ترجمة

الأحد، 25 أبريل 2010

هل يستجيب ويجنبنا ما يخاف منه ويحاذر؟؟؟

أحبائى...
اليوم وعلى تفاعلى المصرى اليوم.، و تعليقا على خطاب السيد الرئيس بمناسبة عيد تحرير سيناء ...كانت هناك ردود أفعال وتعليقات تعبر بحق عن ما يدور حول مطالب الإصلاح و التغيير .، كانت لى هناك عدة تعليقات أتيت لكم منها بتعليقى الأول ،وتعليقى الأخير لأدونهما هنا تسجيلا وجهرا برأيى وموقفى معذرة إلى الله ولعل أحد يسمع ويستجيب.،والخبر وجملة التعليقات على هذا الرابط...
(الأوّل)

سلامة القصد واحترام القانون.......!!!!
تعليق د/ محمد عبدالغنى حسن حجر ...تـاريخ ٢٥/٤/٢٠١٠ ٥٦:١٠
بصراحة ومن غير تنطع أو افتكاس لم أعد أتوقع أى جديد يأتى به خطاب السيد الرئيس ...خاصة فى ظل ما نعايشه ونشاهده وبالقطع تذهب به التقارير إليه .، فليس من المعقول أن يكون خطاب السيد الرئيس بعد فترة المرض والتى طالت كل هذه المدة ودعونا الله له فيها بالشفاء لشخصه وليس لمقامه الرئاسى ...فى حين تتواجد غالبية شعب مصر متمثلة فى كل أطرافه وهيئاته على رصيف مجلس الشعب وأمام دور القضاء والنقابات والميادين يئن من ظلم وقهر وتوحش غول الفساد والإستبداد .، ويشكوا إلى طوب الأرض الغلاء والإهمال والعجز والإحتكار بشكليه المادى والمعنوى .، ثم يخرج السيد الرئيس ليرحب نعم فقط ليرحب بالحراك ويشترط سلامة القصد"التفتيش فى النوايا" واحترام القانون ..!!!
ولست أدرى أى قانون يقصد الطوارىء أم قانون التظاهر الذى وضعه الإستعما ر !!!
سيدى الرئيس ..كلمة أقولها وأجرى على الله كما عبر معلق آخر محبة لمصر ..."أفرج عن مصر ياريس ...شعب مصر خلاص بيفيص....معظم الشعب حاله خلاص مبقاش كويس" رغم ما يأتيك من تقارير عن التنمية التى ذهبت إلى شلة المنتفعين من رجال مال وأعمال إقترنوا بالسلطة فى سفاح وليس نكاح .، ففجروا وعابوا فى الكل حتى المقام الرئاسى نفسه وداخل مجالس الأمة ..ألم يأتيك نبأ ما قام به" عز" أثناء نظر الإستجوابات التى تعنى بهموم الشعب فأخذ ينكت فى استظراف وعبث ولهو ماجن بل فاجر !!!..
والإستقرار الذى أصبح أشبه ما يكون بموت إكلينيكى لغالبية من فقراء هذا الشعب الذين يفترشون رصيف الطرقات أمام النقابات والمجالس النيابية ينتظرون الفرج من إصلاح وتغيير بحق وحقيقى يكون له أثره على أرض الواقع وليس مجرد ما كيتات ورسوم كارتونية على صفحات ورق داخل أدراج.، وأوهام وترهات فى مخيلة رجال أمانات الحزب الوطنى .، أو رصاصة الرحمة يطلقها عليه رجالات الحزب الوطنى .، وأزعم أن الأخير هو الأقرب!!!
(واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله)...صدق الله العظيم
*****
(الأخير)
ختاما ...أملى ورجائى ...فى خطاب الرئيس المنتظر...يوم عيد العمال...!!!
تعليق د/ محمد عبدالغنى حسن حجر...تـاريخ ٢5/٤/٢٠١٠ ١٣:١٥
وبما أنه وقد خابت كل الظنون .، وصدقت كل التوقعات الوطنية فى خطاب السيد الرئيس فى عيد تحرير سيناء .، والذى أبدا لم يخرج عن جمل معادة ومفاهيم مطاطة ...وتعابير رنانة لكن فى صياغة ركيكة.، يجب على السيد الرئيس أن يحذّر كتّابه لخطاباته أن يراعوا عقول الشعب المصرى التى تفتحت .، وتطلعاتهم التى تزايدت ونمت وارتقت .، وحالهم الذى وصل إلى حد العوز والإحتياج .، غير أنهم لم يعد يهمهم فيه حاجة إلى أن يصلوا إلى حد عيش الكفاف وخط الفقر الذى يتأرجحون حوله صعودا وهبوطا .، بل وصلت أمانيهم وآمالهم ومطالبهم إلى أن يصلوا إلى حد الكفاية فى كل مناحى الحياة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا .،
وعلى ذلك فإننى كفرد من أبناء هذا الشعب أتقدم بمسودة خطاب الرئيس المنتظر تقديمه فى عيد العمال القادم .، إليه وإلى كل معنى برجاء و أ مل ومؤمل بحسن ظن أنه يمكن من خلاله أى السيد الرئيس الإستجابة لذلك.، وهذه مهما قلنا وعارضنا وانتقدنا قناعة قطاع كبير من الشعب لايمكن إغفالها أو الوثوب على آمالهها.، حتى لو تشككنا فى إمكانية حدوث ذلك .، إلا أنه ليس لنا وبمنطق العدل فى القول وعدم الحجر على أحد إلا أن نأمل أن لاتخيب ظنونهم وتصدق توقعاتهم.،
وفى هذا لاأخالف إلى ما أنهى عنه غير أنى على يقين أننا بحاجة لمزيد من الأمل وتوسيع رقعة الرجاء فى الإصلاح والتغيير ..وليس غرض الأعمى كما يقولون قفة عيون بل تكفيه عين واحدة ليرى بها.،
ولهذا فإننى آمل وأرجو أن يتضمن خطاب الرئيس المنتظر فى عيد العمال ..سرد حقيقى وواقعى للحالة المصرية تمكن من التشخيص السليم ووصف العلاج الناجح ..عن طريق طرح المشكلات طبقا لما هى فى واقع أليم يحياه الشعب على أرض الواقع ومن خلال عيونه .، وليس من خلال واقع يعايشه ثلة وجماعة المنتفعين والفاسدين من رجالات الحزب الحاكم والنظام الفاسد والمستبد.،
ففى عيد العمال لايأمل الشعب زيادة فى علاوة تأكلها نار الغلاء بل يأمل ويرجوا العدل والمساواة دون استجداء أو استعداء واستعلاء من رجال الحزب والحكومة .،
فى عيد العمال يأمل المعتصمون على رصيف مجلس الشعب أن تكون هناك حلولا جذرية وناجزة لمشكلاتهم وضمانة عدم تكرارها ..،ومحاسبة المسؤلين عنها والمتأخرين عن حلولها.،
فى عيد العمال يأمل كل عامل وموظف أن يجد الضمان الإجتماعى والتأمين الصحى السليم طبقا لما تفرضه واجبات التكافل الإجنماعى وتحميه مواد الدستور فى مواطنة حقيقية لاتفرق بين غنى وفقير أو وزير وخفير ورئيس ومرؤس ليتحقق لهم العيش الكريم فى دولة حقيقية وليست دولة كأن.،
فى عيد العمال يأمل أصحاب المعاشات ضمانة حياتهم فى هذا السن هم وذويهم .، واسترداد حقوقهم وكذا ملياراتهم التى سطى عليها وزير المالية.،
فى عيد العمال يأمل الشعب أن يعلن الرئيس أنه مع التعديلات الدستورية والقانوية التى من شأنها إرساء قيم ومبادىء الحق لتكون الحرية والعدل والمساواة وضمان النزاهة والشفافية .، وحق كل مواطن أن يحيا بآدمية وإنسانية كفلها له الدستور والقانون محليا ودوليا شرعا وانسانية دون خوف أو وجل أو إتهام بخيانة وعمالة وتهديد بإطلاق الرصاص على المتظاهرين والمعتصمين وحتى على الخارجين على القانون ليعلى شأن دولة القانون والدستور بإعلاء شأن الفرد فيها.،
فى عيد العمال يأمل الشعب أن يقوم السيد الرئيس بتوجيه ضربة قاضية للفساد والإستبداد فى مصر كما وجه ضربته الجوية لصدر الكيان الصهيونى فتحررت سيناء.، وعلى ذكر سيناء فى عيد العمال يأمل الشعب أن يأمر السيد الرئيس بتفعيل التنمية لتكون واقعا ملموسا فى سيناء وسحب الأراضى الغالية من كل مستثمر غير جاد وغير وطنى سواءا كان أجنبيا خالصا أو مصريا مجنسا.،
فى عيد العمال يأمل الشعب أن يوجه السيد الرئيس كلمته إلى كل الدول العربية والإقليمية والعالمية بأن مصر رائدة كانت ولا زالت وستظل .، ودورها فى حماية الأوطان والمقدسات العربية والإسلامية لن يتراجع أكثر من ذلك بل وسيعود كسابق عصور فاتت ومرت لايهمها فيها من معها ومن ضدها لأننا فى رباط إلى يوم القيامة ليس فقط للدفاع عن لقمة العيش وحدودنا الجغرافية .، بل عن كل الأرض والعرض و المقدسات الإسلامية والعربية.،
فى عيد العمال يأمل الشعب أن يعلن الرئيس أن" الكرامة المصرية ونيل مصر " خط أحمر من يتجاوزه سيفاجأ بخير أجناد الأرض يقفون له مدافعين بل ومهاجمين لايفرق معهم كنه وحال وشخصية المعتدى أيا كان ديانته أو جنسه ولونه.،
فى عيد العمال يأمل الشعب أن تعود مصر للمصريين جميعا ويكون خيرها من مقدراتها وثرواتها مشاعا للجميع وليس حكرا على شلة المحتكرين والفاسدين ويكون لكل منا رأيه وجهة نظره المعتبرة فى كل مناحى حياتنا.،
وهذه بعض من كل أمانى وتطلعات الشعب والتى وإن أبداها وتكفل بها السيد الرئيس وتضمنها خطابه القادم فى عيد العمال ستكون البداية الحقيقية نحو إنطلاقة جديدة.، وعهد جديد ينعم فيه الجميع بما يأمله ويرجوه من إصلاح وتغيير بحق!!!!
فهل يستجيب السيد الرئيس.، ويحذر مما هو منه يخاف ويحاذر؟؟؟
أرجو ذلك!!!
*****

الأربعاء، 21 أبريل 2010

إسرائيل وحرب المياه المقدسة ضد مصر...!!!!


أحبائى ...
لابد وأن يقر فى قلب وعقل كل منا يقينا بإيمان صادق لا يداخله أى شك ...أننا جميعا وكل أهل مصر لايمكن أبدا أن نعدم الحلول ، والبدائل ، والرؤى ، والأطروحات ، والأفكارالثمينة التقليدية منها والغير تقليدية لمواجهة هذه الأزمة وتجنب هذه الحرب بل الإنتصار فيها على كل من يكيد لنا فى هذا الشأن .، ولكن....،

المشكلة تكمن فيمن بيدهم مقاليد الأمر وفى سدة الحكم ..من أصمّوا آذانهم ، وأعموا عيونهم عن الحقيقة المرة أنهم((( فاشلون))) وغير مهتمون بالأمن القومى المصرى حقيقة.، وإن كانوا يتغنون به.. ففقدوا النية وعدموا الإرادة لتحقيق ذلك بما يغنى الشعب عن أى عوز واحتياج وفقر وفاقة ...واندفعوا بكل ما أوتوا من قوة وبأس وامتلاك أمر نحو الإستبداد السياسى لحماية الفساد الإقتصادى .، وعزلوا أنفسهم عن أهل العلم والخبرة وأهل الإختصاص .،
والانكى والمؤسف أنهم عزلوا أنفسهم عن الشعب الذى أيأسوه بفضل الإهمال والعجز والإحتكار الذى ساد كل مناحى الحياة...، ولا حل ولا إصلاح إلا بتغيير هذه الفئة والثلة الحاكمة!!!
واسمحوا لى بعرض رأى واحد من أهل الخبرة والإختصاص لعله يكون بداية جادة وحقيقية لنحدد من خلاله توجهاتنا ونصوب مطالباتنا نحو الهدف الصحيح...
قال الدكتور مغاوري شحاتة الخبير في شؤون المياه: "إن أزمة حوض النيل بدأت منذ تحرر دول الحوض من الاستعمار حيث قادت إثيوبيا تياراً يرفض التوقيع على أي اتفاق بشأن مياه النيل، لافتاً إلى أن إثيوبيا تستند إلى أن نحو 85% تقريباً من مياه النيل تأتي من أراضيها ولذلك فهي ترفض على الدوام التعاون والاتفاق مع مصر تحديداً وتصر على أن تحضر أية اجتماعات أو مشاورات لدول الحوض بصفة مراقب". اضاف: "رغم أن هناك اتفاقيات كانت أديس أبابا طرفاً فيها منذ عام 1902 إلا أنها ترفض التعاون مع مصر، مشيراً إلى أنه تم توقيع اتفاق تعاون بين مصر وإثيوبيا عام 1993 ولم تلتزم الأخيرة به، مضيفاً أنه عندما أثيرت القضية في الأمم المتحدة عام 1997 رفضت إثيوبيا التوقيع على الاتفاق الإطاري". وتابع: "رغم الانتعاش المصري في فترة السبعينات إلا أنه لم يتم الالتفات للتعاون مع إفريقيا في الوقت الذي بدأت فيه دول أخرى تتصارع على الوجود في القارة السمراء، وبدأ بالفعل تنفيذ مشروعات سدود خاصة في إثيوبيا حيث بدأ إنشاء أربعة سدود تستهدف حجز 73 مليار متر مكعب من المياه، وتصاعد الأمر تدريجياً مع اشتداد عود تلك الدول حتى وصل إلى التهديد باستبعاد مصر والسودان من اتفاقية مياه النيل. مشدداً في الوقت نفسه على ضرورة أن تدرك مصر أنها أمام تهديد حقيقي لأمنها القومي وأنه تجب مواجهة ذلك التهديد على المستويات السياسية والدبلوماسية والقانونية، مشيراً إلى ضرورة أن يكون ملف المياه في يد جهة أخرى غير وزارة الري وأن يكون متصلاً بشكل مباشر برئاسة الدولة وأجهزة الأمن القومي فيها.!!!
أحبائى..
جميعنا ندرك أن إسرائيل مستندة إلى أمريكا هى من تقف خلف هذه الأزمة... ولكن السؤال لماذا اشتدت الازمة هذه الأيام؟؟؟؟

