ترجمة

الخميس، 10 يوليو 2008

لم يفهمها سليمان بعد!!!!!!!!!!


أحبائى..

حديثى اليوم ليس عن سيدنا سليمان عليه السلام وقول الله تعالى( ففهمناها سليمان)....ولكن عن الأستاذ/سليمان جودة الذى على مدار ثلاثة أيام يكتب عن كاريزما الشيخ الشعراوى وتناقضاته...وهو لايفهم أن آفة العلم خصلتان هما أسوأ الرذائل. أعاذنا الله وإياكم منهما:

الأولى: هي اتباع الظن، وإن الظن لا يغني من الحق شيئًا، وهو أكذب الحديث، كما قال صلى الله عليه وسلم، وكما قال تعالى:{وما يتبع أكثرهم إلا ظنًّا، إن الظن لا يغني من الحق شيئًا}يونس:36

والثانية: هي اتباع الهوى، والهوى يعمي ويصم، وهو شر إله عبد في الأرض، كما قال ابن عباس رضي الله عنهما.{أفرأيت من اتخذ إله هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله}الجاثية: 23

فإذا اجتمعت الآفتان في شخص أو في فئة من الناس كانت الطامة، كما قال تعالى في شأن المشركين الذين اتخذوا اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى آلهة لهم:{إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى}النجم:2وحتى لاأكون ممن يرمون الناس بالباطل وأزعم أن الأستاذ/سليمان من هؤلاء ..أضع بين أيديكم روابط مقالاته وردودى عليها والحكم لله ثم لكم من خلال الإيمان والتسليم لله عز وجل..والإنصاف !!!!!!!!!!!!

المقال الأول على هذا الرابطوهو بعنوان بداية السقوط...


وكان هذا تعليقى الأول عليه..

بالأمس كان عادل إمام صاحب رسالة...واليوم الشيخ الشعراوى متعصب وداعى للتمايز الدينى... أستاذ/سليمان....ياريت تدينا عقلك وعينيك حتى نفهم مثلك ونرى ما تراه!!!!!!!ولا تعليق ..لدى غير قولى سبحان الله ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم!!!!!

وحذف تعليقى الثانى عليه والذى تحدثت فيه بكلام الله عن أفضلية الإسلام والمسلمين بدليل قول الله تعالى { ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إننى من المسلمين}قوله تعالى{ ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو فى الآخرة من الخاسرين}.

ثم كان مقاله الثانى وهو على هذا الرابط..بعنوان كاريزما بديلة...


وكان هذا تعليقى الثالث عليه مع تعليقين آخرين ستجدونهما على نفس الرابط

والله شعبنا لاينقصه كاريزما (لوجو)أو رسالة بل ينقصه الإرادة الحقيقية والعزم الشديد على دحر الفساد والمفسدين والإحتكار والمحتكرين..ولا يوجد بيننا من يغرقنا فى بحور الكاريزمات وأصحاب الرسالات فليس لنا غير كاريزما واحدة وهى إيماننا بالله وحبنا لأوطاننا... ولا يكونن أحدنا (إمعة) يقول إن أحسن الناس أحسنت وإن أساءوا أسأت ولكن نوطن أنفسنا ونحسن مع المحسنين ولا نسىء مع المسيئين...ونتقى الله فى أنفسنا وأهالينا ومجتمعاتنا وأواطاننا ونعود إلى خالقنا الذى يعلم ما يضرنا وما ينفعنا(ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير).

وأخيرا كانت مقالته الثالثة وهى على هذا الرابطبعنوان منطق الشيخ...


وكان هذا تعليقى عليه...

حقيقة لاأدرى كيف لم يفهمها سليمان بعد كل هذا النقاش والجدال الذى دار ...يبدوا أنه لم يقرأ جيد أو لم يحاول أن يفهم ماجاء فى التعليقات وكل ما لفت نظره مقدار الحب الذى فسره بالتقديس للشيخ الشعراوى.وما زال يتبع الظن والهوى..يا أخى العزيز ...كلنا نؤمن أن كل إنسان يؤخذ من كلا مه ويرد عليه إلا كلام سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا لكونه رسول لا ينطق عن الهوى وإنما هو وحى يوحى....أما مايحاول أن يدسه من سم فى عسل التعقل وإعمال العقل !!!وكل هذا ليس بدعة منه وإنما دعوة من الله ورسوله(أفلا يتفكرون)(أفلا يتدبرون القرءان أم على قلوب أقفالها)(وفى أنفسكم أفلا تبصرون)...ولكنه يتناسى الفارق بين العبادات والمعاملات فالعبادات واجب التسليم بها لكل مؤمن فالله تعالى واجب عبادته بالصحيح المنقول وليس بما تستحسنه العقول...أما المعاملات ..فأهل مكة أدرى بشعابها ...وأنتم أعلم بشؤن دنياكم كما قال سيد الخلق صلى الله عليه وسلم..ولكن شرط مراعاة الحلال والحرام...والمشتبهات التى بينهما والتى لايعلمها كثير من الناس...وما يعقلها إلا العالمون ...ومن اتقى الشبهات كالراعى يرعى حول الحمى ألا وإن لكل ملك حمى وحمى الله فى أرضه محارمه كما قل المعصوم صلى الله عليه وسلم...ومتناسيا أن لكل مجتهد نصيب فمن اجتهد وأصاب فله أجران ومن اجتهد ولم يصب فله أجر واحد..وفى كل خير ...

