن فيها!!!وكذا تقويض وتركيع المقاومة وقتلها ووأد روحها هو ومن معه من الوزراء العرب وأمين الجامعة العربية!!!
ولذا...
أنا مع الإتفاق إذا ضمن قبل وقف إطلاق النار وفك الحصار عودة الأرض والمقدسات واللاجئين وحق المقاومة المشروع لدحر الإحتلال والرد على الإعتداءات بأى صورة ممكنة ويفرض فتح المعابر وخاصة معبر رفح لتكريس السيادة المصرية والفلسطينية بتكوين وإعلان الدولة المستقلة القوية وليس كما يزعم المتخاذلين تكريس الخلاف ووضعية حماس التى هى فى الأصل الحكومة المنتخبة!!!بما يعنى حل شامل وعادل للقضية بعزة وكرامة وكذا محاكمة الصهاينة بجرائمهم ومجازرهم التى ارتكبوها ..وصدق المصطفى صلى الله عليه وسلم إذ يقول " اطلبوا الأشياء بعزة النفس فإن الأمور تجرى بمقادير" ومقادير الله ( كتب الله لأغلبن أنا ورسلى إن الله لقوى عزيز)(أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير)(كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله)(إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم) (إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله مالا يرجون ).،صدق الله العظيم
ولم يبقى غير الدعاء
اللهم وكما قال سيدنا يوسف عليه السلام حين ساومته إمرأة العزيز ونسوة فى المدينة وراودنه عن نفسه " رب السجن أحب إلى مما يدعوننى إليه"فيارب القتل فى الحروب والحصار والجهاد أحب إلينا مما يدعونا إليه حكامنا وأنظمتنا وبعض نخبتنا وإعلاميينا ومفكرينا ومشايخنا من إستسلام وخضوع وخنوع وذلة ومهانة وانبطاح والرضى بالذل والعار
والعيش تحت الحصار!!!!
والآن أترككم مع هذه القصيدة الرائعة والتى تلخص القضية بفهم ووضوح!!!!


لا تصالح! للشاعر الكبير أمل دنقل
(1)

لا تصالحْ!
ولو منحوك الذهبْ
أترى حين أفقأ عينيكَ
ثم أثبت جوهرتين مكانهما..
هل ترى..؟
هي أشياء لا تشترى..:
ذكريات الطفولة بين أخيك وبينك،
حسُّكما - فجأةً - بالرجولةِ،
هذا الحياء الذي يكبت الشوق..
حين تعانقُهُ،
الصمتُ - مبتسمين -
لتأنيب أمكما..وكأنكما
ما تزالان طفلين!
تلك الطمأنينة الأبدية بينكما:
أنَّ سيفانِ سيفَكَ..
صوتانِ صوتَكَ
أنك إن متَّ:
للبيت ربٌّوللطفل
أبْهل يصير دمي -
بين عينيك- ماءً؟
أتنسى ردائي الملطَّخَ بالدماء..
تلبس -فوق دمائي-
ثيابًا مطرَّزَةً بالقصب؟
إنها الحربُ!قد تثقل القلبَ..
لكن خلفك عار العرب
لا تصالحْ..ولا تتوخَّ الهرب!
(2)

لا تصالح على الدم..
حتى بدم!لا تصالح! ولو قيل رأس برأسٍ
أكلُّ الرؤوس سواءٌ؟أقلب الغريب كقلب أخيك؟!
أعيناه عينا أخيك؟!وهل تتساوى يدٌ.. سيفها كان لك
بيدٍ سيفها أثْكَلك؟
سيقولون:جئناك كي تحقن الدم..جئناك.
كن -يا أمير- الحكم
سيقولون:ها نحن أبناء عم.
قل لهم: إنهم لم يراعوا العمومة
فيمن هلكواغرس السيفَ في جبهة الصحراء
إلى أن يجيب العدم
إنني كنت لك فارسًا،وأخًا،وأبًا،ومَلِك!
(3)