ولعل فى هذا الكلام نتعرف على الإجابة..
تتعرض مصر منذ عقود لمحاولات متكررة وضغوطات متواصلة من قبل قوى عالمية واقليمية تقف ورائها اسرائيل بهدف دفعها الى القبول بتزويد اسرائيل بقسم من مياه النيل. وقد اصبحت هذه المهمة قابلة للتنفيذ بعد ان قامت مصر بمد انبوب ضخم لتوصيل مياه النيل الى شبه جزيرة سيناء وقد وصل هذا الانبوب ومياهه الى العريش ومناطق اخرى قريبة جدا من صحراء النقب والحدود الاسرائيلية. وبذلك تخطت مياه النيل حدود افريقيا ودخلت الى اسيا.
وعليه تطالب اسرائيل بان يكون لها حصة من مياه النيل ولكن مصر والشعب المصري طالما رأى بالنيل امرا مقدسا لا يمكن التفريط باي جزء منه وهو المقوم الأساسي للحياة في مصر .، ووادي النيل وعليه رفضت رفضا قاطعا تحويل أي جزء من مياه النيل لإسرائيل لا سيما أن الرأي العام المصري ما زال وسيظل يرى بإسرائيل عدوا لا يعقل ان يشرب من نيلها !!!
ولكن وفي الاونة الاخيرة ومع اشتداد أزمة المياه في إسرائيل والمنطقة وتعرضها لسنوات جفاف من المتوقع أن تزداد حاجتها للمياه للحفاظ على مستوى حياة النمط الأوروبي لليهود المستوطنيين. فقد عادت اسرائيل للبحث عن وسائل لإجبار مصر على تزويدها بمياه النيل.، ولذلك لجأت الى تحريض الدول الافريقية السبع ( عدا السودان) الواقعة على وادي النيل وخاصة أثيوبيا الحليف الاستراتيجي لاسرائيل للمطالبة بإعادة اقتسام مياه النيل.، إلا إذا وافقت مصر على تزويد اسرائيل بالمياه بسعر رمزي على غرار ما حدث مع الغاز الطبيعى.، وتقول المصادر ان الحكومة المصرية باتت في صراع عنيف بين خشيتها من تحكم الدول الإفريقية بمياه النيل بدعم اسرائيلي – امريكي كما فعلت مع تركيا بمياه دجلة والفرات لتزويد إسرائيل عبر البالونات والسفن الى ميناء تل أبيب مقابل الإنضمام للإتحاد الأوربي كأحد أوراق اللعبة السياسية ، وبين خشيتها من ردة الفعل المتوقعة من جانب الشعب المصري خاصة بعد مايحدث من ردة فعل على صفقات الغاز الطبيعى لإسرائيل .
وهذا ما يؤكده د. عمار على حسن ـ مدير مركز أبحاث ودراسات الشرق الأوسط ـ الذى يلخص أزمة مياه النيل في ثلاثة نقاط (1)رغبة النمو الاقتصادي لدول حوض النيل.(2) والمخطط الإسرائيلي .(3)والفشل الدبلوماسي المصري في مواجهة الغضب المتزايد من جانب دول حوض النيل نتيجة حصة مصر من المياه.
ويوضح أن الإتفاق الذي أجري سنة 59 بين مصر والسودان بخصوص حصتها من ماء النيل وعلى مدار نصف قرن لم تحاول مصر علاج الآثار السلبية المترتبة على اتفاق ثنائي حتى يسير على دول حوض النيل التسعة. وطبعا الدبلوماسية المصرية لم تنجح حتى هذه اللحظة في إقناع هذه الدول بخصوص حصتها من نهر النيل. وتواجه دول حوض النيل مشكلة حالية تتمثل في عدد سكانها ورغبتها في توسيع المناطق الزراعية من خلال استصلاح الغابات والأراضي الصحراوية، وبدأت تفكر في إنشاء سدود لمنع تدفق المياه إلى الشمال، ومن المعروف أن نهر النيل يأتي من الجنوب إلى الشمال من المناطق المرتفعة إلى مناطق منخفضة. وبالتالي يتطلب إيقافها إقامة سدود لاستغلالها في الزراعة، فلجأت للتفتيش في دفاترها القديمة وتوصلت إلى نتيجة أن مصر لا تستحق كل هذه الكمية من المياه وتصاعد صوتها في السنوات الأخيرة لإعادة النظر في الاتفاقية وتحركت مصر لإصلاح ما فشلت فيه على مدار السنوات الماضية نتيجة الصمت الطويل على ما كان يجب أن يكون. أما عن مطامع إسرائيل فهي تريد الضغط على مصر من خلال نهر النيل، حيث أن هضبة الحبشة بإثيوبيا تمد مصر بـقدر لا يستهان به من مياه النيل وهي دولة لا تملك إمكانيات تكنولوجية أو مادية تمكنها من أن تمنع تدفق المياه إلى الشمال،
ولكن إسرائيل تعرض عليها تزويدها بالقدرات التي تمكنها من إقامة السدود التي تحجز بها المياه. وتهدف إسرائيل بذلك إلى التحكم في مياه النيل كورقة ضغط كبيرة على السياسة المصرية لتكون مضطرة لتقديم تنازلات في ملف الصراع العربي الإسرائيلي. كم أن لديها أطماعا في مياه النيل فهي تسرق المياه من الضفة الغربية ومن نهر الأردن وبحيرة طبرية ولكن هذه الكمية في تناقص مستمر وعدد سكانها يزيد نتيجة الهجرات المستمرة، وبالتالي قد تستغل تحكمها في مياه النيل من الجنوب في إجبار مصر على إكمال مشروع مد إسرائيل بمياه النيل عن طريق الإسماعيلية حتى تصل للأراضي الفلسطينية المحتلة، وهو المشروع الذي تم إجهاضه بالمعارضة الشديدة من الحركة الوطنية المصرية في السبعينات.!!!
والسؤال الآن
هل نتركها تنجح فى ذلك .، وهل ستظل الحكومة المصرية مصرة على أنه ليس فى الإبداع أكثر مما كان حتى يرضى الشعب بذلك؟؟؟
هذا ما ستفسر وتجيب عنه الأيام القادمة...!!!
والآن إليكم المخططات الاسرائيلية لاستغلال نهري دجلة والفرات ونهر النيل:-
يقول الباحث: عبدالوهاب الجبوري.....
يقول هرتزل مؤسس الحركة الصهيونية (ان المؤسسين الحقيقيين للارض الجديدة القديمة هم مهندسو المياه ، فعليهم يتوقف كل شيء) وفي ضوء هذا الادعاء والنوايا التوسعية ربطت المنظمة الصهيونية منذ تاسيسها الرسمي في العام 1897 بين موضوع المياه وتاسيس كيان غاصب على ارض فلسطين قابل للتمدد ليشمل اراض عربية اخرى . وهذا يعني ان لهذا الكيان في المخططات الصهيونية مرحلتين :
الاولى : بدات اهدافها تتحقق منذ العام 1948م وتجسدت بدولة اسرائيل(الصغرى) التي اقيمت على ارض فلسطين . وفي هذه المرحلة شملت الاطماع المائية الصهيونية انهار الاردن وبانياس والحصباني والليطاني واليرموك وروافدها في الاردن ولبنان وسوريا وفلسطين اضافة الى مصادر المياه الجوفية في الاراضي العربية المحتلة ،
اما في المرحلة الثانية ، اي مرحلة تحقيق الحلم الصهيوني او ما يسمى (اسرائيل الكبرى) فالأطماع المائية الصهيونية تتوسع لتشمل انهار دجلة والفرات والنيل ضمن اقطار العراق وسوريا ومصر وذلك استنادا الى نص توراتي دونه لاغراض سياسية محدودة حاخامات اليهود الذين كتبوا التوراة - التي بين ايدينا -ورد في الاية(18) الاصحاح (15) من سفر التكوين يقول:(في ذلك اليوم قطع الرب مع ابرام ميثاقا قائلا: لنسلك اعطي هذه الارض من نهر مصر الى النهر الكبير نهر الفرات).. من هنا ترفع اسرائيل شعارها سيء الصيت على صدر قاعة الكنيست (من الفرات الى النيل .. ارضك يا اسرائيل).
وتتضح هذه الاطماع أيضا في تصمميم العلم الاسرائيلي وشكله اذ يتكون من خطين ازرقين افقين بينهما نجمة سداسية سميت نجمة داؤد ويمثل الخط العلوي نهر الفرات بينما يمثل الخط السفلي نهر النيل .
وهكذا يتضح ان هذه الاطماع ما زالت تشكل المحرك الاساسي للسلوك الاسرائيلي نحو المياه العربية ، وهي الاطماع التي تتخذ اشكالا واغطية متعددة ياتي في مقدمتها استخدام القوة العسكرية مما يدفع الى الاعتقاد بان اي حرب عربية اسرائيلية قادمة لن يكون الحافز لها عامل الارض فقط بل المياه ايضا .لقد برزت مسالة المياه ببعدها الإستراتيجي منذ عقد السبعينات كاحدى مفردات الصراع العربي الاسرائيلي واحدى مفردات الازمات مع دول الجوار الجغرافي للوطن العربي .
ومن البديهي ان يكون هذا الموضوع وتطوراته متداخلا مع العناصر الاساسية للسياسة الامريكية تجاه المنطقة والتي تم بلورتها وصياغتها منذ اواخر القرن العشرين عبرمشاريع استراتيجية كمشروع(تزويد اسرائيل بمياه النيل) ومشروعي(جنوب شرق الاناضول) و(انابيب السلام) في تركيا ، المقامين على نهري دجلة والفرات واللذين تقف وراءهما اسرائيل وتدعمهما الولايات المتحدة ، في محاولة لدمج اسرائيل في المنطقة من خلال مشاريع مائية مشتركة واستغلال امكانيات تركيا المائية وتعزيز دورها في اطار استراتيجية امريكية شاملة . ففي حين يخضع مشروع(جنوب شرق الاناضول) لخطة طويلة الامد لتغيير معالم المنطقة على حساب العراق وسوريا فان المشروع الثاني يعتمد على تسخير مياه النهرين المذكورين ، وعلى حساب العراق وسوريا ايضا ، وبيعها لدول اخرى في المنطقة ومنها اسرائيل وذلك في اطار مسعى امريكي اسرائيلي لربط هذه المشاريع بعملية التسوية المتوقفة حاليا . ان مشروع تنمية الاناضول(الكاب) يعتمد على 80% من مياه نهر الفرات و 20% من مياه نهر دجلة وسيتسبب هذا المشروع ، في حالة عدم وجود اتفاقية مائية بين تركيا والعراق وسوريا تراعي مصالح البلدان الثلاثة واحتياجات كل منها للنسب المائية المطلوبة ، في انخفاض كميات المياه الداخلة الى العراق وسوريا بشكل كبير مما سيضر باوضاعهما الاقتصادية والزراعية والصناعية وسيزيد من نسبة الملوحة في مياه النهرين الخالدين لدرجة يتعذر معها زيادة المساحات المزروعة او استغلال اية ارض جديدة.. ومما لا شك فيه ان هذا الموقف التركي قد يعني من بين امور اخرى ان اسرئيل تتعمد الابتعاد عن خط المواجهة المباشرة مع العرب فيما يتعلق بالامن المائي وتعمل على استخدام دول الجوار في تحقيق اهدافها وتوظف الهاجس المائي للضغط على الاقطار العربية كي تتفاوض معها وتستخدم المساعدات الفنية والخبرات التقنية لضخ المياه من احواض الانهارالعربية لمصلحتها الى جانب ذلك تتعامل اسرائيل مع المشاريع المائية التركية لضمان استمرار حصولها على(250-440) مليون متر مكعب من هذه المياه .. ولوضع هذه الستراتيجية موضوع التنفيذ قامت الحكومة الاسرائيلية بتشكيل فريق عمل مؤلف من(45) خبيرا من وزارتي الدفاع والزراعة والقوة الجوية ومركز الاستشعار عن بعد لاعداد دراسة لمنابع الانهار العربية ومصادر المياه الجوفية في الوطن العربي بالاستفادة من صور الاقمار الصناعية وخرائط المياه الجوفية التي اعدتها وسائل التجسس الامريكية .. على صعيد اخر فان اللقاءات الاسرائيلية التركية التي تجري باستمرار تطرقت الى موضوع المياه وضرورة اثارته في هذه المرحلة لتحقيق ثلاثة اهداف رئيسية :
1.ممارسة المزيد من الضغط على العرب واستغلال الظروف التي يمر بها العراق حاليا لامرار مشاريع تسوية القضية الفلسطينية حسب المواصفات والشروط الاسرائيلية.
2.اظهار تركيا واسرائيل على انهما متمسكتان بمشروع(انابيب السلام) رغم اعتراض بعض الاطراف العربية وذلك كحل وحيد لازمة المياه القادمة في المنطقة والتي يحتمل تفاقمها مستقبلا.
3.اظهار تركيا وكانها طرف شريك في عملية التسوية والترويج لفكرة(ان السلام لا يعيش دون المياه) و(ان المياه لدى تركيا) ..
خلاصة القول ان تركيا واسرائيل ستحصلان على مواقع متقدمة في المشاريع الشرق أوسطية التي بوشر بتطبيقها في المنطقة منذ الفترة التي سبقت الحرب على العراق وما زالت تطبخ على نار هادئة والتي يمكن يلخصها بعبارة(تفعيل التكنولوجيا الاسرائيلية مع المياه التركية باستخدام العمالة المصرية واستثمار الاموال الخلجية )..وفي ضوء ما تقدم فإن التوقعات المحتملة تشير الى سعي القوى الكبرى والإقليمية الى ادخال العراق ضمن هذه المشاريع كونه البلد العربي الوحيد الذي يجمع بين الثروات الإستراتيجية الثلاث : القوة البشرية والمياه والنفط.
ولعل هذا هو ما يحدث بالفعل بعد الإحتلال الأمريكى للعراق!!!!
ولم يبقى إلا أن نقول صدق الله العظيم(ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين) ولكن أين أمة العرب والمسلمين؟؟
لأن الأمر لايقتصر على مصر خاصة!!!!
اللهم قد بلّغت اللهم فاشهد.، وحسبى الله ونعم الوكيل!!!
*******

الأربعاء، 14 أبريل 2010

إنى مسلم وكفى....!!!

أحبائى...
فى أيام نحسات فى صورة عرض مستمر يعمد الكثير من الناس إلى الخلط بين بعض المفاهيم الحديثة والتعابير المطاطة وصحيح الإيمان والعقيدة فى تصور منهم أنهم يحسنون صنعا أو بلغتهم يجملون صورة الإسلام التى قبحها بعض المتدينيين .، وبعيدا عن التشدد والتطرف فى فهم بعض الجماعات والذى يمكن مراجعته وتعديله بالصحيح المنقول وليس بما تستحسنه العقول .، فإن هذا الخلط وتلك المفاهيم والمصطلحات إذا لم تتقيد بحدود الشرع وصحيح الدين فإنها حتما ستؤدى إلى تطرف أشد وتفسد أكثر مما تصلح .. ولذا.،
لهذا وذاك أكتب هذه الأرجوزة!!!
إنى مسلم وكفى...!!!
(1)
عجبت لمن يزعم أن يستقيم الظل والعود أعوج ..
فكيف لمؤمن بعقيدة أن يطبق كل
ما جاء فيها وهو يزعم صدق غيرها ..،
وأنّى يستقيم فهما لها وهو يجحد بعض نصوصها .،
وكيف لفرع يستغنى عن جزع كان منه نبته ...
بل كيف لشجرة أن تصلب فى
وجه ريح بعد قطع جذروها.. ،
وأنى لها تحيا والماء المالح ريّها ...،!!!
(2)
عجبت لمؤمن بالكتاب والسنة ينكر بعضها...
فكيف لأمة أنكرت قول رسولها..
يوما تقابل فيه وجه ربها .،
وهو القائل من أطاعه أطاعنى
ومن عصاه عصانى والنار مثوى له.،
وأمرنا بالإيمان بالكتاب كله.،
ونهانا عن الإستغناء ببعضه عن بعضه. ..
وذم فيه قوم حرّفوا قاسية قلوبهم ...
آمنوا بالبعض وللبعض أنكروا...
وقام فيهم كل عالم تبعا لظن
أوهوى يضاهى قول الله تعالى بقوله...،!!!
(3)
عجبت لمن يشابه مسيحى بوضع صلبانه ..
على صدر أو بوشم وحتى فى بيته على جدرانه...
فكيف لمسلم يخالف آية فى قرآنه ..
ماقتلوه وما صلبوه ولكن شبّه لهم ..،
وكيف له أن يغفل عن قوله لكم دينكم وله دينه...
ومن لم يسلم فهو كافر وليحيا
على أى دين شاء له ...
غير أن أمة الإسلام أبدا
لاتقر بصحيح عقيدة له....
ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وله ..،!!!
(4)
عجبت لمن يربط المواطنة بتغيير
سنة الله فى كونه بحق الإختلاف ...
فكيف يتحقق فى زعمه وهو يريد
كل الناس تقول قوله وتنتهج نهجه .، !!!
فيا أيها الناس إنى مسلم وكفى...
لا ليبرالى ولا علمانى.،
ولا سنى ولا شيعى ولا قرآنى .،
ولا أدين بشىء غيره...،
فالله فى دينى يأمرنى بالحب
والمودة والسلام والإخاء .،
والتعايش فى سعة إختلاف مع كل خلقه..،
وكرّم الإنسان بعقله ليميز بين ما ينفعه وما يضره .،
وشرع الشرائع والملل ليلتزم الناس بالدين ويحتموا بشرعه ..،
وأمر أمة الإسلام بالإيمان بكل ما سبق من شرائع أنبيائه ..،
حين نزلت عليهم وليست بعد أن حرفت
من أمة كل نبى خالفته بعد أن إرتقى لربه.،
لايضرهم أبدا ضلال من ضل إذا إهتدوا بهديه....
يسالموا من سالموهم ولايعتدوا...
إلا على من البغى والعدوان كان نهجه وشرعه !!!
(5)
ولم يبقى لى إلا التأكيد على ما سبق أن أعلنته مرارا وتكرارا
(((
فرق شاسع بين الإيمان بصحيح الدين والعقيدة ..
وبين الإيمان بضرورة وحقوق المواطنة والتعايش السلمى ..
فهى فرع من أصل الإسلام وظل من ظله.،
ولا يستقيم أبدا ظل والعود أعوج.،
ولا يستغنى فرع عن أصله
))) !!!
نكتة وطرفة:-
كيف تعرف أن فى بيتك مدمنا؟؟؟
كان هذا سؤال فى إحدى الحملات القومية لمحاربة الإدمان للمخدرات .،
وكانت إجابته كمايلى:-
(1) أشياء عديدة من البيت تختفى!!!
(2) نائم بالنهار.، ويقظان بالليل !!!
(3) عصبى المزاج يتشاجر لأتفه الأسباب !!
(4) لايرى غير مايريد ولايعرف غير الكيف !!!
(5) لايصاحب غير أصدقاء السوء!!!
وعلى غرار هذا الكلام دعونى أصحبكم لنتعرف سويا على مدمنى" التنطع فى الدين" إما غلوا وتطرفا وتشددا وإما تساهلا وانحلالا ..من رويبضات هذا الزمان من المتطرفين .، والقرآنيين.، والعلمانيين .،والليبراليين.، وكل فصيل سوّد أيامنا وجعلها كماء البرك وهباب الطين.،
ونسأل كيف تعرف أن محدثك مدمنا؟؟؟
وستكون الإجابة كما يلى :-
(1) شرائع عديدة من الدين تختفى من فكره وعقله وأيدلوجياته وثقافته الفكرية والسياسية وحياته الإجتماعية!!!
(2) نائم بالنهار عن المشكلات الهامة والعاجلة وضروريات الحياة .، ويقظان بالليل يبحث عن الغريب .،والشاذ .،والمرجوح .، والضعيف من أقوال وآراء العلماء ليفتن بها الناس ويرضى بها غروره تبعا لوساوس شيطانه ونفسه وهواه!!!
(3) عصبى المزاج يتشاجر لأتفه الأمور ويقف عند الأمور البسيطة والمسكوت عنها ... ليعلن فيها عن جهاده .، فيفتعل معارك طاحنة وكأنه عنترة بن شداد ، أو أبوزيد الهلالى فى زمانه !!!
(4) لايرى غير مايريد لنفسه ورأيه من حب الظهور والشهرة .، ولا يعرف غير ما يزيد غروره ويفتن به الناس ظنا .، وهوى متبع فى شح مطاع مادى ومعنوى جاهلا جهولا!!!
(5) لاتجد حوله ولا أمامه ولا خلفه غير أصدقاء وبطانة سوء تزيّن له كل قبيح .، وتقبّح له كل حسن.، وتصفق له وكأنه أراجوز فى سيرك.، أوكالذى يتخبطه الشيطان من المس!!!
أخيرا بقى أن نعلم ..
(((أن الطريق إلى الله وهو الإسلام بقيادة القرآن والسنة وإجماع الأمة قياسا واسنادا . وإن كانت وجهته واحدة إلى الحق غير أنه رحب واسع فسيح به حارات متعددة تحمل وتسع كل المؤمنين الموحدين بالله على إختلاف مشاربهم وتعدد مذاهبهم .، به من يسير فى الوسط معتدلا .، وبه من يجنح إلى اليمين لكن عليه أن يحذر ما وضع له من علامات إراشادية.، وخطوط طولية تحدد له نهاية الطريق فى جانبه حتى لايغلو فى دين الله ولا يتشدد ولا يتطرف ولا يقول على الله إلا الحق .، وبه من يجنح جهة اليسار ولكن أيضا عليه أن يحذر ما وضع له من علامات إرشادية .، وخطوط طولية تحدد له نهاية الطريق من جانبه حتى لايضل ولايخزى.، وعلى الجميع مراعاة آداب هذا الطريق ويحترموا قواعده فيما بيّن الله لهم ورسوله صلى الله عليه وسلم من حلال بيّن وحرام وبيّن .، ويجتنبوا ما بينهما من مشتبهات لايعلمها كثير من الناس ..فمن اتقى الشبهات كالراعى يحوم حول الحمى يواشك أن يواقعه ..ألا وإن لكل ملك حمى.، وحمى الله فى أرضه محارمه سواءا من الحلال أو من الحرام فلا إسراف ولا تقطير .، ولا إفراط ولا تفريط "الحسنة بين السيئتين" هذا ديننا ))) !!!