أما ماذكرته من مثال تحريم الشيخ للنقل الدم وزراعة الأعضاء فليس قوله وحده ولكن قول كثيرين معه ويوجد آخرون أحلوه ...ومن عظمة إسلامنا أن جعل الإختلاف سنة وسعة ولكن فى ظل أوجه الأيات والشرع الحكيم وحيث كان الصالح العام كان الشرع والعكس صحيح...وينبغى لك أن تقرأ عن الفقه فهناك فقه العامة والأمة وهناك فقه للفرد ..وهذا أمر ليس متروكا على علته لكل شخص يعمل فيه عقله ولكنه مقيد بتعلم علم الأصول والفقه والحديث ومن قبل علوم القرءان والقراءات....وكما قال لك سلفا أخ آخر التخصص واحترام التخصص ..وأعجب حين تدعوا إلى إحترام تخصصات فى الفن والسياسة والعلوم الدنيوية ولا تحترم التخصص فى علوم الدين.....حقيقة ذمة المسلمون واحدة يسير بها أدناهم ولكن علم الشرع لا يعقله إلا العالمون وصدق الله إذ يقول(فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لاتعلمون بالبينات والزبر)(إنما يخشى الله من عباده العلماؤا)...أستاذ سليمان مسألة التقديس لشيخ وتأليهه ليست من عقيدة المسلم ولكن من واجب المسلم إحترام العلماء وعدم مقارنتهم بكاريزما متعصب أو كافر وملحد...فلا تعتقد أنك تتحاذق علينا واتق الله فى نفسك وفى قلمك وقرائك والجريدة التى تسمح لك بنشر مقالاتك (واتقوا فتنة لاتصيبن الذين ظلموا منك خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب)(ويحذركم الله نفسه)...ولن أزيد...وإذا أردت أن تعلم ما يكون فيه كلام وجدال وما لا يجب أن يكون فيه كلام أو جدال راجع آيات الذكر الحكيم وستجد أن كل آية خاطب الله فيها المؤمنين فهى واجبة التسليم أما ماكان الخطاب فيها للناس فهى آيات تدعوا للتفكر والتعقل الذى تتحدث عنه وهى ما يقال فيها قولان وليس فى الله شك!!!!!!!!!!.
أخيرا يبقى لى القول أن على هذه الروابط ستجدون حوار قيّما وردودا أقوى من ردودى..جزى الله خيرا كل معلّق أنصف الإسلام والشيخ الشعراوى ودحر حجج سليمان جودة التى تماثل حجج المبطلون(وخسر هنالك المبطلون)صدق الله العظيم......

هناك 6 تعليقات:

د/محمدعبدالغنى حسن حجر يقول...