لا تصالح ..
ولو حرمتك الرقادصرخاتُ الندامةوتذكَّر..
(إذا لان قلبك للنسوة اللابسات السواد ولأطفالهن الذين تخاصمهم الابتسامة)
أن بنتَ أخيك "اليمامة"زهرةٌ تتسربل -في سنوات الصبا-بثياب الحدادكنتُ،
إن عدتُ:تعدو على دَرَجِ القصر،تمسك ساقيَّ عند نزولي..فأرفعها -وهي ضاحكةٌ-
فوق ظهر الجوادها هي الآن.. صامتةٌحرمتها يدُ الغدر:
من كلمات أبيها،ارتداءِ الثياب الجديدةِمن أن يكون لها -ذات يوم-
أخٌ!من أبٍ يتبسَّم في عرسها..وتعود إليه إذا الزوجُ أغضبها..
وإذا زارها.. يتسابق أحفادُه نحو أحضانه،لينالوا الهدايا..
ويلهوا بلحيته (وهو مستسلمٌ)ويشدُّوا العمامة..
لا تصالح!فما ذنب تلك اليمامة لترى العشَّ محترقًا..
فجأةً،وهي تجلس فوق الرماد؟!
(4)

لا تصالح
ولو توَّجوك بتاج الإمارةكيف تخطو على جثة ابن أبيكَ..؟
وكيف تصير المليكَ..على أوجهِ البهجة المستعارة؟
كيف تنظر في يد من صافحوك..فلا تبصر الدم..في كل كف؟
إن سهمًا أتاني من الخلف..سوف يجيئك من ألف خلف
فالدم -الآن- صار وسامًا وشارةلا تصالح،
ولو توَّجوك بتاج الإمارةإن عرشَك: سيفٌ
وسيفك: زيفٌإذا لم تزنْ -بذؤابته- لحظاتِ الشرف واستطبت- الترف
(5)

لا تصالح
ولو قال من مال عند الصدامْ".. ما بنا طاقة لامتشاق الحسام..
عندما يملأ الحق قلبك:تندلع النار إن تتنفَّسْ ولسانُ الخيانة يخرس
لا تصالح ولو قيل ما قيل من كلمات السلام كيف تستنشق الرئتان النسيم المدنَّس؟
كيف تنظر في عيني امرأة..أنت تعرف أنك لا تستطيع حمايتها؟
كيف تصبح فارسها في الغرام؟كيف ترجو غدًا.. لوليد ينام-كيف تحلم أو تتغنى بمست??
بلٍ لغلام وهو يكبر -بين يديك- بقلب مُنكَّس؟
لا تصالح ولا تقتسم مع من قتلوك الطعام وارْوِ قلبك بالدم..
واروِ التراب المقدَّس..واروِ أسلافَكَ الراقدين..إلى أن تردَّ عليك العظام!
(6)

لا تصالح
ولو ناشدتك القبيلةباسم حزن "الجليلة"أن تسوق الدهاءَ
وتُبدي -لمن قصدوك- القبول سيقولون:ها أنت تطلب ثأرًا يطول
فخذ -الآن- ما تستطيع:قليلاً من الحق..في هذه السنوات القليلة
إنه ليس ثأرك وحدك،لكنه ثأر جيلٍ
فجيل وغدًا..سوف يولد من يلبس الدرع كاملةً،
يوقد النار شاملةً،يطلب الثأرَ،يستولد الحقَّ،
من أَضْلُع المستحيل
لا تصالح ولو قيل إن التصالح حيلة
إنه الثأرُتبهتُ شعلته في الضلوع..
إذا ما توالت عليها الفصول..
ثم تبقى يد العار مرسومة (بأصابعها الخمس)فوق الجباهِ الذليلة!
(7)

لا تصالحْ،
ولو حذَّرتْك النجوم ورمى لك كهَّانُها بالنبأ..
كنت أغفر لو أنني متُّ..ما بين خيط الصواب وخيط الخطأ.
لم أكن غازيًا،لم أكن أتسلل قرب مضاربهم أو أحوم وراء التخوم
لم أمد يدًا لثمار الكرو م
أرض بستانِهم لم أطأ
لم يصح قاتلي بي: "انتبه"!
كان يمشي معي..ثم صافحني..ثم سار قليلاًولكنه في الغصون اختبأ!
فجأةً:ثقبتني قشعريرة بين ضعلين..واهتزَّ قلبي -كفقاعة- وانفثأ!
وتحاملتُ، حتى احتملت على ساعديَّ
فرأيتُ: ابن عمي الزنيم واقفًا يتشفَّى بوجه لئيم لم يكن في يدي حربةٌ
أو سلاح قديم،لم يكن غير غيظي الذي يتشكَّى الظمأ
(8)