اللهم قد بلّغت اللهم فاشهد
*****

الثلاثاء، 13 أبريل 2010

إشتباك الأخين الحلوين..جمال البنا وتامر أمين !!!!

أحبائى...
فى برنامج "مصر النهار ده" دار حوار ونقاش بين الأخين الحلوين وهذا التعبير كان أول رد فعل لى بعد مشاهدة الحلقة وخاصة تلك الفقرة "إشتباك" والتى عمد فيها معدوا البرنامج مع المذيع لتقديم فكر جمال البنا وحسبوا أنهم يأتون بجديد ولم يدروا أنه مجرد إفلاس منهم.، وعلقت بمثل هذا المعنى على موقع البرنامج مطالبا بتحويل الحلقة والمذيع إلى لجنة تقييم إعلامى إسوة بما حدث مع الأستاذ/محمود سعد فى حلقة المستشار والكابتن وأتبعت بهذا التعليق...

يشرفنى أن أكتب إليكم بما أفاض الله على من علم تشربته على يد رجال الأزهر الشريف وعلماؤه ، ردودا على كل النقاط التى وردت بحوار الأستاذ / تامرأمين مع المدعو الموتور /جمال البنا فى فقرة "إشتباك" أول أمس.،
ولقد راسلت موقع البرنامج به لعله ينشر ...!!
إنطلاقا من القاعدة الفقهية والشرعية الأصيلة والتى تنص على أنه "لايجوز تأخير بيان الحال عن حال وقوعه".، واستنادا للقاعدة الفقهية و الشرعية الأصيلة أيضا والتى تنص على "أن الله تعالى واجب عبادته بالصحيح المنقول وليس بما تستحسنه العقول"!!!
أقول بعد حمد الله والثناء عليه.، والصلاة والسلام على رسوله صلى الله عليه وسلم .، والترضى على السلف الصالح رضوان الله عليهم جميعا ...

(1) قضية إمامة المرأة فى الصلاة للرجال..
إنه مما تعارف عليه ونقله لنا السلف الصالح رضوان الله عليهم .، واجتمع عليه وارتضاه الخلف من علماء الأمة وفقهاؤها قدامى ومحدثين أن الصلاة والتى هى عماد الدين وركن من أركان الإسلام الخمس عبادة وفريضة أمرنا بها المولى الكريم ولكن دون أن يحدد لنا كيفتها ولا عدد ركعاتها ولاصفتها ولا مايدور فيها قياما وقعودا .، ركوعا وسجودا.،صفا للصفوف وتشهد وختم للصلاة بالسلام والتسبيح .، وكان إدراك الناس لكل ذلك منها إنما بفعل الرسول صلى الله عليه وسلم وقوله "صلوا كما رأيتمونى أصلى" ومن كان يستريب فى أمر أو يداخله شك وحتى يغيب عنه فهم كان يسأل النبى صلى الله عليه وسلم حتى تم الأمر ونعمة الإسلام .، وكمل الدين وارتضاه الله لنا على الصورة التى تركنا عليها فيها النبى صلى الله عليه وسلم .، ولم يرد عنه صلى الله عليه وسلم لافى خبر متواتر" أى تناقل عبر جماعات" وهو ما يقبل به جمال البنا وجماعته ومن على شاكلته.، أو حتى خبر آحاد "أى روى مفردا بالعنعنة ..راوى عن راوى حتى ينتهى إلى النبى صلى الله عليه وسلم " والتى يهاجمها جمال البنا وكتب فيها كتبا ومقالات تحت عنوان "جناية قبيلة حدثنا .." وسار على نهجه كثيرون ممن يسمون أنفسهم بالقرآنيين ...أقول لم يرد لافى هذا أو ذاك أنه صلى الله عليه وسلم أمر إمرأة لتؤم الرجال حتى ولو كانت أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها .، والتى قال عنها خذوا نصف دينكم عنها أو أى واحدة من زوجاته صلوات ربى وتسليماته عليهن والذى قال الله لهن بل أمرهن بقوله(واذكرن ما يتلى فى بيوتكن من آيات الله والحكمة)!!
فلماذا يرتد البنا الآن على ما ارتضاه سلفا؟؟؟
و يجتهد فى أمر قضى وارتضاه الله والرسول صلى الله عليه وسلم!!!؟؟
أم أنه والعياذ بالله يتهمهم بالغفلة أو التدليس على الأمة حاشاهما .، كما يتهم السلف الصالح رضوان الله عليهم وعلماء الأمة والصحب الكرام!!!
والأنكى والغريب أننا نسمع منه ونطلب محاورته ومناقشته!!!
غفر الله لنا جميعا!!

(2) قضية الحجاب للمرأة..
وأكتفى فيها بما ورد من الكتاب والسنة...
وفي هذه الأدلة برهان ساطع على وجوب الحجاب، وإفحامٌ واضح لمن زعم أنه عادة موروثة أو أنه خاصٌّ بعصور الإسلام الأولى.
أولاً : أدلة الحجاب من القرآن الدليل الأول : قوله تعالى { وَقُل للمُؤمِنَاتِ يَغضُضنَ مِن أَبصَارِهِن وَيَحفَظنَ فُرُوجَهُن وَلاَ يُبدِينَ زِينَتَهُن إِلا مَا ظَهَرَ مِنهَا وَليَضرِبنَ بِخُمُرِهِن عَلَى جُيُوبِهِن وَلاَ يُبدِينَ زِينَتَهُن } إلى قوله: { وَلاَ يَضرِبنَ بِأَرجُلِهِن لِيُعلَمَ مَا يُخفِينَ مِن زِينَتِهِن وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيهَا المُؤمِنُونَ لَعَلكُم تُفلِحُونَ} [ النور:30 ] .قالت عائشة رضي الله عنها "يرحم الله نساء المهاجرات الأُول؛ لما أنزل الله وَليَضرِبنَ بِخُمُرِهِن عَلَى جُيُوبِهِن شققن مروطهن فاختمرن بها" [ رواه البخاري ] .الدليل الثاني : قوله تعالى : { وَالقَوَاعِدُ مِنَ النسَاء اللاتي لاَ يَرجُونَ نِكَاحاً فَلَيسَ عَلَيهِن جُنَاحٌ أَن يَضَعنَ ثِيَابَهُن غَيرَ مُتَبَرِّجَاتِ بِزِينَةٍ وَأَن يَستَعفِفنَ خَيرٌ لهُن وَاللهُ سَمِيعٌ عِلِيمٌ } [ النور : 60 ] .الدليل الثالث : قوله تعالى :{ يأَيهَا النبِي قُل لأزواجِكَ وَبَناَتِكَ وَنِسَاء المُؤمِنِينَ يُدنِينَ عَلَيهِن مِن جَلابِيبِهِن ذلِكَ أَدنَى أَن يُعرَفنَ فَلاَ يُؤذَينَ وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رحِيماً } [ الأحزاب : 59 ] .الدليل الرابع : قوله تعالى :{ وقَرنَ فِي بُيُوتِكُن وَلاَ تَبَرَّجنَ تَبَرجَ الجاَهِلِيةِ الأولَى } [ الأحزاب : 33 ] . الدليل الخامس : قوله تعالى : { وَإِذَا سَأَلتُمُوهُن مَتَاعاً فـاسـأَلُوهُن مِن وَرَاء حِجَابٍ ذلِــكُم أَطهَرُ لِقُلُوبِكُم وَقـُلُوبِهِن} [ الأحزاب : 53 ] .
ثانياً : أدلة الحجاب من السنة : الدليل الأول : في الصحيحين أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: يا رسول الله، احجب نساءك . قالت عائشة : فأنزل الله آية الحجاب . وفيهما أيضاً : قال عمر : يا رسول الله، لو أمرتَ أمهات المؤمنين بالحجاب . فأنزل الله آية الحجاب . الدليل الثاني : عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : "المرأة عورة" [ الترمذي وصححه الألباني ] وهذا ليس من باب إنتقاص المرأة والتقليل من شأنها بل هو من باب فرض الستر لها ووجوب الحفاظ عليها ومن باب هذا قوله صلى الله عليه وسلم فيما معناه " الأكل والنوم عورتان فاستروهما ". الدليل الثالث : عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: "من جرَّ ثوبه خُيَلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة" فقالت أم سلمة رضي الله عنها : فكيف يصنع النساء بذيولهن؟ قال : "يرخين شبراً" فقالت : إذن تنكشف أقدامهن . قال : "فيرخينه ذراعاً لا يزدن عليه" [ رواه أبو داود والترمذي وقال : حسن صحيح ] .
توضيح بسيط لقوله تعالى : { وَليَضرِبنَ بِخُمُرِهِن عَلَى جُيُوبِهِن} [ النور : 30 ] . قال العلماء "فإن الخمار ما تخمِّر به المرأة رأسها وتغطيه به كالغدقة، فإذا كانت مأمورة بأن تضرب بالخمار على جيبها" فتحة الصدر "كما أكد هو نفسه كانت مأمورة بغطاء الشعر أصلا وزاد من يرى فرضية النقاب وجوب تغطية الوجه معهم .ثانياً : قوله تعالى : { يأَيهَا النبِي قُل لأزواجِكَ وَبَناَتِكَ…} [ الأحزاب : 59 ] . قال ابن عباس رضي الله عنهما : "أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رءوسهن بالجلاليب" .
وتعقيب بسيط على ما يراه دعاة المدنية ...
يرى دعاة المدنية أن الحجاب مظهر من مظاهر التخلف، وأنه يمنع المرأة من الإبداع والرقي، وهو عندهم من أكبر العقبات التي تحول بين المرأة وبين المشاركة في مسيرة الحضارة والمدنية، وفي عملية البناء التي تخوضها الدول النامية للوصول إلى ما وصلت إليه الدول المتقدمة من رقي وتمدن !!ونقول لهؤلاء : ما علاقة الحجاب بالتقدم الحضاري والتكنولوجي؟ !هـل من شروط الحضارة والمدنية أن تخلع المرأة ملابسها وتتعرَّى أمام الرجال؟ !هـل من شروط الحضارة والمدنية أن تشارك المرأة الرجل متعته البهيمية وشهواته الحيوانية؟ !هـل من شروط الحضارة والمدنية أن تكون المرأة جسداً بلا روح ولا حياء ولا ضمير ؟ !هل الحجاب هو السبب في عجزنا عن صناعة السيارات والطائرات والدبابات والمصانع والأجهزة الكهربائية بشتى أنواعها؟! لقد تخلت المرأة المسلمة في معظم الدول العربية والإسلامية عن حجابها، وألقته وراء ظهرها، وداست عليه بأقدامها، وخرجت لتعمل مع الرجل، وشاركته معظم ميادين عمله !!.فهـل تقدمت هذه الدول بسبب تخلِّي نسائها عن الحجاب؟! وهـل لحقت بركب الحضارة والمدنية بسبب اختلاط الرجال بالنساء؟!وهـل وصلت إلى ما وصلت إليه الدولُ المتقدمة من قوة ورقيّ؟!وهـل أصبحت من الدول العظمى التي لها حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن ؟! وهل تخلصت من مشاكلها الاقتصادية والتعليمية والاجتماعية والأخلاقية؟!
الجواب واضح لا يحتاج إلى تفصيل . فلماذا إذن تدعون إلى التبرج والسفور والاختلاط يا دعاة المدنية والحضارة؟!!

(3) قضية القبلة واللمم..
من أفحش الفواحش وأحط القاذورات على وجه الأرض جريمة الزنا ولذا حرمه الله تعالى فقال (وَلاَ تَقْرَبُواْ الزّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً) [الإسراء:32]، ولنلاحظ هنا أن التحريم كان ابتداءا بالنهى عن كل ما يقرب من هذا الفعل ومنه القبلة والضمة التى اعتبرها جمال البنا من اللمم .، وهو قول حق ولكن يراد به باطل حيث أن صغائر الذنوب تشكل وترقى للكبائر بالتعود عليها والتعمد لها. وليس الخطأ والجهل أو النسيان فكل هذا مرفوع عن الأمة متجاوز عنه إذا أجتنبت الكبائر!!!
(4) شرب السجائر فى نهار رمضان..
وهنا نعود على البند الثالث هنية فنقول أن من وجهة نظر هذا الدعى لتحليل هذا الفعل وهو القبلة أو ذاك الإثم وهو شرب السجائر فى نهار رمضان إنما هو من باب إرتكاب أخف الضررين والترخص لعدم الكلفة والمشقة .، وهنا يرد عليه بأنه وأمثاله ومن على شاكلته ليسوا أرحم من الله و الرسول صلى الله عليه وسلم .، ولا أعلم ولا أحرص على هذه السعة وهذا الترخص .، وفى هذا وذاك كانت الحلول الشرعية ففى الأولى "يامعشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء "أى وقاية.، وفى الثانية (وعلى الذين يطيقونه فدية )أى يطيقون الصوم ولكن بصعوبة ومشقة فعليهم الإ فتداء بالمال أو عدل ذلك صيام حين الإستطاعة بسهولة ويسر(وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون) صدق الله العظيم !!
فهل بعد ذلك أى ترخيص بعيدا عن كون السجائر محرمة من عدمه!!!