تعليق تم حجبه ولم ينشر...
لن أمل أرسل تعليقى على مقالة الأستاذ/سليمان جودة اليوم..
أعجب كثيرا عندما يحاول إنسان أن يستقى معلوماته عن الدين ويروج لأفكاره من خلال عمل فنى سواء كان مسلسل أو فيلم مدعيا أن الحقيقة تكمن فى إنسانية الممثل ومصريته متناسيا أن الأصل هو الفطرة التى فطرالله الناس عليها..والشرع الذى شرعه الله لعباده..لذا ردا وتعليقا على مقالة الأستاذ/ سليمان جودة أترك له مشاركة كتبت منذ أشهر عديدة على مدونتى ونشرتها فى مواقع عدة ليعلم الفرق بين مفهوم المواطنة ومفهوم العقيدة من خلال الصحيح المنقول وليس ما تستحسنه العقول..والمشاركة على هذا الرابطhttp://drmohamad555hotmailcom.blogspot.com/2008/03/blog-post_442.html
أحبائى ....
بعد خروج حملة معا أمام الله والتى يتبناها مجموعة من الشباب المسلم والمسيحى وذلك لترسيخ المواطنة وحرية الإعتقاد..حاولت جاهدا أن أجيب على الإستفتاء الذى طرحوه بما أعتقده فعلا وأؤمن به ولكن نظرا لتحديد الأسئلة بإختيارات وجمل بسيطة فى الإجابات قد لاتعبر بحق عن مضمون ما يكنه كل إنسان فى صدره ...أعمد اليوم لنشر مشاركة كنت قد كتبتها فى منتدى الحوار بالأسبوع تعليقا على حلقة برنامج 90دقيقة فى 14/1/2008وهو تضمن إجابة شافية عن كثير من الأسئلة فى الإستفتاء ولكن قبل عرض الرسالة أكرر أنه يوجد فرق شاسع بين المواطنة والتعايش بسلام بين أفراد المجتمع بكل طوائفه وهذا ليس بدعة أو نفاق وإنما هو عملا بما نادى به المولى الكريم(لاينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم ولم يظاهروا على إخراجكم أن تبروهم وتقسطوا إليهم)(ولاتجادلوا أهل الكتاب إلا بالتى هى أحسن)واقتداءا بمافعله الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وصار عليه الصحابة الكرام "لهم مالنا وعليهم ماعلينا"...وبين الإيمان بالله ورسوله وكتابه هذا الإيمان الذى يرسخ فى عقيدتنا تصديقا بما جاء فى الكتاب والسنة أن الإسلام هو الدين الحق(ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو فى الآخرة من الخاسرين)(إن الدين عند الله الإسلام)(ماكان إبراهيم يهوديا ولانصرانيا ولكن كان حنيفامسلماوماكان من المشركين)(لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم)(لقدكفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة)(ولن ترضى عنك اليهود ولاالنصارى حتى تتبع ملتهم قل إن الهدى هدى الله )...وعليه فإذا أعملنا عقولنا وأردنا التعايش بسلام ينبغى أن لايكون هذا بمنطق دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله ولكن أن يكون ذلك على أساس أننا جميعا ملك لله والأرض ملك لله يورثها من يشاء من عباده ولن نقول إلا مايرضى ربنا...قل إن صلاتى ونسكى ومحياى ومماتى لله رب العالمين لاشريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين...
وماذا بعدحلقة 90 دقيقة؟؟؟
****************
فى حلقة أمس من برنامج 90 دقيقةالتى إستضاف فيها معدوا البرنامج ومذيعه الأستاذة الدكتورة/زينب عبد العزيز...أستاذة الحضارة الفرنسية...والتى تحدثت عن حملة التبشيروكيف أنها تخشى على المسلمين منها خاصة وبعد أن أعلن صراحة أن الغرض منها إقتلاع الإسلام...وأفاضت فى الحديث عن مؤتمرالفاتيكان2 والذى تم فى عام 65..وقالت مانصه أن حملة التبشير جاءت بقرار سياسى بحت...بعيدا عن أصول العقيدة المسيحيةوالتى لاتأمر معتقيديهابالدعوة إلى المسيحية أو التبشير بالمسيح وإنما تدعوإلى التبشير بالملكوت...وبينت التناقض والتحريف فى الأناجيل والإختلافات بينهافى أسس العقيدة المسيحية....وبينت بالأدلة القاطعةوالبراهين الساطعة أن جملة ماكتب عن التبشيركان بعد قتل المسيح وصلبه أو رفعه إلى السماوات العليابأربعة قرون....وبينت التخاذل بل والتعاون من قبل بعض من ينتمون إلى الإسلام وعلى رأسهم هذا العالم الليبى الذى يعمل داخل الفاتيكان وبينت أن الوثيقة التى أعلن عنها فى مؤتمر حوار الأديان كتبت بأسلوب ولاتقربوا الصلاة وبالتعاون بين العملاء إن صح التعبير وبين بابا الفاتيكان الجديد الذى أهان الإسلام فى بداية ولايته...وأرجعت ذلك إلى قصور المؤسسات الإسلاميةوعلى رأسها الأزهر الشريف...وقد أكدكلامها الأستاذالدكتور/جمال قطب....وكيل الأزهر فى عهد الشيخ /جاد الحق..وهو من علماء الأزهر والمسلمين الغيورين على هذاالدين...وكان من جملة ماقيل أيضاأن حملات التبشير تستهدف المناطق الفقيرة والموبوءة بالكوارث والفقر...وهذا ما يعزز كلام الأستاذالدكتور /زغلول النجار...الذى هوجم بشدة من قبل بعض المسلمين أكثرمما هوجم به من قبل المسيحين..تحت زعم المواطنة والخوف من الفتنة الطائفية..مع أن المواطنة لاتعنى أبدا أن نكون خليط بزرميط لاهو مسيحى ولا هو مسلم وإنما تعنى أن نكون محسنين على الدوام ونتعايش فى سلام تحت مظلة(لكم دينكم ولى دين)....ولهم مالنا وعليهم ماعلينا دون إفراط أو تفريط فى دينناالحق (وماذا بعد الحق إلا الضلال)وهو دين الفطرة التى فطر الله الناس عليها(لاتبديل لخلق الله)والسؤال الذى يطرح نفسه الآن وماذا بعد؟؟بل ماذا نحن فاعلون؟؟؟وأختتم مشاركتى هذه بأبيات جاءت فى تفسير لإبن كثير منذ قرون مضت......
عجباللمسيح بين النصارى وإلى أى والدنسبوه
أسلموه إلى اليهود وقالواأنهم بعدقتله صلبوه
فلئن كان مايقولون حقا ويقينافأين كان أبوه؟؟؟
حين خلّى إبنه رهين الأعادىأتراهم أرضوه أم أغضبوه؟؟
ولئن كان راضيا بمافعلوافاحمدوهم لأنهم عذبوه !!
ولئن كان ساخطافاتركوه واعبدوهم لأنهم غلبوه!!
...........................

د/محمدعبدالغنى حسن حجر يقول...