لا تصالحُ..
إلى أن يعود الوجود لدورته الدائرة:
النجوم.. لميقاتهاوالطيور.. لأصواتها
والرمال.. لذراتهاوالقتيل لطفلته الناظرة
كل شيء تحطم في لحظة عابرة:
الصبا - بهجةُ الأهل -
صوتُ الحصان - التعرفُ بالضيف -
همهمةُ القلب حين يرى برعماً في الحديقة يذوي -
الصلاةُ لكي ينزل المطر الموسميُّ -
مراوغة القلب حين يرى طائر الموتِ
وهو يرفرف فوق المبارزة الكاسرة

كلُّ شيءٍ تحطَّم في نزوةٍ فاجرةوالذي اغتالني:
ليس ربًا..ليقتلني بمشيئته
ليس أنبل مني.. ليقتلني بسكينته
ليس أمهر مني.. ليقتلني باستدارتِهِ الماكرة
لا تصالحْ فما الصلح إلا معاهدةٌ بين ندَّينْ..
(في شرف القلب)لا تُنتقَصْوالذي اغتالني مَحضُ لصْ
سرق الأرض من بين عينيَّ والصمت يطلقُ ضحكته الساخرة!
(9)

لا تصالحْ
ولو وقفت ضد سيفك كل الشيوخْ
والرجال التي ملأتها الشروخْ
هؤلاء الذين يحبون طعم الثريدْ
وامتطاء العبيدْ
هؤلاء الذين تدلت عمائمهم فوق أعينهم
وسيوفهم العربية قد نسيت سنوات الشموخْ
لا تصالحْ
فليس سوى أن تريدْأنت فارسُ هذا الزمان الوحيدْ وسواك.. المسوخْ!
(10)

لا تصالحْ
لا تصالحْ
*****

هناك تعليقان (2):

د/محمدعبدالغنى حسن حجر يقول...

التهوّر فى الخيانة والتهوّر فى الوفاء

بقلم أسامة غريب ٨/ ١/ ٢٠٠٩
هل بدأت الدنيا مع صواريخ حماس؟ أم أنه فى البدء كان الاحتلال وكان الحصار؟

هل يجوز اليوم أن يكون وقف الصواريخ مقابل وقف العدوان، أم ينبغى أن يكون وقف الصواريخ مقابل وقف الحصار؟

من المفهوم أن نسعى الآن فى طلب التهدئة لوقف شلال الدم ومنع مزيد من الدمار، لكن هل يكون من العدل أن تكون التهدئة بالشروط الإسرائيلية هى مطلبنا الدائم؟ أى أن تنعم إسرائيل بالأمن ويكون لها الحق أن تضرب بالطائرات أهدافاً تنتقيها بهدوء وعلى مهل وبشكل يومى دون أن يكون من حق الفلسطينيين مجرد إطلاق صواريخ التململ! هل التهدئة المطلوبة هى الحق فى قتل الفلسطينيين بالقطّاعى (بدون مذابح جماعية) ومحاصرتهم ومنع الغذاء والدواء والوقود عنهم؟..

يقول شيمون بيريز وتقول ليفنى وباراك وأولمرت: نحن لا مشكلة لدينا مع الشعب الفلسطينى لكن مشكلتنا مع حماس!! هذا الكلام يعنى ببساطة أنك إذا تركتنى أحتل أرضك وأحاصرك وأمنع عنك كل أسباب الحياة فلن تكون لى مشكلة معك، لكن المشكلة تبدأ عندما تفكر فى مقاومة الظلم.. فهل هذا كلام؟

الأمر الغريب أننا نجد من بيننا من يردد ذات الكلام ويطلب من الفلسطينيين الموافقة على أن تضربهم إسرائيل وقتما تشاء (ما دام عدد الشهداء لا يزيد على عشرة فى اليوم) وأن تغلق المعابر فى وجههم وتقتلهم ببطء، فإذا رفضوا وطالبوا بالحق فى الحياة صاروا إرهابيين يقومون بترويع الإسرائيليين الودعاء الآمنين، كما يصيرون جاحدين بفضل الشقيقة الكبرى التى حرمت نفسها من اللقمة من أجلهم!! ويعلم الله أن حرمان المصريين من اللقمة لا علاقة له بفلسطين من قريب أو من بعيد.

إننى أحتار فيمن أعلنوا كفرهم بالعروبة وسخريتهم من حكاية الشقيقة الكبرى ورغبتهم فى أن نتفرغ لمصر، وسبب حيرتى هو أن هذا قد حدث بالفعل ولثلاثين عاماً دون انقطاع، فما معنى أن يقوم من خرج من المباراة وعاد للبيت، فأكمل متابعة الماتش فى التليفزيون، بالتهديد بأن يترك الملعب؟!