(5) أمر السنة النبوية المطهرة..
أولا تعريف السنة ومحتواها ومكوناتها وخصائصها...
السنة في اللغة: ما يتخذه الإنسان لنفسه أو لغيره من طريقة في السلوك، محمودة كانت أو مذمومة.
وفي الاصطلاح: ما صدر عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من قول و فعل و تقرير وتشمل أيضا صفاته وشمائله وسيرته. فالسنة إذن هي المنهاج النبوي العملي الميسر لفهم الدين والمفصل لتطبيقه في كافة شؤون الحياة.
* مكونات السنة النبوية:
- السنة القولية: ويقصد بها كل ما قاله النبي (صلى الله عليه وسلم) من غير أن يكون مقترنا بفعل منه: كالإخبار أو التوجيه أو الحوار أو الدعاء....
- السنة الفعلية: ما صدر عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من فعل عل وجه البيان عن الله تعالى، أي كل أفعال النبي (صلى الله عليه وسلم) العملية في حياته الخاصة والعامة والدينية والدنيوية.
- السنة التقريرية: يقصد بها سكوت النبي (صلى الله عليه وسلم) عن قول أو فعل صدر عن الصحابة، ويعد سكوته وعدم إنكاره إقرارا لهن لأنه (صلى الله عليه وسلم) لا يسكت عن منكر. - صفته صلى الله عليه وسلم: من السنة التي اهتم بها المسلمون شمائله (صلى الله عليه وسلم) والتي تشمل أوصافه الخلقية والخلقية، وجانبا من أفعاله وأقواله المجلية لخلقه العظيم.
- سيرته صلى الله عليه وسلم: من السنة أيضا الأحداث والوقائع الثابتة بالنقول والروايات الصحيحة المتعلقة بسيرته وسيرة الواقع من حوله من قبل الولادة إلى ما بعد الوفاة.
* خصائص السنة:
خاصية الشمول: يتميز منهج الهداية النبوية بشموله لحياة الإنسان كلها من الولادة حتى الوفاة، وبحضوره في مختلف مجالات الحياة: البيت والسوق والمسجد... وبإحاطته بكل أبعاد حياة الإنسان: الجسم والعقل والروح والقول والعمل والنية... خاصية التوازن: يتميز ا لمنهج النبوي للهداية منهجا وسطا لأمة وسط يوازن بين الروح والجسم، وبين العقل والقلب، وبين الدنيا والآخرة. أي منهج متوازن لا إفراط فيه ولا تفريط ولا غلو ولا تقصير. ومثاله إنكاره (صلى الله عليه وسلم) على الثلاثة الذين تقالوا عبادته، فعن أنس النبي (صلى الله عليه وسلم) قال " أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأقطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني".
خاصية اليسر: يتميز ا لمنهج النبوي للهداية باليسر والسهولة والسماحة فلا يوجد في سنته (صلى الله عليه وسلم) ما يحرج الناس في دينهم أو يرهقهم في دنياهم. يقول ( صلى الله عليه وسلم) " إنما أنا رحمة مهداة " وقال " إن الله لم يبعثني معنتا ولا معنتا ولكن بعثني معلما وميسرا" ويقول معلما أمته: " يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا" * مقاصد السنة النبوية: تتحدد هذه المقاصد من خلال المهام المنوطة بالرسول ( صلى الله عليه وسلم) .
- تبليغ القرآن الكريم: وهي مهمة أمر بها الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) في كثير من آيات القرآن بلفظ البلاغ ومشتقاته، يقول تعالى: { يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ } المائدة 67 -البيان للبلاغ القرآني: البلاغ يكون بتفصيل مجمل القرآن، وتفسير إشاراته، وبسط كلياته، وتخصيص عامه، وتقييد مطلقه... وأيضا بتوقيت الشعائر والفرائض والمناسك، وبيان مقادير ها وشروطها وأركانها. يقول تعالى: َ{ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُون } النحل 44. ويقول أيضا َ{ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} النحل64. والبلاغ يكون بتفصيل مجمل القرآن، وتفسير إشاراته، وبسط كلياته، وتخصيص عامه، وتقييد مطلقه... وأيضا بتوقيت الشعائر والفرائض والمناسك، وبيان مقادير ها وشروطها وأركانها.
- التجسيد العملي للبلاغ القرآني: تشكل حياة الرسول( صلى الله عليه وسلم) وسيرته معالم النموذج التطبيقي حول المنهج الإلهي عقيدة وشريعة وقيما وأخلاقا يقول تعالى: { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرا} الأحزابً21
- التعليم والتربية والتزكية: من مهام الرسول ( صلى الله عليه وسلم) تعليم الجماعة المؤمنة الكتاب والحكمة حيث يقوم بتزكيتهم وتربيتهم على فهم الدين والإيمان به إيمانا يدفع للعمنل به والعمل له. يقول تعالى: { لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ }آل عمران164
ثــانــيا: السنة النبوية مصدر للمعرفة والتشريع في الإسلام السنة مصدر رباني للمعرفة مكمل للقرآن وتال له: تستقي السنة النبوية أهميتها ومكانتها كمصدر للمعرفة والتشريع والتوجيه من الاعتبارات التالية:
- السنة وحي من الله تعالى: الوحي إما قرآن أو سنة، فالقرآن وحي من الله بلفظه ومعناه متلو ومنقول بالتواتر، بينما أغلب السنة وحي من الله غير متلو أبرزه رسول الله إلى الناس بألفاظ من عنده، وبعض السنة اجتهاد من الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) أقره ربه عليه بالموافقة أو بالتصحيح ( يا أيها النبى لم تحرم ما أحل الله لك)!!!.
- السنة قرينة للقرآن: السنة كلها متصلة بالقرآن باعتبارها مبينة له أو داعية إليه أو اجتهادا في إطاره أقره القرآن. - السنة المصدر الثاني للأحكام الشرعية: وحجيتها ثابتة بدليل من القرآن الكريم، مثل قوله تعالى: { وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} وقوله: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} النساء 59.وقوله تعالى (وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ).، وبدليل من السنة قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما كتاب الله وسنة نبيه" وبدليل من الإجماع حيث أجمع الصحابة على اعتبارها مصدرا للأحكام الشرعية مع القرآن الكريم.
- السنة تطيبق نموذجي للبلاغ القرآني: السنة هي منهج النبوة النظري والعملي الذي جسد البلاغ القرآني، وأحال كلمات الله واقعا وحضارة يحياها الناس. السنة ترسم المنهاج التفصيلي للحياة: يعد القرآن بمنزلة الدستور لأنه يضع القواعد العامة والمبادئ الكلية ويرسم الإطار العام ويحدد بعض النماذج لأحكام جزئية لابد منها. والسنة بمنزلة القوانين والمذكرات التفسيرية المبينة لأنها تفصل ما أجمله القرآن وتقيد مطلقه، وتخصص عامه، وتوضح مشكله، وتبين مبهمة، وتضع الصورة التطبيقية لتوجيهاته.
ثــالــثــا: مبادئ الفهم وضوابط العمل بالسنة النبوية هناك جملة من الضوابط المنهجية يعتبرها أهل الاختصاص مبادئ أساسية ينبغي أن يلتزم بها الفقيه ومن أهم تلك الضوابط ما يلي:
- أن يستوثق من ثبوت السنة وصحتها حسب الموازين العلمية الدقيقة: كصحة السند والمتن وشروطه.
- أن تجمع الأحاديث الواردة في الموضوع الواحد: وهذا شرط لازم لفهم السنة فهما صحيحا.
- حسن فهم النص النبوي وفق دلالات اللغة العربية: أي لابد من إتقان اللغة العربية وعلومها لكي يسهل التمييز بين صريح الكلام وظاهره وحقيقته ومجازه، ومنطوقه ومفهومه...
- التفريق بين ما كان من السنة تشريعا وما ليس بتشريع وما له صفة العموم وما له صفة الخصوص: أي لابد من معرفة المناسبات التي قيلت فيها والإطار الذي صدرت فيه، فقد تكون صادرة من الرسول(صلى الله عليه وسلم ) على سبيل التبليغ، أو سبيل الإمامة، أو سبيل القضاء، وقد تكون خاصة به أو منسوخة....
- التمييز بين الوسائل المتغيرة والمقاصد الثابتة: أي عدم التركيز على الوسائل باعتبارها مقصودة في ذاتها، في حين أنها تتغير من عصر إلى عصر ومن بيئة على بيئة، ومن ذلك مثلا تعيين السواك لطهارة الفم. - فهم السنة في ضوء القرآن: لا يتصور عقلا أن توجد سنة صحيحة ثابتة تعارض محكم القرآن، لأن السنة قد تكون غير صحيحة، أو يكون فهمنا لها غير صحيح، أو يكون التعارض ظاهريا.وهذا هو الأرجح!!
وعلى هذا يحرم على كل مسلم غير مختص أن يرد حديثا صحيحا بدعوى معارضته للقرآن بناء على ما توهم من معنى.
الشروط العلمية والمنهجية للاستدلال بالسنة شروط الاستدلال بالسنة
1- صحت الدليل :- وهى ثبوت سندها إلي النبي صلى الله عليه وسلم , لأن الأحاديث منها ما هو صحيح ومنها ما هو ضعيف .
- 2 صحت الاستدلال :- لأن المستدل بالسنة يحتاج إلى ثبوت دلالته على الحكم كما هو الحال في القرآن الكريم .
هناك جملة من الضوابط المنهجية يعتبرها أهل الاختصاص مبادئ أساسية ينبغي أن يلتزم بها الفقيه ومن أهم تلك الضوابط ما يلي:
- أن يستوثق من ثبوت السنة وصحتها حسب الموازين العلمية الدقيقة: كصحة السند والمتن وشروطه.
- أن تجمع الأحاديث الواردة في الموضوع الواحد: وهذا شرط لازم لفهم السنة فهما صحيحا.
- حسن فهم النص النبوي وفق دلالات اللغة العربية: أي لابد من إتقان اللغة العربية وعلومها لكي يسهل التمييز بين صريح الكلام وظاهره وحقيقته ومجازه، ومنطوقه ومفهومه...
- التفريق بين ما كان من السنة تشريعا وما ليس بتشريع وما له صفة العموم وما له صفة الخصوص: أي لابد من معرفة المناسبات التي قيلت فيها والإطار الذي صدرت فيه، فقد تكون صادرة من الرسول( صلى الله عليه وسلم) على سبيل التبليغ، أو سبيل الإمامة، أو سبيل القضاء، وقد تكون خاصة به أو منسوخة..!!
- التمييز بين الوسائل المتغيرة والمقاصد الثابتة: أي عدم التركيز على الوسائل باعتبارها مقصودة في ذاتها، في حين أنها تتغير من عصر إلى عصر ومن بيئة على بيئة، ومن ذلك مثلا تعيين السواك لطهارة الفم.
- فهم السنة في ضوء القرآن: لا يتصور عقلا أن توجد سنة صحيحة ثابتة تعارض محكم القرآن، لأن السنة قد تكون غير صحيحة، أو يكون فهمنا لها غير صحيح، أو يكون التعارض ظاهريا.
ويحرم على كل مسلم غير مختص أن يرد حديثا صحيحا بدعوى معارضته للقرآن بناء على ما توهم من معنى. فلا يملك هذا إلا من كان عالما بالقرآن والسنة علما يؤهله لذلك بمعرفة علوم الشريعة دراسة وفهما يجيزه به أهل الإختصاص!!!

(6) أخيرا ما ورد بشأن حد الردة..
يقينا إن العقوبات الدنيوية فى الإسلام لم تكن أبدا لجرح المشاعر الإنسانية ولا للتقليل من شأن الإنسان آدميا وروحيا بل هى محض كفارات عن الذنوب وتحذير من الله العلى القدير الذى لايزيد فى ملكه عذاب مقصر عاص أو ينقصه تنعيم مطيع.، ولكن كل شىء عنده بمقدار ليميز الخبيث من الطيب وتتحقق العدالة فلا يستوى هذا مع ذاك .، لذا تنوعت العقوبات مابين كفارات للذنب وحدود مشمولة بالإستغتفار والتوبة على الجرم. وقبل البدء للتحدث عن حد الردة دعونى أستأنس معكم بداية فى ردى بهذه القصة عن الفاروق عمر بن الخطاب رضى الله عنه ...فقد حدث أن دخل عليه جماعة من الأعراب فقالوا له:- يا أمير المؤمنين كنا قوم أصحاب جاهلية لانؤمن بالله والرسول صلى الله عليه وسلم وكان أحدنا إذا ظلم رفع أكف الضراعة إلى السماء فدعا على الظالم فتنزل الصاعة بالظالم فتأخذه أو تهدّه .، ولكننا اليوم ونحن نؤمن بالله ورسوله فيظلم أحدنا الآخر فيرفع المظلوم أكف الضراعة إلى الله ويدعوه ولا يحدث شىء!!!! فقال الفاروق عمر إن الله تعالى لما أرسل رسوله بالهدى ودين الحق أنزل معه الكتاب فحد فيه الحدود وفرض القوض والقصاص ..أوكل الناس إلى ذلك .، وتلا قول الله تعالى (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها إسم الله كثيرا)وقوله تعالى (إن الله لايغير مابقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) فإن هم فعلوا ذلك وأعيتهم الحيل ورأى فيهم الله الصدق والإخلاص جاءهم نصر الله وحل عذابه بالظالمين!!!
الغريب إذا حاولت الرد على بعضا مما ينكرون حدا من حدود الله تعالى تحججوا بفعل سيدنا عمر مع حد السرقة فى عام القحط والجدب عندما عطّله فى حق السارق ، وكذا حاله عندما عطّل نصيب المؤلفة قلوبهم فى الزكاة والصدقة .، وبعيدا عن جهلهم بعدم الفارق بين التعطيل والإنكار والفارق بينهما كبير إضافة لحال المعطِّل فأى الناس عمر رضى الله عنه!!!
فالسؤال الذى يجب أن يرد عليه هؤلاء والمشكلة الكبرى التى يجب عليهم أن يجدوا لها حلا عندما يقررون أو يقرّون بعدم وجوب إقامة حد الردة على المرتد أو إنكاره .، وهى ما أجمع عليه جمهور العلماء من ضرورة وجود ضمانة لما يلى:-
1- عدم حجية الأدلة الشرعية الواردة فى الكتاب والسنة .أما القرآن يقول الله تعالى في كتابه العزيز " ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر......." سوره البقرة الايه 217.ومن هذه الآية يمكن معرفه دليل حد الردة في القران ولكن قد يعترض البعض على هذه الآية على إعتبار أنها تدل على دليل على ثبوت حد الرده ولكنها لاتحدد العقوبة إلا في الآخرة. ويمكن الرد على هذا بان حكم الردة من ناحية ثبوتها يستفاد من الدليل وبناء عليه نجد أن الردة تم النص عليها في كتاب الله. يقول الله تعالى " قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولى بأس شديد تقتلونهم أو يسلمون............" الايه 16 سوره الفتح. والآية نزلت في أهل الردة من بنى حنيفة... قال ابن كثير: أن هذه الآية نزلت في أهل الردة من بنى حنيفة وقد بين الله تعالى أنهم ليس لهم عقد ذمه وإنما لهم الدخول في الإسلام أو القتل. ويقول الله تعالى" يأيها الذين أمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتى الله بقوم يحبهم و يحبونه أذله على المؤمنين أعزه على الكافرين........." الايه 54 سوره المائدة.،
أما فى السنة ويقول الرسول – صلى الله عليه وسلم- في الإستتابة مارواه الدارقطنى عن جابر رضى الله عنه : أن أمراة يقال لها أم رومان فارتدت ، فأمر النبى- صلى الله عليه وسلم – أن يعرض عليها الإسلام فأن تابت وإلا قتلت.،وفى تركه ثلاثة أيام، يكرر عليه الطلب بألاستتابه لقول عمر رضى الله عنه في مرتد قتل ولم يمهل :أفلا حبستموه ثلاثا لعله يتوب و يراجع أمر الله تعالى ؟ ثم قال عمر : اللهم أنى لم أحضر ، ولم أمر ولم أرضى إذ بلغنى . رواه الدارقطنى(3/118) وقد ورد حديث في ذات المعنى في سنن الترمذى ، ج5، كتاب الحدود عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم ، باب 25 ما جاء في المرتد.، والذى رواه الشيخان البخارى ومسلم وكثير من أصحاب الكتب الصحاح "لايحل دم مسلم إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس ، والثيّب الزانى، والتارك لدينه المفارق للجماعة" ولذلك تجدهم يشككون فى البخارى ومسلم حتى يسهل لهم التشكيك فيما سواهما !!!
2- عدم ترتيب أى أثر سلبى على ردة المرتد إلا على نفسه دينيا بمايعنى أنه لايدعو إلى ردة أحد لاسرا ولاجهرا ، ولايحمد له أحد فعله ولايقره عليه أحد، ويوصف بأنه مرتد كافر صفة يعرف بها بين الناس فلا ينخدع به أحد ولايجيبه إلى طلبه أحد!!!
3- عدم ترتيب لأى أثر سلبى على ردته مجتمعيا بمعنى أنه يفرق بينه وبين زوجه ويترك أولاده للطرف المسلم فلا ولاية له عليهم ولا شىء له عندهم إلا بر أولاده فى حدود ما أمر به الشرع من بر لأحد الوالدين الكافر!!!
4- عدم ترتيب لأى أثر إيجابى أو سلبى على ردته إقتصاديا بمعنى أنه لايرث من أى مال مسلم ، ولا يورّث ماله لمسلم وتنفض أى شراكة ماليه مع مسلم أو تجارة كان قد عقدها وهو مسلم .، ثم إن أراد بعد ذلك فعليه المشاركة ولكن برضى المسلم وفى حدود ما أمر وأوصى به الشرع!!!
5- أنه لايغسّل ولا يكفّن ولا يدفن فى مقابر المسلمين مثل حاله إن مات أو قتل محاربا كافرا لاحدا!!!
6- إن ضمن ما سبق يكون له حق التعايش والمواطنة دون حيف على حق أو إنكار بر فى حدود ما أمر وأوصى به الشرع حاله من حال كل كافر ومشرك يعيش فى بلاد المسلمين!!!
فمن يضمن ذلك له أن يعطّل الحد.،
ولكن ليس لأحد إنكاره جحودا وكفرا وهو ثابت وومعلوم من الدين بالضرورة نقلا عن النبى وفعلا من صحابته رضوان الله عليهم وهذا ثابت من حروب الردة وإجماع علماء الأمة التى لاتجتمع أبدا على ضلالة!!!
اللهم قد بلّغت اللهم فاشهد!!!!
****

الاثنين، 12 أبريل 2010

المشكلة والحل فى طبائع الإستبداد!!!