جريد الوطن القطرية بتاريخ 18/6/1998م

نعى فضيلة العلامة د.يوسف القرضاوي إلى الأمة الإسلامية "رجل القرآن" وأحد المفسرين الكبار الإمام الراحل الشيخ محمد متولي الشعراوي .. ووصفه في بيان أدلى به ـ قبل سفره إلى البحرين أمس ـ بأنه العالم الرباني والذواقة الإيماني وأحد المربين الذين نوروا القلوب بعلم الإسلام.
وأكد أن الأمة فقدت بموته عَلماً من أعلامها وكوكباً من كواكب الهداية في سمائها، عاش عمره في خدمة العلم والقرآن والإسلام .. وقال أنه ترك وراءه علماً زاخراً وتفسيراً باهراً للقرآن الكريم.
وذكر أن الفقيد كان ممن حباهم الله فهم القرآن ورزقهم معرفة أسراره وأعماقه وله فيه لطائف ولمحات وإشارات ونظرات استطاع أن يؤثر بها في المجتمع. وأشار إلى أن كثيرين اختلفوا مع الفقيد في آرائه ومواقفه واجتهاداته لكنهم لم يختلفوا حول قيمته وقدره ودوره في خدمة الإسلام. وطالب المسلمين بأن يكرموا علماءهم ويقدروهم ويقتدوا بهم كما يفعل العلمانيون والماركسيون واللادينيون الذين يضفون هالات ضخمة على رجالهم. وأعرب د.القرضاوي عن حزنه الشديد على موت الشيخ الشعراوي وقال: لا أرى في ساحة الدعوة عوضاً عن الشعراوي والغزالي. وفيما يلي نص البيان الذي أدلى به أمس قبل أن يغادر إلى المنامة.
قال فضيلة العلامة د. يوسف القرضاوي متحدثاً بأسى عن الشيخ محمد متولي الشعراوي:
لقد فقدت الأمة الإسلامية بموت الشيخ محمد متولي الشعراوي عَلماً من أعلامها وكوكباً من كواكب الهداية في سمائها، فقدت رجلاً عاش عمره في خدمة العلم وخدمة القرآن وخدمة الإسلام، وموت العلماء لا شك مصيبة على الأمة خصوصاً إذا تكرر فقدهم واحداً بعد الآخر وقد فقدنا في هذه الفترة عدداً من هؤلاء النجوم، فقدنا الشيخ الغزالي والشيخ خالد محمد خالد والشيخ جاد الحق علي جاد الحق، والشيخ عبد الله بن زيد آل محمود، والشيخ عبد الفتاح أبو غدة. وقد جاء في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من صدور الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسُئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا".
لقد قال الشاعر قديماً بعد أن مات أحد الرجال الأتقياء:

يموت بموته خلق كثير
ولكن الرزية فقد حر


فكيف إذا كان هذا المفقود أحد العلماء الربانيين الذين تركوا وراءهم الكثير من العلم الزاخر وتراثاً من التفسير الباهر للقرآن الكريم
لقد رحل عنا رجل القرآن وهو الشيخ الشعراوي، فلا شك أنه كان أحد مفسري القرآن الكبار، وليس كل من قرأ القرآن فهمه ولا كل من فهم القرآن غاص في بحاره وعثر على لآلئه وجواهره ولا كل من وجد هذه الجواهر استطاع أن يعبر عنها بعبارة بليغة، ولكن الشيخ الشعراوي كان من الذين أوتوا فهم القرآن ورزقهم الله تعالى من المعرفة بأسراره وأعماقه ما لم يرزق غيره، فله فيه لطائف ولمحات وإشارات ووقفات ونظرات استطاع أن يؤثر بها في المجتمع من حوله، وقد رزق الله الشيخ الشعراوي القبول في نفوس الناس فاستطاع بأسلوبه المتميز أن يؤثر في الخاصة والعامة في المثقفين والأميين في العقول وفي القلوب وهذه ميزة قلما يوفق إليها إلا القليلون الذين منحهم الله تعالى من فضله.
ترك الشيخ الشعراوي القرآن مفسراً في أشرطة في التليفزيونات العربية وقد فسر أكثر القرآن. عندما لقيته في شهر رمضان الفائت قال إنه بقي عليه نحو ثلاثة أجزاء وأقل. وسألت الله تبارك وتعالى أن يمد في عمره حتى ينتهي من هذا التفسير ويبدو أن القدر لم يمهله حتى ينهيه وقد كتب هذا التفسير أيضاً. فمن تلاميذ الشيخ من يقومون بإعداد هذا التفسير مكتوباً لينشر جزءاً بعد آخر. كما ترك الشيخ الشعراوي كتباً أخرى في موضوعات إسلامية وفتاوى في موضوعات شتى.
اتفق الناس مع الشيخ الشعراوي واختلفوا معه. وهذه طبيعة العلم والعلماء لا يمكن أن يوجد عالم يتفق عليه الناس، كل الناس ومن في الناس يرضي كل نفس ـ وبين هوى النفوس مدى بعيد كما قال الشاعر. وقديما قالوا "رضا الناس غاية لا تدرك" والله تعالى يقول (ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين * إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم) قال كثير من المفسرين (ولذلك) أي للاختلاف خلقهم لأنه حين خلقهم منح كلا منهم حرية العقل وحرية الإرادة وما دام لكل منهم عقله الحر وإرادته الحرة فلا بد أن يختلفوا ولقد اختلف الناس من قبل على الرسل والأنبياء واختلفوا على المصلحين والعظماء وقال علي رضي الله عنه وكرم الله وجهه: هلك في اثنان، محب غال ومبغض غال وهذه طبيعة الحياة والناس.
كان للشيخ نزعته الروحية الصوفية الظاهرة، وهناك من يعادون التصوف. وكان للشيخ آراء معينة في الفقه وفي غيره لا يوافقه عليها الآخرون، مثل رأيه في زراعة الأعضاء فكان لا يوافق على ذلك. وكان الشيخ مسالماً لا يرضى بمواجهة الحكام ويأخذ الأمور بالأناة والتدرج وهناك أناس يريدون أن يأخذوا كل شيء بالقوة وبالمواجهة فلابد أن يخالفوا الشيخ رحمه الله. ولكن مهما اختلف الناس مع الشيخ الشعراوي فلا يمكن أن يختلفوا في قيمته وفي قدره وفي دوره في الدعوة إلى الله وإلى الإسلام وإلى مخاطبة الناس بلغة عصرهم وباللغة التي يفهمونها. وصدق الله العظيم إذ يقول (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم) ومما اغضب الناس على الشيخ الشعراوي تلك الفترة التي ولي فيها وزارة الأوقاف وكما قال الشاعر قديماً "إن نصف الناس أعداء من ولي الأحكام" هذا إن عدل والناس حساسون في هذه القضايا خصوصاً في عصرنا الذي استبد فيه المستبدون فمن عمل مع هؤلاء حمل معهم أوزارهم. ولكن لا نستطيع أن نقول إلا أن الشيخ الشعراوي كان أحد الدعاة والهداة لهذه الأمة.