وما معنى أن يقرروا التفرغ لمصر وهم الذين تفرغوا منذ زمن لنهب مصر!. وما حكاية سيناء التى يهدف الفلسطينيون إلى احتلالها وسكناها، تلك المقولة الفاجرة التى يرددها الفجرة ويُكذبها تشبث الفلسطينيين بأرضهم والموت دونها، ولو كانوا يرضون بأى قطعة أرض ما تمسكوا بحق العودة ولتركوا إسرائيل تنعم بالأرض المسروقة.

إننى لا أنكر على أحد حقه فى أن يأخذ ما شاء من مواقف، بشرط ألا يتردد فى إعلان مواقفه على الناس، لا أن يعلن عكسها. من حق حكومة مصر أن تنصاع لإسرائيل وتغلق معبر رفح، أو أن تغلقه لأن ذلك يحقق أمنها، لكن هل يحق لها أن تعلن أن المعبر مفتوح بينما هو مغلق؟ من حق حكومة مصر أن تكره الفلسطينيين كما تشاء (فالحب مش بالعافية) لكن هل من حقها أن تدعى مساعدتهم وتملأ الدنيا صياحاً عن التضحيات التى تقدمها لهم. هل النصح بقبول الذل صار تضحية كبرى؟

إن زمن التضحيات التى قدمتها مصر فى مواجهتها لإسرائيل قد ولّى، ولم تكن فى حقيقتها سوى مساعدات من مصر لنفسها، وحتى لو كانت من أجل الأشقاء، فهل يجوز اليوم أن نمن عليهم بأن آباءنا وأجدادنا كانوا يساعدون آباءهم وأجدادهم!

إننى - على عكس الكثيرين - لا أحمل غضباً على السيد أحمد أبوالغيط أو تصريحاته الصادمة، بالعكس أحمد له فضيلة الصدق مع النفس، وأراه خير معبر عن السياسة الخارجية المصرية دون مواربة أو تزويق. إن شخصاً كعمرو موسى مثلاً كان خليقاً بأن يبيعك نفس البضاعة وهو يوهمك أنها طازجة ومفيدة!

ولئن كان الشاعر الراحل محمود درويش قد كتب «أنت منذ الآن غيرك» بعد استيلاء حماس على السلطة فى غزة، وكتب قبلها «لا تعتذر عما فعلت» فإن الشاعر عبدالرحمن يوسف قد كتب مخاطباً محمود درويش فى قصيدة عنوانها «اعتذر عما فعلت» بعد أن رأى درويش يشتد فى قسوة على إخوة له: إذا كنت يوماً عذرت الذى قد تهور.. وهو يسير بدرب الخيانة. فاعذر بربك من قد تهور.. وهو يسير بدرب الوفاء!

لا بد أن عبدالرحمن يوسف لم يعرف ما عرفه أحمد أبوالغيط من معلومات موثقة، وإلا لكان له موقف آخر يتفهم فيه احتياجات الصديق الإسرائيلى الذى روعته هجمات الفلسطينيين وأفزعت حمائمه الوادعة، ودائماً الشعراء ينساقون وراء مشاعرهم ثم يتبعهم الغاوون فيضلونهم، أما الدبلوماسيون من أمثال وزير خارجيتنا فيتبعهم المهتدون الذين يعرفون فضل تسيبى ليفنى، وهم لها مؤيدون ولذراعها فى الملمةِ ساندون.

وبالمناسبة فلست ألوم السيد أبوالغيط الذى تصرف كجنتلمان مع السيدة ليفنى حين أمسك يدها عندما كادت تزل، فهذه هى تقاليد مصر النابعة من حضارة كذا ألف سنة، لكن الأمر المحير هو الحوار الذى دار ويدها فى يده.. صرح بعض العارفين أن السيد أبوالغيط قال لها : تسيبى؟ فقالت له: عيون تسيبى، فرد مرتبكاً: أقصد تسيبى إيدى علشان كلام الناس!

د/محمدعبدالغنى حسن حجر يقول...