أحبائى..
فى خضم معترك الجدال والنقاش الدائر الآن حول إمكانية حدوث الإصلاح والتغيير الذى نرجوه ونأمله لمجتمعاتنا العربية والإسلامية وخاصة مصرنا الحبيبة أم الدنيا والشقيقة الكبرى لكل الأقطار والأمصار العربية والإسلامية ، فإن كل منا يجول بخاطره ويبحث فى كل الأفكار والرؤى المطروحة لتكون نقطة البداية فى تشخيص المشكلة وتقديم الحلول الممكنة لفعل ذلك دون فوضى أو فتنة يصير فيها كل حليم حيرانا وتوءد فيها كل الأحلام والأمانى التى تتكسر على صخرة هذا التحالف الإسترتيجى بين قوى ومظاهر الإستبداد السياسى والفساد الأخلاقى والإدارى والمالى والإقتصادى اللذان اقترنا فى سفاح ونتج عنهما مسخا فى صورة توءمة بين الإهمال والعجز والإحتكار واقتران السلطة برأس المال .،
ولهذا أقدم اليوم ملخص قراءة لكتاب...طبائع الإستبداد للأستاذ عبدالرحمن الكواكبى!!
الذى يقول :-
المستبدُّ يتحكّم في شؤون الناسِ بإرادته لا بإرادتهم ، ويحكمهم بهواه لا بشريعتهم ، ويعلم من نفسه أنه الغاصب المتعدِّي فيضع كعب رجلِهِ على أفواه الملايين يسدُّها عن النطق بالحق والتداعي لمطالبتِهِ . المستبدُّ عدوُّ الحق عدوُّ الحريَّة وقاتلُهما ، والحقُّ أبو البشر والحرية أمُّهم ، والعوام صبيةٌ أيتامٌ نيامٌ لا يعلمون شيئاً ، والعلماء هم إخوتهم الراشدون ، إن أيقظوهم هَبُّوا ، وإنْ دعوهم لبَّوا ، وإلا فيتصل نومُهًم بالموت المستبدُّ يتجاوزُّ الحدَّ مالم يرَ حاجزاً من حديد ، فلو رأى الظالمُ على جنبِ المظلوم سيفاً لما أقدم على الظلم كما يقال : الاستعداد للحرب يمنع الحربَ . المستبدُّ إنسانٌ مستعدٌّ بالطبع للشر ، وبالإلجاء للخير ، فعلى الرعيةِ أنْ تعرفَ ما الخيرُ وما الشرُّ ، فتلجئ الظالمَ للخير على الرغمِ من طبعه ، وقد يكفي للإلجاء الطلب وحدّه إذا علم الظالمُ أنّ وراء القولِ فعلاً ، ومن المعلوم أنَ الاستعداد للفعل فعلٌ يكفي شرَّ الاستبداد . الاستبداد أصلٌ لكلِّ فساد ، ومعنى ذلك أنَ الباحثَ المدقّق في أحوال البشر وطبائع الاجتّماع كشف أَنّ للاستبدادِ أثراً سيئاً في كلِّ وادٍ ، فالمستبدُّ يضغطُ على العقلِ فيفسده ، ويلعب بالدين فيفسده ، ويحارب العلمَ فيفسده . إنَّ الاستبداد والعلم ضدّان متغالبان ، فكلُّ إدارة مستبدة تسعى جهدها في إطفاء نور العلم وحصر الرعيّة في حالك الجهلِ ، والعلماء الحكماء الذين ينبُتون أحياناً في مضايقِ صخور الاستبداد يسعون جهدهم في تنوير أفكار الناس ، والغالبُ أَنَ رجال الاستبداد يطاردون رجال العلم ، وينكلون بهم ، فالسعيد منهم مَنْ يتمكّن من مهاجرة دياره .

الإستبداد والأخلاق..
إن الأخلاق أثمار, بذرها الوراثة, وتربتها التربية, وسقياها العلم, والقائمون عليها هم رجال الحكومة. الاستبداد والتربية يقول الكواكبي:" خلق الله في الإنسان استعدادا للصلاح واستعدادا للفساد, والإنسان لا حدّ لغاياته رقيا أو انحطاطا ". يعتقد أن الإنسان أقرب إلى الشر منه للخير مستندا بذلك باقتران اسم الإنسان في القرآن بأوصاف قبيحة مثل ظلوم, غرور, كفّار, جهول و أثيم,
الإنسان في نشأته كالغصن الرطب, فهو مستقيم لدن بطبعه, لكن أهواء التربية تميل به إلى يمين الخير أو شمال الشر, فإذا شبّ يبس وبقي على ميوله مادام حيّا ".
التربية ملكة تحصل بالتعليم والتمرين والقدوة والاقتباس, فأهم أصولها وجود المربين وأهم فروعها وجود الدين, ملكة التربية هذه بعد حصولها إن كانت شرا تضافرت مع النفس ووليها الشيطان الخنّاس فرسخت, وإن كانت خيرا تبقى مقلقلة كالسفينة في بحر الأهواء, لا يرسو بها إلا فرعها الديني في السر والعلانية, أو الوازع السياسي عند يقين العقاب. الاستبداد ريح صرصر فيه إعصار يجعل الإنسان كل ساعة في شأن وهو مفسد للدين في أهم قسميه أي الأخلاق, وأما العبادات منه فلا يمسّها لأنها تلائمه في الأكثر, لذلك تبقى الأديان في الأمم المأسورة عبارة عن عبادات مجردة صارت عادات فلا تفيد في تطهير النفوس شيئا, ولا تنهي عن فحشاء ولا منكر لفقد الأخلاق فيها تبعا لفقده في النفوس الني ألفت أن تتلجأ وتتلوى بين يدي سطوة الاستبداد في زوايا الكذب والرياء والخداع والنفاق, ولهذا لا يستغرب في الأسير الأليف تلك الحال, أي الرياء, أن يستعمله أيضا مع ربه ومع أبيه وأمه, ومع قومه وجنسه, حتى مع نفسه. في ظل العدالة والحرية يعيش الإنسان نشيطا على العمل بياض نهاره, وعلى الفكر سواد ليله, إن طعم تلذذ, وإن تلهى تروّح وتريّض لأنه هكذا رأى أبويه وأقرباءه, هكذا يرى قومه الذين يعيش بينهم, أما أسير الاستبداد, فيعيش خاملا خامدا ضائع القصد, حائرا لا يدري كيف يميت ساعاته كأنه حريص على بلوغ أجله ليستتر تحت التراب, وكل مستبد ( بفتح الباء) يشعر بآلام الأسر والاستبداد إن كان من العوام أو الخواص, فالعوام يسيئون فهم سبب الشقاء, ويعزونه للقضاء والقدر كقولهم: الدنيا سجن المؤمن, المؤمن مصاب, إذا أحب الله عبدا ابتلاه, إلى آخر هذه المثبطات وينسون حديث " إن الله يكره العبد البطال ". أما الخواص فبلاهة التفكير وما لحقه من سوء تدبير يعميهم عن إدراك سبب الشقاء بالعقل والعدل. يعتبر الكواكبي أن " التربية علم وعمل ", وليس من شأن الأمم المملوكة شؤونها, والمستلبة الإرادة أن يوجد فيها من يعلم التربية ولا من يعلّمها, و الأسير بعيد عن الاستعداد لقبول التربية, وهي قصر النظر على المحاسن والعبر, وقصر السمع على الفوائد والحكم, وتعويد اللسان على قول الخير, وتعويد اليد على الإتقان, وتكبير النفس عن السفاسف, وتكبير الوجدان عن نصرة الباطل, ورعاية الترتيب في الشئون, ورعاية التوفير في الوقت والمال, والاندفاع بالكلية لحفظ الشرف, لحفظ الحقوق, ولحماية الدين, لحماية الناموس, ولحب الوطن, لحل العائلة, ولإعانة العلم, لإعانة الضعيف, ولاحتقار الظالمين, لاحتقار الحياة. إلى غير ذلك مما لا ينبت إلا في أرض العدل, تحت سماء الحرية, في رياض التربيتين العائلية والقومية. فالاستبداد يزلزل التربية المنزلية ويدفع عبيد السلطة أو الأسراء نحو ملذات تافهة كلذة الطعام حيث " يجعلون بطونهم مقابر للحيوانات " إن تيسرت أو " مزابل للنباتات ", وكلذة الرعشة " باستفراغ" الشهوة وبرميهم بالتكاثر الأعمى لتصبح أولادهم في عهد الاستبداد سلاسل من حديد يربطون بها الآباء على أوتاد الظلم والهوان والخوف والتضييق. إن للتربية ثلاثة أقانيم, تربية العقل وتربية الجسم وتربية النفس. أما تربية العقل فهي تربيته على التمييز, ثم على حسن التفهم والإقناع, ثم على تقوية الهمّة و العزيمة, ثم على التمرين والتعويد, ثم على حسن القدوة والمثال, ثم على المواظبة والإتقان, ثم على التوسط والاعتدال. أما تربية الجسم فتقتضي تعويد الجسم على النظافة وعلى تحمل المشاق, والمهارة في الحركات, والتوقيت في النوم والغداء والعبادة, والترتيب في العمل وفي الرياضة وفي الراحة, وأما تربية النفس فتقتضي معرفة خالقها ومراقبته والخوف منه.. إن التربية هي ضالة الأمم وفقدها هو المصيبة العظمى.
الاستبداد والترقي
يقول الكواكبي ما معناه:" الحركة سنة الكون, هناك حركتان, حركة حيوية نحو الأمام وهذا ما يدعى الترقي, وحركة لا حيوية نحو الموت والهبوط والإنكسار, فالحياة والموت حقّان طبيعيان. والترقي أي الحركة الحيوية تصيب الأفراد والأمم سواء بسواء, وهي على أنواع ستة: أولا, الترقي في الجسم صحة وتلذذا,
وثانيا الترقي في القوة بالعلم والمال,
وثالثا الترقي في النفس بالخصال والمفاخر,
ورابعا الترقي بالعائلة استئناسا وتعاونا,
وخامسا الترقي بالعشيرة تناصرا عند الطوارىء,
وسادسا الترقي بالإنسانية وهذا منتهى الترقي ".
هذه الترقيات الست لا يزال الإنسان يسعى وراءها ما لم يعترضه مانع غالب يسلب إرادته, وهذا المانع, إما القدر المحتوم المسمّى عند البعض العجز الطبيعي (لا يمكن حدوث ترقي مثلا في الصحراء أو انبعاث حضارة في القطب الجنوبي, وهذا ما يشير إليه أيضا " ول ديورنت " في قصة الحضارة عن تأثير العوامل الجغرافية والطبيعية في نشوء الحضارات ), أما المانع الآخر لغياب الترقي هو الاستبداد المشئوم الذي يقلب السير في الأمة من الترقي إلى الإنحطاط, من التقدم إلى التأخر, من النماء إلى الفناء, حتى تبلغ الأمة حطّة العجماوات ( أي انحطاط البهائم ) فلا يهمها غير حفظ حياتها الحيوانية, وعندها يصير الاستبداد كالعلق يطيب له المقام على امتصاص دم الأمة فلا ينفكّ عنها حتى تموت ويموت هو بموتها.
ويسترسل بعد ذلك في بعض النصح والنقد للأمة التي هو منها وتكاد تكون مجموعة وصايا تلامس في جوهرها كل فضيلة وحق وخير للأمة فيقول:
- يا قوم: لستم بأحياء عاملين ولا أموات مستريحين, بل أنتم بين بين, في برزخ يسمّى التنبت, ويصح تشبيهه بالنوم, إني أرى أشباح أناس يشبهون ذوي الحياة وهم في الحقيقة موتى لا يشعرون, بل هم موتى لأنهم لا يشعرون.
- يا قوم: هداكم الله, إلى متى هذا الشقاء المديد والناس في نعيم مقيم, ونمو كريم, أفلا تنظرون ؟ .
- يا قوم: وقّاكم الله من الشر, أنتم بعيدون عن مقاصد الإبداع وشرف القدرة, مبتلون بداء التقليد والتبعية في كل فكر وعمل, وبداء الحرص على كل عتيق كأنكم خلقتم للماضي لا للحاضر.
- يا قوم: عافاكم الله, ما هذا النوم, وإلى متى هذا التقلب على فراش البأس ووسادة اليأس ؟ انتم مفتحة عيونكم لكنكم نياما, لكم أبصار ولكنكم لا تنظرون.
- يا قوم: قاتل الله الغباوة, فإنها تملأ القلوب رعبا من لا شيء, وخوفا من كل شيء, تفعم الرؤوس تشويشا وسخافة, فما بالكم يا أحلاس النساء في الذل تخافون أن تصيروا جلاّس الرجال في السجون ؟ . ( أحلاس النساء في الذل: الملازمون لهن في المذلة ).
- يا قوم: إعيذكم بالله من فساد الرأي, وضياع الحزم, وفقد الثقة بالنفس, وترك الإرادة للغير....
- يا قوم: شفاكم الله, قد ينفع اليوم الإنذار واللوم, وأما غدا إذا حلّ القضاء, فلا يبقى لكم غير الندب والبكاء, فإلى متى هذا التخادع والتخاذل ؟ , وإلى متى هذا التواني والتدابر ؟ , وإلى متى هذا الإهمال ؟ .
- يا قوم رحمكم الله, ما هذا الحرص على حياة تعيسة دنيئة لا تملكونها ساعة ؟ , ما هذا الحرص على الراحة الموهومة وحياتكم كلها تعب ونصب ؟ , هل لكم في هذا الصبر فخر أو لكم عليه أجر ؟, كلا والله ساء ما توهمون, ليس لكم إلا القهر في الحياة وقبيح الذكر بعد الممات. - يا قوم: حماكم الله, قد جاءكم المستعمرون من كل حدب ينسلون, فإن وجودوكم إيقاظا عاملوكم كما يتعامل الجيران ويتجامل الجيران, وإن وجدوكم رقودا لا تشعرون, سلبوا أموالكم, وزاحموكم على أرضكم, وتحيّلوا على تذليلكم, وأوثقوا ربطكم, واتخذوكم أنعاما.
- يا قوم: سامحكم الله, لا تظلموا الأقدار وخافوا غيرة المنعم الجبّار, ألم يخلقكم أكفاء أحرارا طلقاء لا يثقلكم غير النور والنسيم, فأبيتم إلا أن تحملوا على عواتقكم ظلم الضعفاء وقهر الأقوياء, لو شاء كبيركم أن يحمّل صغيركم كرة الأرض لحنى له ظهره, ولو شاء أن يركبه لطأطأ له رأسه.
- يا قوم: رفع الله عنكم المكروه, ما هذا التفاوت بين أفرادكم وقد خلقكم ربكم أكفاء في البنية, أكفاء في القوة, أكفاء في الطبيعة, أكفاء في الحاجات, لا يفضل بعضكم بين بعض إلا بالفضيلة ؟ , لا ربوبية بينكم ولا عبودية, " والله ليس بين كبيركم وصغيركم غير برزخ من الوهم ".
- يا قوم: جعلكم الله من المهتدين, كان أجدادكم لا ينحنون إلا ركوعا لله, وأنتم تسجدون لتقبيل أرجل المنعمين ولو بلقمة مغموسة بدم الإخوان, أجدادكم ينامون في قبورهم مستوين أعزاء, وأنتم أحياء معوجة رقابكم أذلاء.
- يا قوم: ألهمكم الله الرشد, متى تستقيم قاماتكم, وترتفع من الأرض إلى السماء أنظاركم وتميل إلى التعالي نفوسكم ؟
- يا قوم: أبعد الله عنكم المصائب وبصّرك بالعواقب. إن كانت المظالم غلّت أيديكم, وضيقت أنفاسكم, حتى صغرت نفوسكم, هانت عليكم هذه الحياة, وأصبحت لا تساوي عندكم الجد والجهد وأمسيتم لا تبالون أتعيشون أو تموتون, فهلا أخبرتموني لماذا تحكّمون فيكم الظالمين حتى في الموت ؟ أليس لكم الخيار أن تموتوا كما تشاءون و لا كما يشاء الظالمون ؟ هل سلب الاستبداد إرادتكم حتى في الموت ؟ .
- يا قوم: أناشدكم الله, ألا أقول حقا إذا قلت أنكم لا تحبون الموت ؟ .. فالهرب من الموت موت, وطلب الموت حياة, و "لو كبرت نفوسكم لتفاخرتم بتزيين صدوركم بورد الجروح لا بوسامات الظالمين".
- يا قوم, وأعني منكم المسلمين, إن جرثومة دائنا هي خروج ديننا عن كونه دين الفطرة والحكمة, دين النظام والنشاط, دين القرآن الصريح البيان, إلى صيغة أنّا جعلناه دين الخيال والخبال, دين الخلل والتشويش, دين البدع والتشديد, دين الإجهاد... وهكذا أصبحنا واعتقادنا مشوش, وفكرنا مشوش, وسياستنا مشوشة, ومعيشتنا مشوشة. فأين منا والحالة هذه الحياة الفكرية, الحياة العلمية, الحياة العائلية, الحياة الاجتماعية, الحياة السياسية ؟ .
- يا قوم: وأعني منكم الناطقين بالضاد, من غير المسلمين, أدعوكم إلى تناسي الإساءات والأحقاد, وما جناه الآباء والأجداد, فقد كفى ما فعل ذلك على أيدي المثيرين. دعوا عقلاؤنا يقولون لمثيري الشحناء من الأعاجم والأجانب: دعونا يا هؤلاء نحن ندبّر شأننا, نتفاهم بالفصحاء, ونتراحم بالإخاء, ونتواسى بالضراء, ونتساوى في السراء, " دعونا ندبّر حياتنا الدنيا ونجعل الأديان تحكم في الأخرى فقط ". دعونا نجتمع على كلمات سواء, ألا وهي, فلتحي الأمة, فليحي الوطن, فلنحي طلقاء أعزاء.
- رعاك الله يا شرق, وقاتل الله الاستبداد, بل لعن الله الاستبداد, المانع للترقي في الحياة, المنحط بالأمم إلى أسفل الدركات, ألا بعدا للظالمين
ويتوجه الكواكبي إلى الشباب – أمل الأمة – يبيّن لهم عظمة الأمة وما كانت عليه وما حالها اليوم, ويستنهض الهمم والعزائم, ويزيل غمّة الاستبداد وكربة الاستعباد حيث يقول في ذلك: " إن الأمر مقدور ولعله ميسور, ورأس الحكمة فيه كسر قيود الاستبداد وأن يكتب الناشئون على جباههم عشر كلمات وهي:
- ديني ما أظهر لا ما أخفي.
-أكون حيث يكون الحق ولا أبالي.
- أنا حر وسأموت حرا.
- أنا مستقل لا أتكل على غير نفسي وعقلي.
- أنا إنسان الجد والاستقبال لا إنسان الماضي والحكايات.
- نفسي ومنفعتي قبل كل شيء.
- الحياة كلها تعب لذيذ.
- الوقت غال عزيز.
- الشرف في العلم فقط.
- أخاف الله لا سواه.