الشعراوي أستاذي

ولقد عرفت الشيخ الشعراوي وأنا طالب في المرحلة الثانوية فقد درسنا حينما جاءنا مدرساً للبلاغة في معهد طنطا وتسامعنا نحن الطلاب أن جاء الشيخ الشعراوي وهو مدرس عظيم وشاعر عظيم، أما تدريسه فقد كان فعلاً مدرساً جذاباً، كان يستطيع أن يوصل المعلومة إلى طلابه، بطريقته بالإشارة والحركة وضرب الأمثلة وغير ذلك، وأما شعره فكان شعراً مطبوعاً وكان شاعراً مبدعاً، وأذكر له قصيدة لا أذكر مطلعها، وانما أذكر آخرها وكانت قصيدة رائعة:

فبناء على شفير هاري
كل دنيا تبنى على غير دين


وقد ذكَّرته بهذا البيت عندما لقيته في شهر رمضان الماضي في دبي وقد حضرت الاحتفال بتكريمه في دبي، حينما دعتني لجنة الجائزة الدولية لجائزة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي للقرآن الكريم ولتكريم الشخصيات الإسلامية، وكان الشيخ الشعراوي هو الشخصية الإسلامية لعام 1417هـ ولما قيل لي ذلك قلت لهم أن من حق الشيخ الشعراوي عليّ أن احضر الاحتفال بتكريمه. وقد قلت كلمة في تكريمه وسُر الشيخ حينما رآني أبلغ السرور وفرح وارتاح لمجيئي ودعا لي كثيراً حين عرف أني جئت لأشارك في تكريمه وهو أهل أن يكرم والمفروض فينا نحن المسلمين أن نكرم علماءنا الأفذاذ من أمثال الشعراوي والغزالي وغيرهما.

.........

ضرورة احترام العلماء

وأنا أعيب على الإسلاميين انهم لا يكرمون علماءهم ومفكريهم وأدباءهم كما يفعل ذلك العلمانيون والماركسيون الذين يضعون هالات ضخمة على رجالهم، ولكننا لا نفعل ذلك مع رجالنا حتى نفقدهم.
ولا أستطيع إلا أن أقول ونحن نودع الشيخ الشعراوي أن أنشد قول الشاعر:

والمنكرون لكل فعل منكر
ذهب الرجال المقتدى بفعالهــم

ليدفع معور عن معــور
وبقيت في خلق يزين بعضهم بعضاً


إن من حق علمائنا أن نكرمهم ونقدرهم ونقتبس من ضيائهم ونأخذ العلم عنهم، وننتهز هذه الفرصة لنتربى على أيديهم. ولكن أجيالنا الجديدة للأسف لا تفعل ذلك، ولا تعرف قيمة العالم إلا حينما تفقده، وليس أمثال الشيخ الشعراوي بالكثيرين، بل هم القليل والأقل من القليل (بل إني افتح عيني حين افتحها على كثير ولكن لا أرى أحداً) لا أرى في الساحة من يعوّض الشيخ الشعراوي أو الشيخ الغزالي.. وعلينا نحن المسلمين أن نهيئ من شبابنا من يسد الثغرة ويلبي حاجة الأمة، وإلا فإن الأمة كلها آثمة إذا خلت ساحتها من أمثال هؤلاء الرجال الذين يعلمون الناس الخير، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الله تعالى وملائكته وأهل السموات وأهل الأرض حتى النملة في جحرها وحتى الحوت في البحر ليصلون على معلم الناس الخير" لقد كان الشيخ الشعراوي من معلمي الخير للناس وأعظم الخيرات هو القرآن .. وفي الحديث الصحيح "خيركم من تعلم القرآن وعلمه".
إننا ونحن نقف مودعين لهذا الرجل العالم الرباني والذواقة الإيماني وأحد المربين الذين نوروا القلوب بعلم الإسلام، وبهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وربط الناس بالله وحشدهم في ساحة هذا الدين إننا حينما نقف هذه الوقفة لا يسعنا إلا أن ندعو الله تبارك وتعالى أن يغفر للشيخ الشعراوي ويتقبله في الصالحين ويجزيه عن الأزهر وعن العلم وعن القرآن وعن الإسلام وأمته خير ما يجزي به العلماء العاملين والدعاة الصادقين والأئمة المجاهدين، ونسأله أن يعوضنا عنه خيراً، وأن يجعل في هذا الجيل من يخلفه في علمه وعمله ويقوم بواجبات الدعوة إلى الله.
واختتم العلامة القرضاوي كلمته قائلاً:
لقد رحل الشيخ الشعراوي في وقت كانت الأمة أحوج ما تكون إليه من اجل إنقاذ الأزهر مما يراد به من إضعاف التعليم الديني والجور عليه، وكان يقف على رأس جبهة معارضة قوية للحيلولة دون ذلك.
وقد وعده المسؤولون في مصر أن يحققوا له طلبه في تطوير القسم العلمي ما شاؤوا أن يطوروه والعناية بالقسم الأدبي الذي يخرج علماء أصول الدين، وهم خلاصة الأزهر الذي يعد لتخريج الأجيال المرجوة للأمة والتي تتفقه بالدين وتنذر قومها إذا رجعوا إليها. وإننا لنرجو أن يفي المسؤولون للشيخ بعد وفاته بما وعدوه في حياته.

غير معرف يقول...

الاخ د.محمد
اطيب سلام وتحيه
اجهدت نفسك للرد على هذا التافه فى تطاوله على امام الدعاه ! واذا عُرف السبب بطل العجب ! فالمصرى اليوم مخترقه ببوتيكات... وهو يكتب ماكتبه الضال احمد بن صبحى المطرود بامريكا ودكتور الفن خالد منتصر واخرين من المعرصين ....ولكن باسلوب اخر
وللعلم مُنعت تعليقات لى فككت ماكتبه سانشرها قريبا فى مدونتى مع (التعليقات الممنوعه) التى نشرتها...واخرها تفكيك مقاله عن المحافظه الوحدويه باسلوب ساخر وعقلانى ايضا
وللعلم انا اجمع بين حب الاخوان وعبد الناصر !!وتلك تحيرهم لاننا فى زمن الضرب فى الاسلام العروبه ! وانا منهجى الهجوم خير وسيله للدفاع
وانا لست متفرغا للانترنيت فقط اتصفح الاخبار ..ومشغولياتى العمليه والحياتيه اكبر...
http://tarkalwzer1.maktoobblog.com/?getalltitle=1
وبريدى
tarkalwzer1@yahoo.com
طارق الوزير

د/محمدعبدالغنى حسن حجر يقول...

أخى الحبيب /طارق...
شكرا لك على مداخلتك لى على مدونتى التى شرفت بك..وللعلم إجهاد نفسى فى الرد على سليمان جودة...لم يكن له بل ولا من أجل أن يغير نفسه ويراجعها فأنا أعلم أنه ممن يستعلون بوضعيته ككاتب تفتح له الصحف لينشر سمومه ويغرقنا فى بحور أوهامه وعلمانيته ولكن!!
كل هذا من أجل الحق والإسلام...ومعذرة إلى الله...ما ما ذكرته عن المصرى اليوم فهذا حال بدأ يتضح لى أخيرا بعد إصرارها وترحيبها لنشر مقالات سليمان وعمرو الحمزاوى وجمال البنا ونبيل شرف الدين....وافساحها مجالا لنشر ترهات نوال السعداوى...ثم حجبها لتعليقات وعدم الإهتمام بنشر ردود القراء الذين يدافعون عن الإسلام حتى ولو من باب الليبرالية التى يعلنون أنها تحكم عملهم ..وإن كان هناك بادرة أمل فى محررى الموقع الإلكترونى الذين ينشرون بعضا من هذه الردود وإن كان بتحفظ..ولكن لاينبغى لنا ترك المجال للموتورين والمرجفين ..وحتى لاتكون فتنة ويكون الدين والدنيا لله..

د/محمدعبدالغنى حسن حجر يقول...

من كتاب حقائق الإسلام فى مواجهة شبهات المشككين :
حقائق حول السنة النبوية
حول تناقض النقل - القرآن - مع العقل

......................