مت صامدا .... للشاعر الكبير فاروق جويده




مت صامدا
واترك عيون القدس تبكى
فوق قبرك ألف عام

قد يسقط الزمن الردىء..
ويطلع الفرسان من هذا الحطام

قد ينتهى صخب المزاد
وتكشف الأيام أقنعة السلام

ان نامت الدنيا
وضاع الحق فى هذا الركام
فلديك شعب لن يضل... ولن ينام

مت صامدا
واترك نداء الصبح يسرى هادرا
وسط الجماجم والعظام

اترك لهم عبث الموائد..
والجرائد.. والمشاهد.. والكلام

اترك لهم شبق الفساد..
ونشوة الكهان بالمال الحرام

اطلق خيولك من قيود الاسر
من صمت الماذن..
والكنائس .. والخيام

ان الشعوب وان تمادى الظلم..
سوف تدق أعناق السماسرة العظام

ان الشعوب وان توارت
فى زمان القهر..
سوف تطل من عليائها
ويعود فى يدها الزمام

فارفع جبينك نحو الشمس
ان الصبح آت..
لن يطول بنا الظلام

**********
مت صامدا
مت فوق هذى الارض .. لا ترحل
وان صلبوك فيها كالمسيح
فغدا سينبت ألف صبح
فى ثرى الوطن الذبيح

وغدا يطل الفجر نورا
من مآذنناا يصيح

وغدا يكون الثأر..
من كهان هذا العصر
والزمن القبيح

فانثر رفاتك فوق هذى الارض
تنفض حزنها
ويطل من اشلائها الحلم الجريح

اطلق نشيدك فى الدروب لعله
يوما يعيد النبض..
للجسد الكسيح

**********
مت صامدا
ماذا تريد الآن من هذى الحياه؟
مجد.. وسلطان .. وتيجان .. وجاه؟

ماذا تقول..
وانت تكبر كلما لاحت
امام القدس أطواق النجاه؟

ماذا تقول..
وانت ترفع امة سقطت
وضاعت تحت اقدام الطغاه؟

ماذا تقول..
وانت تبقى فى ضمير الناس حيا
كلما نادى المؤذن للصلاه؟

ماذا تقول..
وانت اقوى من زمانك؟..
انت اكبر من جراحك..
انت معجزة الاله

اى الوجوه سيذكر التاريخ
جلاد حقير..
ام شهيد عطر الدنيا ثراه..؟

فرق كبير..
بين من سلب الحياة من الشعوب
ومن اعاد لها الحياه

مت صامدا
والعن زمان العجز.. و المجد المدنس..
تحت اقدام الغزاه
فلكل طاغية مدى
ولكل ظلم منتهاه

**********
مت صامدا
حتى ولو هدموا بيوت الله
واغتصبوا الماذن

حتى ولو حرقوا الاجنة
فى البطون..
وعربدوا وسط المدائن
وحتى ولو صلبوك حيا .. لاتهادن

هل يستوى البطل الشهيد
امام مأجور.. وخائن؟

كن قبلة فوق الخليل
وكن صلاة فى المساجد

زيتونة خضراء تؤنس
وحشة الاطفال..
حين يقودهم للموت حاقد

كن نخلة
يساقط الامل الوليد على رباها
كلما صاحت على القبر الشواهد

**********
مت صامدا
لاشىء يغنى الناس عن أوطانهم
حتى ولو ملكوا قصور الارض
جاها.. أو سكن

كل الذى نبغيه من اوطاننا
ان نستريح على ثراها
حين يوؤينا الكفن

بعض الخيول يموت حزنا
ان تغرب لحظة..
يغدو سجين المحبسين
فلا امان.. ولا وطن

انت الشهيد فدا لارضك .. لا تمت
من غير ثأر ..أو قصاص ..أو ثمن

اغمض عيونك فوق عين القدس
واصرخ دائما
ان كل فيها العزم يوما.. أو هن

لا تأتمن
من خادعوك .. وشردوك . وضللوك
وضيعوا الاوطان فى سوق المحن

كن صيحة للحق
فى الزمن الملوث بالدمامة.. والعفن

لا تخش كهان الزمان الوغد
ان عروشهم صارت قبورا
فاترك التاريخ يحكم.. والزمن

**********
مت صامدا
والعن
كل ازمنة التنطع .. والهوان

أترى يفيد الحزن
فى وطن تخاذل .. واستكان؟

وطن يسلم سيفه للعاجزين
ويسجن الفرسان؟

العن بلادا تستبيح خيولها
وتقدم القربان للشيطان

مت صامدا
واترك زمان العجز للكهان
فلكل شىء فى الوجود نهاية
والويل... كل الويل للطغيان