الاستبداد والتخلص منه ...
يعيد الكواكبي صياغة تعريف الاستبداد بقوله:" هو الحكومة التي لا يوجد بينها وبين الأمة رابطة معينة معلومة مصونة بقانون نافذ الحكم".
يقدم بعض التعاريف ذات الصلة قبل أن يبحث في كيفية التخلص من الاستبداد:
- الأمة أي الشعب: هي جمع بينهم روابط دين أو جنس أو لغة, ووطن, وحقوق مشتركة, وجامعة سياسية اختيارية, لكل فرد حق إشهار رأيه فيها توفيقا للقاعدة " كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ".
- الحكومة: هي وكالة تقام بإرادة الأمة لأجل إدارة شؤونها المشتركة العمومية.
- الحقوق العمومية: هي حقوق جميع الأمم وتضاف للملوك مجازا, هي جميع الحقوق التي يحق لكل فرد من الأمة أن يتمتع بها وأن يطمئن عليها.
- التساوي في الحقوق: أن تكون الحقوق محفوظة للجميع على التساوي والشيوع.
- الحقوق الشخصية: أفراد الأمة أحرار في الفكر مطلقا, وفي الفعل ما لم يخالف القانون الاجتماعي.
ثم يستفيض في تحليل آلية عمل الحكومة والوظائف ودورها وتوزيع المسئوليات فيها ويؤكد على ضرورة مراقبة دور الحكومة "بأن تنيب الأمة عنها وكلاء لهم حق الاطلاع على كل شيء, وتوجيه المسئولية على أي كان ". ويؤكد على أن سلطة الحكومة منحصرة في القانون إلا في ظروف مخصوصة مؤقتة, ويشير إلى أن العدل ليس ما تراه الحكومة بل ما يراه القضاة المصون وجدانهم من كل مؤثر غير الشرع والحق, ومن كل ضغط حتى ضغط الرأي العام. ويشير أن من أدوار الحكومة دور حفظ الأمن العام وهي مكلفة بحراسة الفرد مقيما ومسافرا حتى من بعض طوارىء الطبيعة بالحيلولة لا بالمجازاة والتعويض.
يوضّح الكواكبي دور الحكومة في حفظ الدين والآداب فيقول:" إن دور الحكومة يقتصر في حفظ الجامعات الكبرى كالدين والجنسية واللغة والعادات والآداب العمومية باستعمال الحكمة ما أغنت عن الزجر.
أما القانون في رأي الكواكبي فهو أحكام منتزعة من روابط الناس بعضهم ببعض ويضعه جمع منتخب من قبل الكافة ليكونوا عارفين حتما بحاجات قومهم وما يلائم طبائع ومواقع ومصالح الأكثرية من الأفراد, كما ويجب أن تكون النصوص خالية من الإبهام والتعقيد وحكمها شامل كل الطبقات, ولها سلطان نافذ قاهر مصون من مؤثرات الأغراض والشفاعة والشفقة.
يؤكد الكواكبي على فصل السلطات حيث يقول:" لا إتقان إلا بالاختصاص أي أن تختص كل سلطة بفرعها دون التعدي على سلطة أخرى أو الجمع بين أكثر من سلطة.
يعود ويؤكد على التعليم والتعلم وتوسيع المعرفة بجعل التعليم والتعلم حرا مطلقا, كما ويؤكد على العمران والاعتدال المتناسب مع الثروات ( ما أقرب هذا الكلام من يومنا هذا حيث التركيز في الدول المتقدمة على ثلاث: التعليم والصحة والسكن ).
يقول في رفع الاستبداد:" إن نوال الحرية ورفع الاستبداد رفعا لا يترك مجالا لعودته من وظيفة عقلاء الأمة وسراتها !؟ ",
( أتذكر بيت شعر للشاعر الأفوه الأودي: لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم.. ولا سراة إذا جهّالهم سادوا ).
يضع الكواكبي لرفع الاستبداد ثلاث أسس لابد من الأخذ بها وملاحظتها بدقة وتعمق وهي:
1-الأمة التي لا يشعر كلها أو أكثرها بآلام الاستبداد لا تستحق الحرية.
2-الاستبداد لا يقاوم بالشدة إنما باللين والتدرج.
3- يجب قبل مقاومة الاستبداد بتهيئة ماذا يستبدل الاستبداد.

خاتمة الكتاب بشرى:
" وأني أختم كتابي هذا بخاتمة بشرى, وذلك أن بواسق العلم وما بلغ إليه, تدل على أن يوم الله قريب. ذلك اليوم الذي يقل فيه التفاوت في العلم وما يفيده من القوة, وعندئذ تتكافأ القوات بين البشر, فتنحل السلطة, ويرتفع التغالب, فيسود بين الناس العدل والتوادد, فيعيشون بشرا لا شعوبا, وشركات لا دولا. وحينئذ يعلمون ما معنى الحياة الطيبة ".
( وكأن الكواكبي بشّر بنظام عولمة ذو أنامل من حرير لا مخالب من حديد كالذي ينهش بنا اليوم ).

ولا نملك بعد هذا إلا أن نقول صدق الله العظيم(يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم)!!
*****

الأحد، 11 أبريل 2010

مابين القرآنيين والمستشرقين!!!!!!

صدق الله العظيم
أحبائى...
فى هذا النشر أنقل لكم بعض ما خفى على البعض منا لمحاولة الفهم للجمع بين الفئات الضالة وأخص منهم فى هذا النشر المستشرقين والقرآنيين ولكن قبلا أضع هذا المقال دفاعا وتوضيحا لمدلولات وتعريفات وحقيقة السنة النبوية المطهرة الباب الذى يلج منه هذا الفريق وتلك الفئة.،
أولا تعريف السنة ومحتواها ومكوناتها وخصائصها...
السنة في اللغة: ما يتخذه الإنسان لنفسه أو لغيره من طريقة في السلوك، محمودة كانت أو مذمومة.
وفي الاصطلاح: ما صدر عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من قول و فعل و تقرير وتشمل أيضا صفاته وشمائله وسيرته. فالسنة إذن هي المنهاج النبوي العملي الميسر لفهم الدين والمفصل لتطبيقه في كافة شؤون الحياة.
* مكونات السنة النبوية:
- السنة القولية: ويقصد بها كل ما قاله النبي (صلى الله عليه وسلم) من غير أن يكون مقترنا بفعل منه: كالإخبار أو التوجيه أو الحوار أو الدعاء....
- السنة الفعلية: ما صدر عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من فعل عل وجه البيان عن الله تعالى، أي كل أفعال النبي (صلى الله عليه وسلم) العملية في حياته الخاصة والعامة والدينية والدنيوية.
- السنة التقريرية: يقصد بها سكوت النبي (صلى الله عليه وسلم) عن قول أو فعل صدر عن الصحابة، ويعد سكوته وعدم إنكاره إقرارا لهن لأنه (صلى الله عليه وسلم) لا يسكت عن منكر. - صفته صلى الله عليه وسلم: من السنة التي اهتم بها المسلمون شمائله (صلى الله عليه وسلم) والتي تشمل أوصافه الخلقية والخلقية، وجانبا من أفعاله وأقواله المجلية لخلقه العظيم.
- سيرته صلى الله عليه وسلم: من السنة أيضا الأحداث والوقائع الثابتة بالنقول والروايات الصحيحة المتعلقة بسيرته وسيرة الواقع من حوله من قبل الولادة إلى ما بعد الوفاة.
* خصائص السنة:
خاصية الشمول: يتميز منهج الهداية النبوية بشموله لحياة الإنسان كلها من الولادة حتى الوفاة، وبحضوره في مختلف مجالات الحياة: البيت والسوق والمسجد... وبإحاطته بكل أبعاد حياة الإنسان: الجسم والعقل والروح والقول والعمل والنية... خاصية التوازن: يتميز ا لمنهج النبوي للهداية منهجا وسطا لأمة وسط يوازن بين الروح والجسم، وبين العقل والقلب، وبين الدنيا والآخرة. أي منهج متوازن لا إفراط فيه ولا تفريط ولا غلو ولا تقصير. ومثاله إنكاره (صلى الله عليه وسلم) على الثلاثة الذين تقالوا عبادته، فعن أنس النبي (صلى الله عليه وسلم) قال " أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأقطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني".
خاصية اليسر: يتميز ا لمنهج النبوي للهداية باليسر والسهولة والسماحة فلا يوجد في سنته (صلى الله عليه وسلم) ما يحرج الناس في دينهم أو يرهقهم في دنياهم. يقول ( صلى الله عليه وسلم) " إنما أنا رحمة مهداة " وقال " إن الله لم يبعثني معنتا ولا معنتا ولكن بعثني معلما وميسرا" ويقول معلما أمته: " يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا" * مقاصد السنة النبوية: تتحدد هذه المقاصد من خلال المهام المنوطة بالرسول ( صلى الله عليه وسلم) .
- تبليغ القرآن الكريم: وهي مهمة أمر بها الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) في كثير من آيات القرآن بلفظ البلاغ ومشتقاته، يقول تعالى: { يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ } المائدة 67 -البيان للبلاغ القرآني: البلاغ يكون بتفصيل مجمل القرآن، وتفسير إشاراته، وبسط كلياته، وتخصيص عامه، وتقييد مطلقه... وأيضا بتوقيت الشعائر والفرائض والمناسك، وبيان مقادير ها وشروطها وأركانها. يقول تعالى: َ{ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُون } النحل 44. ويقول أيضا َ{ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} النحل64. والبلاغ يكون بتفصيل مجمل القرآن، وتفسير إشاراته، وبسط كلياته، وتخصيص عامه، وتقييد مطلقه... وأيضا بتوقيت الشعائر والفرائض والمناسك، وبيان مقادير ها وشروطها وأركانها.
- التجسيد العملي للبلاغ القرآني: تشكل حياة الرسول( صلى الله عليه وسلم) وسيرته معالم النموذج التطبيقي حول المنهج الإلهي عقيدة وشريعة وقيما وأخلاقا يقول تعالى: { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرا} الأحزابً21
- التعليم والتربية والتزكية: من مهام الرسول ( صلى الله عليه وسلم) تعليم الجماعة المؤمنة الكتاب والحكمة حيث يقوم بتزكيتهم وتربيتهم على فهم الدين والإيمان به إيمانا يدفع للعمنل به والعمل له. يقول تعالى: { لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ }آل عمران164
ثــانــيا: السنة النبوية مصدر للمعرفة والتشريع في الإسلام السنة مصدر رباني للمعرفة مكمل للقرآن وتال له: تستقي السنة النبوية أهميتها ومكانتها كمصدر للمعرفة والتشريع والتوجيه من الاعتبارات التالية:
- السنة وحي من الله تعالى: الوحي إما قرآن أو سنة، فالقرآن وحي من الله بلفظه ومعناه متلو ومنقول بالتواتر، بينما أغلب السنة وحي من الله غير متلو أبرزه رسول الله إلى الناس بألفاظ من عنده، وبعض السنة اجتهاد من الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) أقره ربه عليه بالموافقة أو بالتصحيح ( يا أيها النبى لم تحرم ما أحل الله لك)!!!.
- السنة قرينة للقرآن: السنة كلها متصلة بالقرآن باعتبارها مبينة له أو داعية إليه أو اجتهادا في إطاره أقره القرآن. - السنة المصدر الثاني للأحكام الشرعية: وحجيتها ثابتة بدليل من القرآن الكريم، مثل قوله تعالى: { وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} وقوله: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} النساء 59.وقوله تعالى (وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ).، وبدليل من السنة قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما كتاب الله وسنة نبيه" وبدليل من الإجماع حيث أجمع الصحابة على اعتبارها مصدرا للأحكام الشرعية مع القرآن الكريم.
- السنة تطيبق نموذجي للبلاغ القرآني: السنة هي منهج النبوة النظري والعملي الذي جسد البلاغ القرآني، وأحال كلمات الله واقعا وحضارة يحياها الناس. السنة ترسم المنهاج التفصيلي للحياة: يعد القرآن بمنزلة الدستور لأنه يضع القواعد العامة والمبادئ الكلية ويرسم الإطار العام ويحدد بعض النماذج لأحكام جزئية لابد منها. والسنة بمنزلة القوانين والمذكرات التفسيرية المبينة لأنها تفصل ما أجمله القرآن وتقيد مطلقه، وتخصص عامه، وتوضح مشكله، وتبين مبهمة، وتضع الصورة التطبيقية لتوجيهاته.
ثــالــثــا: مبادئ الفهم وضوابط العمل بالسنة النبوية هناك جملة من الضوابط المنهجية يعتبرها أهل الاختصاص مبادئ أساسية ينبغي أن يلتزم بها الفقيه ومن أهم تلك الضوابط ما يلي:
- أن يستوثق من ثبوت السنة وصحتها حسب الموازين العلمية الدقيقة: كصحة السند والمتن وشروطه.
- أن تجمع الأحاديث الواردة في الموضوع الواحد: وهذا شرط لازم لفهم السنة فهما صحيحا.
- حسن فهم النص النبوي وفق دلالات اللغة العربية: أي لابد من إتقان اللغة العربية وعلومها لكي يسهل التمييز بين صريح الكلام وظاهره وحقيقته ومجازه، ومنطوقه ومفهومه...
- التفريق بين ما كان من السنة تشريعا وما ليس بتشريع وما له صفة العموم وما له صفة الخصوص: أي لابد من معرفة المناسبات التي قيلت فيها والإطار الذي صدرت فيه، فقد تكون صادرة من الرسول(صلى الله عليه وسلم ) على سبيل التبليغ، أو سبيل الإمامة، أو سبيل القضاء، وقد تكون خاصة به أو منسوخة....
- التمييز بين الوسائل المتغيرة والمقاصد الثابتة: أي عدم التركيز على الوسائل باعتبارها مقصودة في ذاتها، في حين أنها تتغير من عصر إلى عصر ومن بيئة على بيئة، ومن ذلك مثلا تعيين السواك لطهارة الفم. - فهم السنة في ضوء القرآن: لا يتصور عقلا أن توجد سنة صحيحة ثابتة تعارض محكم القرآن، لأن السنة قد تكون غير صحيحة، أو يكون فهمنا لها غير صحيح، أو يكون التعارض ظاهريا.وهذا هو الأرجح!!
وعلى هذا يحرم على كل مسلم غير مختص أن يرد حديثا صحيحا بدعوى معارضته للقرآن بناء على ما توهم من معنى.
الشروط العلمية والمنهجية للاستدلال بالسنة شروط الاستدلال بالسنة
1- صحت الدليل :- وهى ثبوت سندها إلي النبي صلى الله عليه وسلم , لأن الأحاديث منها ما هو صحيح ومنها ما هو ضعيف .
- 2 صحت الاستدلال :- لأن المستدل بالسنة يحتاج إلى ثبوت دلالته على الحكم كما هو الحال في القرآن الكريم .
هناك جملة من الضوابط المنهجية يعتبرها أهل الاختصاص مبادئ أساسية ينبغي أن يلتزم بها الفقيه ومن أهم تلك الضوابط ما يلي:
- أن يستوثق من ثبوت السنة وصحتها حسب الموازين العلمية الدقيقة: كصحة السند والمتن وشروطه.
- أن تجمع الأحاديث الواردة في الموضوع الواحد: وهذا شرط لازم لفهم السنة فهما صحيحا.
- حسن فهم النص النبوي وفق دلالات اللغة العربية: أي لابد من إتقان اللغة العربية وعلومها لكي يسهل التمييز بين صريح الكلام وظاهره وحقيقته ومجازه، ومنطوقه ومفهومه...
- التفريق بين ما كان من السنة تشريعا وما ليس بتشريع وما له صفة العموم وما له صفة الخصوص: أي لابد من معرفة المناسبات التي قيلت فيها والإطار الذي صدرت فيه، فقد تكون صادرة من الرسول( صلى الله عليه وسلم) على سبيل التبليغ، أو سبيل الإمامة، أو سبيل القضاء، وقد تكون خاصة به أو منسوخة..!!
- التمييز بين الوسائل المتغيرة والمقاصد الثابتة: أي عدم التركيز على الوسائل باعتبارها مقصودة في ذاتها، في حين أنها تتغير من عصر إلى عصر ومن بيئة على بيئة، ومن ذلك مثلا تعيين السواك لطهارة الفم.
- فهم السنة في ضوء القرآن: لا يتصور عقلا أن توجد سنة صحيحة ثابتة تعارض محكم القرآن، لأن السنة قد تكون غير صحيحة، أو يكون فهمنا لها غير صحيح، أو يكون التعارض ظاهريا.
ويحرم على كل مسلم غير مختص أن يرد حديثا صحيحا بدعوى معارضته للقرآن بناء على ما توهم من معنى. فلا يملك هذا إلا من كان عالما يالقرآن والسنة علما يؤهله لذلك بمعرفة علوم الشريعة دراسة وفهما يجيزه به أهل الإختصاص!!!
ما بين المستشرقين والقرآنيين....!!!!
مناهج المستشرقين:-
كما أن القرآنيين أنفسهم لايجمعون رأيهم وشتاتهم فى بوتقة واحدة فإنه من الصعب أن نجمع المستشرقين أيضا كلهم في بوتقة واحدة ونزعم أن منهجهم كان واحداً في كل الأزمان والأوقات وفي كل الموضوعات التي تناولوها، ولكن تسهيلاً لهذا الأمر فيمكن إجمال هذه المناهج التي يشترك فيها عدد كبير من المستشرقين والقرآنيين قديماً وحديثاً في تناول العلوم الإسلامية عموماً بما يلى وإن كان الحديث فيها مقصور على المستشرقين ولكن لنتدبر ما بين الكلام ونعقد المقارانات .
1- محاولة رد معطيات الدين الإسلامي إلى أصول يهودية ونصرانية وهذا الأمر يتمثل في كثير من الكتابات حول الوحي وحول القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، ويقول في ذلك عماد الدين خليل نقلاً عن جواد علي "إن معظم المستشرقين النصارى هم من طبقة رجال الدين أو من الخريجين من كليات اللاهوت، وهم عندما يتطرقون إلى الموضوعات الحساسة من الإسلام يحاولون جهد إمكانهم ردها إلى أصل نصراني..."([1]) وقد ذكر طيباوي في دراسة أن عدداً من المستشرقين الناطقين باللغة الإنجليزية يعتقدون بذلك ومنهم على سبيل المثال مونتجمري وات وبرنارد لويس وغيرهم.([2]) وانظر أيضاً البحث الذي كتبه التهامي نقرة بعنوان ’القرآن والمستشرقون‘([3]).،
نفس فعل وقول القرآنيين!!
2- التشكيك في صحة الحديث النبوي الشريف دأب المستشرقون عموماً على التشكيك في صحة الحديث النبوي الشريف من خلال الزعم بأن "الحديث لم يدون وقد نقل شفاهاً مما يستوجب في نظرهم عدم صحة الأحاديث"([4]) والأمر الثاني في نظرهم كثرة الوضع في الحديث، والأمر الثالث اتهام المستشرقين للفقهاء بوضع الأحاديث وتلفيقها "لترويج آرائهم واختلاق الأدلة التي تسند تلك الآراء.."([5]) وهذا زعم القرآنيين!!