هناك مَنْ يقيمون التناقض بين " العقل " و " النقل " ، ويدعون أن الثقافة الإسلامية نقلية لا عقلية ،
ويعتقدون أن جميع علماء الأمة بدون استثناء غير مؤهلين ، لأنهم اعتمدوا على النقل وليس التفكير..
وأنه يجب التفكير فى كل أمور الدين ، الأصل قبل الفرع.. وإلغاء كل الأساسيات الموجودة التى تعتبرها
الأمة من المسلمات ، والبحث من جديد عن الحقيقة ، معتمدين على العقل فقط.. (انتهى).
الرد على الشبهة:
إن القول بالاعتماد على العقل فقط - أى دون النقل ، الذى هو الوحى الإلهى ، فى بلاغه القرآنى وبيانه
النبوى -.. واستخدام العقل وحده أداة لإعادة النظر فى كل ما تعتبره الأمة من المسلمات.. هو قول
يحتاج إلى ضبط.. وإلى تصويب.. ويمكن أن يتم ذلك من خلال إشارات إلى عدد من الحقائق:
أولاها: أن مقام العقل فى الإسلام هو مكان عال وفريد ، ولا نظير له فى الشرائع السابقة على الشريعة
الإسلامية الخاتمة.. فالعقل فى الإسلام هو مناط التكليف بكل فرائض وأحكام الإسلام.. أى شرط التدين
بدين الإسلام.
وثانيتها: أن النقل الإسلامى - وخاصة معجزته القرآنية - هو معجزة عقلية ، قد ارتضت العقل حكمًا
فى فهمها وفى التصديق بها ، وفى التمييز بين المحكم والمتشابه فى آياتها ، وأيضًا فى تفسير هذه
الآيات.. فليس للقرآن كهنوت يحتكر تفسيره ، وإنما هو ثمرة لنظر عقول العلماء المفسرين.. وعلى
حين كانت معجزات الرسالات السابقة معجزات مادية ، تدهش العقول ، فتشلها عن التفكير والتعقل
، جاءت معجزة الإسلام - القرآن الكريم - معجزة عقلية ، تستنفر العقل كى يتعقل ويتفكر ويتدبر ، وتحتكم
إليه باعتباره القاضى فى تفسير آياتها.. فكان النقل الإسلامى سبيلاً لتنمية العقلانية الإسلامية.. وكان
هذا التطور فى طبيعة المعجزة متناسبًا ومتسقًا مع مرحلة النضج التى بلغتها الإنسانية ، ومع ختم السماء
سلسلة الرسالات والوحى إلى الأنبياء والرسل وأمم الرسالات..
وثالثتها: أن العقل - فى الإسلام - هو سبيل الإيمان بوجود الله ووحدانيته وصفاته.. لأن الإيمان بالله
سابق على التصديق بالرسول وبالكتاب الذى جاء به الرسول ، لأنه شرط لهما ، ومقدم عليهما ، فالتصديق
بالكتاب - النقل - متوقف على صدق الرسول الذى أتى به ، والتصديق بالرسول متوقف على وجود
الإله الذى أرسل هذا الرسول وأوحى إليه.. والعقل هو سبيل الإيمان بوجود الله - سبحانه وتعالى -
وذلك عن طريق تأمل وتدبر بديع نظام وانتظام المصنوعات الشاهدة على وجود الصانع المبدع لنظام
وانتظام هذه المصنوعات.. فالعقل - فى الإسلام - هو أداة الإيمان بجوهر الدين - الألوهية - وبعبارة
الإمام محمد عبده: ".. فأول أساس وضع عليه الإسلام هو النظر العقلى ، والنظر عنده هو وسيلة الإيمان
الصحيح ، فقد أقامك منه على سبيل الحُجة ، وقاضاك إلى العقل ، ومن قاضاك إلى حاكم فقد أذعن
إلى سلطته.. " (1).
وذلك على حين كان العقل غريبًا ومستبعدًا من سبل الإيمان فى حقب الرسالات السابقة على الإسلام..
حقب المعجزات المدهشة للعقول ، عندما كانت الإنسانية فى مراحل الطفولة " خرافًا ضالة " ، تؤمن
بما يُلقى إلى قلبها ، دون إعمال عقل ، لأن الإيمان لا يحتاج إلى إعمال عقل.. وفق عبارة القديس
والفيلسوف النصرانى " أنسيلم " [1033-1109م].
ورابعتها: أن المقابلة بين " العقل " و " النقل " هى أثر من آثار الثنائيات المتناقضة التى تميزت بها
المسيرة الفكرية للحضارة الغربية ، تلك التى عرفت لاهُوتًا كنسيًا - نقلاً - لا عقلانيًا ، فجاءت عقلانيتها
، فى عصر النهضة والتنوير الوضعى العلمانى ، ثورة على النقل اللاعقلانى ونقضًا له.. أما فى الإسلام
، والمسيرة الفكرية لحضارته وأمته - وخاصة فى عصر الازدهار والإبداع - فإن النقل لم يكن أبدًا مقابلاً
للعقل ، لأن المقابل للعقل هو الجنون ، وليس النقل.. ولأن النقل الإسلامى - القرآن الكريم - هو مصدر
العقلانية المؤمنة ، والباعث عليها ، والداعى لاستخدام العقل والتفكر والتدبر فى آيات الله المنظورة
والمسطورة جميعًا.. وآيات القرآن التى تحض على العقل والتعقل تبلغ تسعًا وأربعين آية.. والآيات
التى تتحدث عن " اللُّب " - بمعنى عقل وجوهر الإنسان - هى ست عشرة آية. كما يتحدث القرآن عن
" النُّهى " - بمعنى العقل - فى آيتين.. وعن الفكر والتفكر فى ثمانية عشر موضعًا.. وعن الفقه والتفقه
- بمعنى العقل والتعقل - فى عشرين موضعًا.. وعن " التدبر " فى أربع آيات.. وعن " الاعتبار "
فى سبع آيات.. وعن " الحكمة " فى تسع عشرة آية.. وعن " القلب " كأداة للفقه والعقل - فى مائة
واثنين وثلاثين موضعًا.. ناهيك عن آيات العلم والتعلم والعلماء التى تبلغ فى القرآن أكثر من ثمانمائة
آية.. فالنقل الإسلامى - أى الشرع الإلهى - هو الداعى للتعقل والتدبر والتفقه والتعلّم.. والعقل الإنسانى
هو أداة فقه الشرع ، وشرط ومناط التدين بهذا الشرع الإلهى.. ولذلك لا أثر للشرع بدون العقل ، كما
أنه لا غنى للعقل عن الشرع ، وخاصة فيما لا يستقل العقل بإدراكه من أمور الغيب وأحكام الدين.
ذلك أن العقل ، مهما بلغ من العظمة والتألق فى الحكمة والإبداع ، هو ملكة من ملكات الإنسان ،