3- البحث على الضعيف والشاذ من الروايات: يقول جواد علي "لقد أخذ المستشرقون بالخبر الضعيف في بعض الأحيان وحكموا بموجبه، واستعانوا بالشاذ ولو كان متأخراً، أو كان من النوع الذي استغربه النقدة وأشاروا إلى نشوزه، تعمدوا ذلك لأن هذا الشاذ هو الأداة الوحيدة في إثارة الشك".([6]) وهذا الأمر مشهور إلى حد كبير فهم يذهبون إلى الكتب التي تجمع الأحاديث وبخاصة مثل كنز العمال وغيرها من الكتب التي لا يرد فيها تصحيح أو تخريج للأحاديث، وقد كتب باحث بريطاني عن فتح المسلمين قسطنطينية بأنه وردت أحاديث عن أن الذي سيفتحها سيكون اسمه اسم نبي ثم لما لم تفتح ادعى أن الأحاديث لا تصح لأن تكون مصدراً، أما أنه لم يعرف صحة الحديث من عدمه فأمر لا يهمه وهو الذي يدعي العلمية والنزاهة.
وهذه طريقة القرآنيين!!!
4-الاهتمام بالفرق والأقليات وأخبار الصراعات والبحث عن الوثنيات والتاريخ السابق لبعثة الرسول صلى الله عليه وسلم. كثرت كتابات المستشرقين عن الفرق كالشيعة والإسماعيلية والزنج وغيرهم من الفرق التي ظهرت في التاريخ الإسلامي وأعطوها من المكانة والاهتمام أكثر مما تستحق، بل إن هناك من كتب عن المنافقين في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وأطلق عليهم لقب المعارضة لإعطاء ما قاموا به من عداوة لله ولرسوله شرعية. وحصل بعضهم على درجة الدكتوراه في بحوث حول هذه الفرق.وهذا مسلك القرآنيين!!!
5- الخضوع للهوى والبعد عن التجرد العلمي: يقول الدكتور عبد العظيم الديب "فالمستشرق يبدأ بحثه وأمامه غاية حددها، ونتيجة وصل إليها مقدماً، ثم يحاول أن يثبتها بعد ذلك، ومن هناك يكون دأبه واستقصاؤه الذي يأخذ بأبصار بعضهم..."([7]).وهذه سمات القرآنيين!!!
6- التفسير بالإسقاط يشرح الدكتور الديب هذا الخطأ المنهجي بأنه "إسقاط الواقع المعاصر المعاش، على الوقائع التاريخية الضاربة في أعماق التاريخ فيفسرونها في ضوء خبراتهم ومشاعرهم الخاصة وما يعرفونه من واقع حياتهم ومجتمعاتهم"([8]) فمثلاً واقع الغربيين يدل على تنازعهم على السلطة وإن كان الأمر يبدو في الحاضر انتخابات وحرية اختيار ولكن الحقيقة أن من يملك المال يستطيع أن يصل إلى الأصوات حتى صدر في أمريكا كتاباً بعنوان ’بيع الرئيس‘ وكتاباً آخر عن ’صناعة الرئيس‘ فجاء المستشرقون إلى بيعة الصديق رضي الله عنه فصوروها على أنها اغتصاب للسلطة أو تآمر بين ثلاثة من كبار الصحابة هم والله أنقى البشر بعد الأنبياء والرسل وهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة عامر بن الجراح رضي الله عنهم أجمعين فزعموا أن هؤلاء الثلاثة تآمروا على أن يتولوا الخلافة الواحد تلو الآخر. وذكرت كذلك أنهم سموا المنافقين بالمعارضة وغير ذلك من الإسقاطات التي تدل على سوء طوية وخبث وبعد عن المنهج العلمي.([9]).،
وهذا نهج القرآنيين!!!
7- المنهج الانتقائي وإثارة الشكوك في معطيات السنة والتاريخ عرف عن كثير من المستشرقين في كتاباتهم حول السيرة النبوية الشريفة وحول التاريخ الإسلامي أنهم ينتقون بعض الأحداث والقضايا ويكتبون عنها ويهملون غيرها كما أنهم يشككون في أمور من المسلمات لدينا في التاريخ الإسلامي فمن ذلك أنهم كما قال د. محمد فتحي عثمان "لقد غالوا في كتاباتهم في السيرة النبوية وأجهدوا أنفسهم في إثارة الشكوك وقد أثاروا الشك حتى في اسم الرسول e ولو تمكنوا لأثاروا الشك حتى في وجوده..."([10]).
،تطابق حال مع القرآنيين!!!
8- التحريف والتزييف والادعاء قام بعض المستشرقين بتحريف كثير من الحقائق التي تخص الإسلام ورسالته وتاريخه فمن ذلك مثلاً أن بعضهم أنكر عالمية الإسلام وبخاصة فيما يتعلق برسائل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الملوك والأمراء خارج جزيرة العرب كرسائله إلى هرقل والمقوقس وكسرى ، وإنكار عالمية الرسالة الإسلامية يظهر فيما كتبه جوستاف لوبون في كتابه ’تاريخ العرب‘ حيث زعم أن الرسول صلى الله عليه وسلم رأى أنه كان لليهود أنبياء وكذلك للنصارى فأراد أن يكون للعرب كتاب ونبي، وكأن الرسالة والنبوة أمر يقرره الإنسان بنفسه. وهذا لايخالفهم فيه القرآنيين!!!
أما التزييف فأنقل ما أورده الدكتور الديب عن رواية عن أموال الزبير بن العوام رضي الله عنه فقد أورد ديورانت هذا الخبر "وكان للزبير بيوت في عدة مدن، وكان يمتلك ألف جواد وعشرة آلاف عبد..." والخبر كما أوردته المصادر الإسلامية الموثقة هو كالآتي "كان للزبير ألف مملوك يؤدون إليه خراجهم كل يوم، فما يُدخل إلى بيته منها درهماً واحداً، يتصدق بذلك جميعه" وفي مناقشة الخبر أوضح الديب أن المستشرق أضاف ألف جواد أقحمها في الخبر وليس لها أساس ثم إن في الخبر أن الزبير رضي الله عنه يتصدق بكل دخلهم لا يدخل بيته منها شيء فلم يورده فهل هذا من الأمانة العلمية ؟([11])
9- اعتماد مصادر غير موثوقة لدى المسلمين من العيوب المنهجية في الدراسات الاستشراقية أنهم يعمدون إلى المصادر غير الموثقة عند المسلمين فيجعلونها هي المصدر الأساس لدراساتهم وبحوثهم ومن ذلك أنهم يرجعون إلى كتاب مثل كتاب ’الأغاني‘ للأصفهاني فيجعلونه مرجعاً أساسياً في دراساتهم للتاريخ الإسلامي وللمجتمع الإسلامي، كما يعمدون إلى المراجع التي ضعفها العلماء المسلمون أو طعنوا في أمانة أصحابها فيجعلونها أساساً لبحوثهم أو كان أصحاب تلك المراجع منحازين إلى فئة معينة أو متعصبين.
نفس إعتماد القرآنيين!!!
أساليب المستشرقين..
حرص المستشرقون على استخدام أفضل الأساليب التي تحقق أهدافهم ويمكننا أن نلخصها فيما يأتي:
*الدأب والإخلاص والعمل الجاد من أبرز ما يلاحظه المرء في دراسة نشاطات المستشرقين أنهم يتميزون بالدأب والإصرار والعمل الجاد المخلص، ويتمثل هذا الأمر في مختلف نشاطاتهم كالتأليف وعقد الندوات والمؤتمرات والمحاضرات والرحلة في طلب العلم.
*حب الاستطلاع والرغبة القوية في المعرفة سعى المستشرقون من خلال ما تمتعوا به من هذه الخصال إلى معرفة ما لدى الشعوب الأخرى من مصادر علمية كالمخطوطات والآثار وتعرفوا إلى بلادنا في أدق تفاصيل حياتنا.
الإنفاق السخي على البحث العلمي من قبل الحكومات الغربية وكذلك المؤسسات الخاصة ’الخيرية‘ حيث إن المستشرق لا يعاني من قلة الإمكانات في البحث العلمي فهو يجد المراجع وتوفر له الإمكانات للقيام بالرحلات العلمية، كما يتم توفير الفرص للباحثين لنشر إنتاجهم ومكافأتهم عليه بعكس ما يحدث في العالم العربي والإسلامي من التقتير في مجال البحث العلمي وهو ما ميّز هذه الأمة حين كانت الدولة الإسلامية صاحبة السيادة في العالم. التعاون فيما بينهم، يتمثل هذا التعاون في عدة أمور أولها استعانة بعضهم ببعض في مجال التدريس وإلقاء المحاضرات فنظام الأساتذة الزائرين من أبرز ما توفره الجامعات الغربية لتوفير الخبرات والمعرفة لطلابها وأساتذتها، كما أن التعاون يتمثل في المؤتمرات والندوات والمحاضرات العامة، ومن صور التعاون بينهم ما يتم في مجال النشر فكم أوروبي نشر في أمريكا وكم أمريكي استطاع نشر مؤلفاته في أوروبا، كما يتمثل التعاون في المنح الدراسية المتبادلة بينهم،
ومن أوجه التعاون كذلك المنح التي تقدمها المؤسسات ’الخيرية‘ مثل فورد وكارينجي وروكوفللر، وكونراد إديناور الألمانية وغيرها لمختلف الجامعات الغربية أينما كانت. المرونة والتسامح فيما بينهم. المرونة والتسامح مع من يخالفهم الرأي إن وجدوا ذلك في مصلحتهم على المدى القصير أو البعيد. v الخداع والكذب، في بعض الأحيان إذا احتاج المستشرق إلى استخدام مثل هذه الأساليب لتحقيق أهدافه فهو لا يتورع عن ذلك وبخاصة إذا كان في مقام المستشار لبعض المسؤولين العرب والمسلمين ،وكذلك في حالة الإشراف على الطلبة العرب والمسلمين في الجامعات الأوروبية والأمريكية.
وهذا ما يفعله القرآنيين إذ يزعمون أن معنى الإسلام هو السلام بأى وضع وكيفية كان !!!!

المراجع:- [1] - عماد الدين خليل. دراسات تاريخية ص159 [2] -عبد اللطيف طيباوي. المستشرقون الناطقون باللغة الإنجليزية . ترجمة قاسم السامرائي. ص 10-13. 3-مناهج المستشرقين في الدراسات العربية والإسلامية، ج1 ، ص 21-57. [4] - عبد القهار دواد العاني، الاستشراق والدراسات الإسلامية عمّان:دار الفرقان، 1421هـ ص 121 [5] -المرجع نفسه ص 122. [6] -جواد علي، تاريخ العرب في الإسلام، ص 8 [7] -عبد العظيم الديب. المنهج في كتابات الغربيين عن التاريخ الإسلامي قطر :كتاب الأمة، عدد 27 ص 71 [8] - المرجع نفسه ص 99-100 [9] - عماد الدين خليل، مرجع سابق ص 167 [10] - محمد فتحي عثمان، أضواء على التاريخ الإسلامي ص 69 [11]- الديب ، مرجع سابق ص 115-116.
****

وإن تطيعوه تهتدوا...........!!!

بسم الله الرحمن الرحيم
(( ربنا افتح بيننا وبين قومن بالحق وأنت خير الفاتحين)) صدق الله العظيم
أحبائى...
نظرا لكثرة النقاش والحوار فى جدل يقوم بين هذا وذاك هنا وهناك أنقل لكم اليوم مقالا عن مقام العقل والعقلانية فى الإسلام ليعلم كل فريق من السلفيين أو العلمانين أو القرآنين وكذا المستشرقين وكل فريق يعمل عقله فى موضوع يخص الدين ظنا منه أنه قادر عليه دون اتباع لهدى إجتمع عليه السلف الصالح طبقا للصحيح المنقول من قول الله والرسول وليس ما تستحسنه العقول وفي هذا السعة والترحاب بكل إجتهاد ورأى وفكرة ولكن بعد وضعها فى ميزان الشرع دون ابتداع من غير علم وهدى .،
مقام العقل والعقلانية فى الإسلام (منقول)..!!!!
إن المشهد المعاصر، إزاء "العقل والعقلانية" محلياً وعالمياً يشهد بتعدد المواقف، وأحياناً تناقضها وسواء في الموقف المبدئي أو في المقصود والمراد من هذه المصطلحات.
وإذا شئنا تصنيفاً إجمالياً للمواقف والمذاهب المعاصرة إزاء "العقل والعقلانية"، فإننا واجدون:
1 تياراً نصوصياً: يقف أصحابه عند ظواهر النصوص، وينكرون النظر العقلي، بل ويخلطون بين "العقل" و"الهوى"!.. كما لا يميزون بين مفاهيم "العقل والعقلانية" لدى مختلف المذاهب والفلسفات والديانات والحضارات.
2 وتياراً باطنياً: يدَّعي التصوف، لكنه أقرب إلى "الغنوصية الباطنية"، التي اعتمدت على "الحدْس"، دون العقل والنقل والتجارب الحسية، ولذلك تنكَّر هذا التيار الباطني للعقل والعقلانية، كما اعتمد في التعامل مع النصوص الشرعية على التأويل العبثي الذي لا ينضبط بضوابط اللغة وثوابت الاعتقاد والمحكم من النصوص.
3 وتياراً حداثياً غربياً: له امتدادات متغربة في واقعنا العربي والإسلامي.. ذهب إلى تأليه العقل، فجعل شعاره: "لا سلطان على العقل إلا للعقل وحده"!، وبذلك أضفى على سلطان العقل وقدراته
طابع "الإطلاق"!، مخالفاً بذلك دعوته إلى "النسبية" التي أراد لها أن تشمل الوحي والدين!
ولقد قاد هذا "الغرور العقلاني" ذلك التيار التغريبي إلى مخاصمة النص الديني الإسلامي، وافتعال معركة وهمية بين "العقل" و"النقل"، وذلك تقليداً لما عرفته المسيرة الحضارية الغربية، دون إدراك للتمايز الديني والحضاري الإسلامي، الذي جاء "النقل" فيه معجزة عقلية.. والذي تقرر لغته العربية أن المقابل "للعقل" ليس "النقل"، وإنما هو "الجنون"!
4 وتيار ما بعد الحداثة: الذي يحاول التمدد على أنقاض الحداثة الغربية، داعياً إلى تفكيك منظوماتها ومسلماتها الكبرى حول "العقل" و"العلم" و"التقدم"، والذي لا يقدم للإنسان سوى "العدمية" و"الفوضية"، ذات المنطلقات التلمودية! التي تصيب الإنسان بالشك العبثي في كل شيء.. ومن ثم تحرمه من أي لون من ألوان "الأمل" و"الطمأنينة" و"اليقين"!
5 أما التيار الخامس: الذي تتميز مواقفه إزاء "العقل والعقلانية"، فهو تيار الوسطية الإسلامية، الذي يقيم عقلانيته على كتابيْ "الوحي" و"الوجود"، على نور الشرع، ونور العقل، لتكون عقلانيته هذه عقلانية مؤمنة متوازنة، العقل فيها هو الأساس، والدين فيها هو البناء على هذا الأساس المتين من الفقه والوعي بالشرع الذي نزل به الروح الأمين، على قلب الصادق الأمين، صلى الله عليه وسلم .

على حين اتجهت الفلسفة الغربية في طورها اليوناني إلى اعتماد العقل "جوهراً مجرداً عن المادة، قائماً بنفسه"، واتجهت فلسفة الحداثة الغربية التي هي إحياء للفلسفة الإغريقية اليونانية إلى اعتبار "الوعي" نشاطاً مادياً، هو انعكاس "للدماغ"، الذي حسبته "العقل"، ومن ثم جعلت "العقل.. والتعقل" مادة وذلك حتى لا يكون هناك شيء في الإدراك والمعرفة غير الحس والمحسوس والحواس وقال "هكسل. توماس. ه (1825 1895م): "يبدو أن الوعي متصل بآليات الجسم كنتيجة ثانوية لعمل الجسم لا أكثر، كما أنه ليس له أي قدرة كانت على تعطيل عمل الجسم، مثلما يلازم صفير البخار حركة القاطرة دون تأثير على آليتها".
وقال أيضاً في سياق الادّعاء بهذه "المادية الميكانيكية":
"إن الأفكار التي أعبر عنها بالنطق، وأفكارك فيما يتعلق بها إنما هي عبارة عن تغييرات جزئية".
وبهذا التوجه المادي، في تعريف العقل والتعقل، وصلت هذه الفلسفة الغربية في قسمتها الرئيسة إلى "الدهرية" القائلة: "بفناء التفكير والإرادة مع فناء الدماغ"(1).
على حين نَحَتْ الفلسفة الغربية قديماً وحديثاً في قسمتها الرئيسة هذا النحو المادي في تعريف العقل والتعقل والعقلانية؛ لأن الطور الإغريقي لهذه الفلسفة كان العقل فيه بلا نقل ولا وحي سماوي، ولأن طورها الحديث كان العقل فيه ثورة على اللاهوت الكنسي اللاعقلاني؛ فلقد كان اتجاه الإسلام والمسلمين في تعريف العقل والتعقل والعقلانية مغايراً ومتميزاً.
فالعقلانية الإسلامية نابعة من الدين، وليست غريبة عن الدين، ولا هي ثورة عليه، والكتاب المؤسس لهذه العقلانية الإسلامية هو القرآن الكريم الكتاب المؤسس للدين والأمة والدولة والحضاره في تاريخ الإسلام. ورسالة العقل والعقلانية هي الانتصار للإسلام، وليست الثورة على الإسلام.
وبسبب من هذا التمايز والامتياز للعقلانية الإسلامية عن العقلانية الغربية تميز التعريف الإسلامي للعقل، فقال جمهور علماء الإسلام من المتكلمين والفقهاء:
"إن العقل ملكة وغريزة، ونور وفهم، وبصيرة وهبها الله سبحانه وتعالى للإنسان، ولذلك فهو ليس عضواً ولا حاسة من الحواس، أي أن وجوده في الأذهان لا الأعيان، وهو المستوى الأعلى في الإدراك لما فوق الحواس". ولأن القرآن الكريم قد استخدم مصطلح "القلب" للتعبير عن "العقل"، كان اتجاه جمهور علماء الإسلام إلى أن العقل محله القلب، لا بمعنى العضلة الصنوبرية، وإنما بمعنى "جوهر الإنسان"، مستدلين بالقرآن الكريم: أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها (الحج:46).
إنه: "نور معنوي في باطن الإنسان، يبصر به القلبُ أي النفس الإنسانية المطلوب، أي ما غاب عن الحواس بتأمله وتفكره بتوفيق الله تعالى بعد انتهاء إدراك الحواس، ولهذا قيل: بداية العقول نهاية المحسوسات(2)، وهو نور في القلب يعرف الحق والباطل(3).. والمعقول هو ما تعقله بقلبك (4)، وهو نور الغريزة، مع التجارب يزيد، ويقوى بالعلم والحلم"(5).
هكذا تميز التعريف الإسلامي للعقل والعقلانية فِعْلُ التعقل منذ انبثاق النور القرآني، الذي جعل العقل نوراً من أنوار الله، يزامل هذا الدين الحنيف، ويمثل بالنسبة له أداة الفهم، وقاعدة التأسيس. وبسبب هذا التأسيس الديني للعقل والعقلانية في الفلسفة الإسلامية والحضارة الإسلامية، كانت مهمة العقلانية الإسلامية هي الدفاع عن الإيمان الإسلامي بالمنطق العقلاني الداعم للوحي الإلهي والنقل الإسلامي، فشاعت في مصادر الفلسفة الإسلامية والفكر الإسلامي عبارات، من مثل:
"ما عُرف الله إلا بالعقل ولا أطيع إلا بالعلم".
وحتى الصوفية المسلمون "فإنهم بالعقل رغبوا أو رهبوا وزهدوا وانتقلوا إلى الرشد وعَلَوا به في الدرجات، ولكل شيء جوهر، وجوهر الإنسان عقله، وجوهر عقله توفيق الله وكل زاهد زهده على قدر معرفته، ومعرفته على قدر عقله، وعقله على قدر قوة إيمانه"(6).
ولهذا التميز الإسلامي في تعريف العقل ووظيفة العقلانية، تميزت وظيفة الحكمة والفلسفة في الإسلام عنها في الحضارة الغربية.
ففي الغرب، كانت الفلسفة في الحكمة اليونانية بديلاً عن الوحي والدين السماوي، بينما كانت في الحقبة الحديثة منذ النهضة الأوروبية ثورة على اللاهوت والدين.أما في النسق الفكري والحضاري الإسلامي فإن الصواب صوابان:
1 صواب النبوة والرسالة الذي جاء به نبأ السماء العظيم.
2 وصواب العقلانية، الذي تبدعه الحكمة الإنسانية والعقل الإنساني.
وللتأكيد على هذه الحقيقة من حقائق تميز العقلانية الإسلامية، شاعت في مصادر التراث الإسلامي الصياغات الفكرية التي تقول:
"إن لله عز وجل في خلقه رسولين:
أحدهما: من الباطن، وهو العقل.
والثاني: من الظاهر، وهو الرسول.
ولا سبيل لأحد إلى الانتفاع بالرسول بالظاهر ما لم يتقدمه الانتفاع بالباطن، فالباطن يعرف صحة دعوى الظاهر، ولولاه لما كانت تلزم الحجة بقوله، ولهذا أحال الله من يشكك في وحدانيته وحتى نبوة أنبيائه على العقل، فأمره بأن يفزع إليه في معرفة صحتها.
فالعقل قائد والدين مدد، ولولا العقل لم يكن الدين باقياً، ولو لم يكن الدين لأصبح العقل حائراً، واجتماعهما كما قال تعالى: نور على" نور (النور: 35)(7).
هكذا تميز تعريف العقل وتميزت وظيفة العقلانية في النسق الفكري والفلسفي بحضارة الإسلام.
وخلاف التعبير عن هذه الغريزة والملكة النورانية بلفظ "العقل" الذي ورد في القرآن الكريم في تسع وأربعين آية عبر القرآن الكريم عنها بعدد آخر من المصطلحات، منها:
1 القلب: "الذي هو لطيفة ربانية لها بالقلب الجسماني تعلق، وتلك اللطيفة هي حقيقة الإنسان، بها يعبر عن العقل: إن في ذلك لذكرى" لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد 37 (ق) أي عقل كما يقول "الفراء" (380ه 458ه - 990 1066م).
وفي التعبير عن العقل بمصطلح القلب جاءت الآيات القرآنية في مائة واثنين وثلاثين موضعاً، وهذا الجمع القرآني بين مصطلحي "العقل" و"القلب"، في التعبير عن هذه الملكة والغريزة إشارة إلى جمع الإسلام في فلسفته وثقافته بين "تقوى القلوب وعقل العقول" على النحو الذي يبرئ الفكر الإسلامي من الفصام النكد بين "الخبراء" الذين لا عقول لهم و"الفقهاء" الذين لا عقول لهم!: لو أنزلنا هذا القرآن على" جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله (الحشر:21)، إنما يخشى الله من عباده العلماء (فاطر:28).
أما الذين يقرؤون القرآن دون أن تعقله قلوبهم أي "لا يجاوز تراقيهم"(8)، فإنهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية"، كما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ورواه البخاري ومسلم.
2 اللب: "ولب كل شيء ولبابه: نفسه وحقيقته، وخالصه وخياره، واللب: العقل، ولب الرجل: ما جعل في لبه من العقل(9)، واللب: هو العقل سمي بذلك لأنه يمثل جوهر الإنسان وحقيقته"(10).
لقد ورد التعبير عن العقل بمصطلح "اللب" في القرآن الكريم في ست عشرة آية أيضاً من آيات القرآن الكريم.
3 النُْهى: "جمع نُهية، وهو العقل، وقد سمي العقل بذلك لأنه ينهى عن القبيح(11).. ولأنه يُنتهي إلى ما أمر به ولا يُعدى أمره"(12).
ولقد ورد التعبير بالنُّهي عن العقل في آيتين من آيات القرآن الكريم..
4 الفكر والتفكر: "أي التأمل.. وترتيب الأمور المعلومة لتؤدي إلى المجهولة، وتصرف القلب في معاني الأشياء لدرك المطلوب، وسراج في القلب الذي يرى به خيره وشره، ومنافعه ومضاره، ومصباح الاعتبار، ومفتاح الاختيار، ومزرعة الحقيقة ومشرعة الشريعة"(13).
ولقد ورد التعبير بالفكر والتفكر عن العقل في القرآن الكريم في ثمانية عشر موضعاً.
5 الفقه: الذي هو "التوصل إلى علم الغائب عن علم الشاهد"(14). ولقد وردت مادته في القرآن الكريم تعبيراً عن العقل والتعقل في عشرين موضعاً.
6 التدبر: "بمعنى التأمل والتعقل والنظر والتفكير في أدبار الأمور وعواقبها"(15).
ولقد ورد هذا المصطلح تعبيراً عن العقل والتعقل، في القرآن الكريم في أربع آيات.
7 الاعتبار: "بمعنى الاستدلال بالشيء على الشيء.. والتدبر والنظر والقياس.. والاعتبار"(16). ولقد ورد التعبير بهذا المصطلح عن العقل والتعقل في القرآن الكريم في سبع آيات.
8 الحكمة: التي هي الصواب في غير نبوة، ومعرفة أفضل الأشياء بأفضل العلوم، وكل ما يتحقق فيه الصواب من القول والعمل، وإحكام الأشياء وإتقانها"(17).
ولقد ورد التعبير بالحكمة عن الصواب العقلاني بالقرآن الكريم في تسع عشرة آية من آيات القرآن. @@@
فإذا أضفنا إلى هذه الآيات القرآنية التي تحدثت صراحة وباللفظ عن العقل ومترادفاته، وبلغت مائتين وستين وسبع آيات (267) مئات الآيات القرآنية التي تستخدم المنطق العقلاني في المحاورة والمخاطبة والاستدلال والإقناع، في تفنيد حجج الخصوم، وذلك دون أن تذكر مصطلحات العقلانية بألفاظها، وذلك مثل:
لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا (الأنبياء:22).
أوليس الذي خلق السموات والأرض بقادر على" أن يخلق مثلهم (يس:81).
أليس الله بكاف عبده (الزمر:26).
وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم 78 قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم 79 (يس).
وغيرها وغيرها الكثير الكثير من الآيات.. وإذا أضفنا إلى هذه وتلك مائة آية قرآنية تصف الذات الإلهية بصفة الحكيم فهو سبحانه وتعالى:
العزيز الحكيم (9) (النمل).
العليم الحكيم 100 (يوسف) . الحكيم الخبير (1) (سبأ).
أحكم الحاكمين 45 (هود).
وإذا علمنا أننا نحن المؤمنين مطالبون بالتخلق بأخلاق الله، والتعلق بما هو ممكن وميسور من صفات كمالاته. وإذا علمنا ذلك، أدركنا مقام العقل والعقلانية في الإسلام، وخاصة من خلال الكتاب المؤسس للدين والأمة والدولة والحضاره: القرآن الكريم.
وإذا أضفنا إلى ذلك كله مئات الأحاديث النبوية التي جاءت في فضل العقل ومكانته، والتي إن ضعَّفها المحدِّثون الذين غلبت عليهم صنعة "الرواية" و"الدراية"، والذين لم يكونوا أولياء ولا أحباء للنظر العقلي، فإنها هذه الأحاديث مصدقة لما جاء عن العقل والعقلانية في القرآن الكريم، أي إنها صحيحة "دراية"، و"معنى" و"مفهوماً" رغم ما على بعض رواتها من ملاحظات..
إذا أضفنا هذه الأحاديث إلى ما جاء عن العقل والعقلانية في محكم التنزيل القرآني، أدركنا هذا المقام السامي والمتألق للعقل والعقلانية في الإسلام وفلسفته وحضارته.. وكيف تفرد الإسلام بهذا التميز والامتياز الذي لا نظير له في أي نسق فكري آخر.. دينياً كان أو بشرياً.

[تحرير] الهوامش (1) روبرت المجتمع . أ. غروس، جورج ن. ستانسيو: (العلم في منظوره الجديد) ص 26، 25. ترجمة: كمال خلايلي طبعة الكويت عالم المعرفة سنة 1989م.
(2) أبوالبقاء الكفوي: (الكليات).
(3) الجرجاني: (التعريفات) طبعة القاهرة سنة 1938م.
(4) ابن منظور: (لسان العرب) طبعة دار المعارف، القاهرة.
(5) الحارث المحاسبي: (طبقات الشافعية) والنقل عن: حسين القوتلي، مقدمة تحقيق: (العقل وفهم القرآن) للحارث المحاسبي: ص 147، ط. الثانية، بيروت، سنة 1398ه- 1978م.
(6) الحارث المحاسبي: (الوصايا) ص 89، (رسالة المسترشدين) ص 45 والنقل عن المرجع السابق، ص 135، 96.
(7) الراغب الأصفهاني: (كتاب الذريعة في مكارم الشريعة) ص 207، تحقيق: د. أبواليزيد العجمي، طبعة القاهرة، سنة 1405ه 1987م.
(8) الترقوة: مقدم الحلق في أعلى الصدر.
(9) لسان العرب.
(10) (معجم ألفاظ القرآن) وضع مجمع اللغة العربية، طبعة القاهرة، سنة 1970م.
(11) معجم ألفاظ القرآن الكريم.
(12) لسان العرب.
(13) التعريفات.
(14) معجم ألفاظ القرآن الكريم.
(15) المصدر السابق.
(16) المصدر السابق، ولسان العرب.
(17) المصدران السابقان.
وتبقى كلمة..
ليس فيما أذكره من نقد لهذا الفريق اوذاك إلا حبا وتيمنا بل إيمانا بوسطية واعتدال الإسلام تلك الحسنة التى تجمع دوما بين السيئتين تفريط المتساهلين وتشدد المتشددين وافتكاسات المتنطعين !!!
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين!!!
*******