وكل
ملكات الإنسان - بالخبرة التاريخية والمعاصرة - هى نسبة الإدراك والقدرات ، تجهل اليوم ما تعلمه
غدًا ، وما يقصر عنه عقل الواحد يبلغه عقل الآخر.. وإذا كانت ميادين عالم الشهادة - النفس والكون..
أى الدنيا.. مفتوحة على مصاريعها أمام العقل وأمام التجربة - بالنسبة للإنسان - فإن هناك ميادين
- وخاصة فى معارف عالم الغيب - سبيل معرفتها النقل - أى الوحى - والوجدان - القلب والإلهام
- فالهدايات التى يهتدى بها الإنسان هى " العقل " و " النقل " و " التجربة " و " الوجدان ".. وليست
العقل وحده دون سواه.. وبتنوع الهدايات وسبل المعرفة الإنسانية ، مع تنوع مصادر المعرفة الإنسانية
- الوحى وآيات الله المسطورة ، مع الكون وآيات الله المنظورة - تتكامل وتتوازن المعرفة الإنسانية
- وهذه هى نظرية المعرفة الإسلامية - بينما يختل توازن هذه المعرفة إذا هى وقفت - فى المصادر
- عند الكون وعالم الشهادة وحده - وفى الوسائل وإدراك المعرفة عند العقل وحده ، أو العقل والتجربة
وحدهما ، دون النقل والوجدان.. ولقد عبر عن هذا التكامل والتوازن فى - نظرية المعرفة الإسلامية
الإمام محمد عبده عندما تحدث - فى تفسيره لآية (اهدنا الصراط المستقيم)- من سورة الفاتحة - عن
" الهدايات الأربع " - العقل ، والنقل ، والتجربة ، والوجدان كما عبر عن التلازم الضرورى بين العقل
والنقل ، لتكامل المعرفة الإسلامية عندما قال: ".. فالعقل هو ينبوع اليقين فى الإيمان بالله ، وعلمه
وقدرته ، والتصديق بالرسالة.. أما النقل ، فهو الينبوع فيما بعد ذلك من علم الغيب ، كأحوال الآخرة
والعبادات.. والقرآن - وهو المعجز الخارق - دعا الإسلامُ الناس إلى النظر فيه بعقولهم.. فهو معجزة
عُرضت على العقل ، وعرفته القاضى فيها ، وأطلقت له حق النظر فى أنحائها ، ونشر ما انطوى فى
أثنائها.. وإذا قدّرنا عقل البشر قدره ، وجدنا غاية ما ينتهى إليه كماله إنما هو الوصول إلى معرفة
عوارض بعض الكائنات التى تقع تحت الإدراك الإنسانى.. أما الوصول إلى كنه حقيقته فمما لا تبلغه
قوته.. ومن أحوال الحياة الأخرى ما لا يمكن لعقل بشرى أن يصل إليه وحده.. لهذا كان العقل محتاجًا
إلى مُعين يستعين به فى وسائل السعادة فى الدنيا والآخرة.. " (2).
فالإسلام لا يعرف - على الإطلاق - هذه الثنائية المتناقضة بين العقل والنقل.. وصريح المعقول لا يمكن
أن يتعارض مع صحيح المنقول.. ولقد عبر الإمام محمد عبده عن ما قد يتوهمه البعض تعارضًا عندما
صاغ حقيقة هذه القضية فقال: " لقد تقرر بين المسلمين أن الدين إن جاء بشىء قد يعلو على الفهم ،
فلا يمكن أن يأتى بما يستحيل عند العقل.. " (3).. ففارق بين ما يعلو على إدراك العقل ، من بعض
أمور الدين ، وبين ما يستحيل فى العقل الذى برئ ويبرأ منه الدين.
ومن بين علماء الإسلام الذين عبروا - بصدق وعبقرية - عن تكامل العقل والنقل - الحكمة والشريعة
- حُجة الإسلام - أبو حامد الغزالى عندما قال: " إن أهل السنة قد تحققوا أن لا معاندة بين الشرع
المنقول والحق المعقول ، وعرفوا أن من ظن وجوب الجمود على التقليد واتباع الظواهر ، ما أُتوا به
إلا من ضعف العقول وقلة البصائر. وأن من تغلغل فى تصرف العقل حتى صادموا به قواطع الشرع ،
ما أُتوا به إلا من خبث الضمائر. فميل أولئك إلى التفريط ، وميل هؤلاء إلى الإفراط ، وكلاهما بعيد عن
الحزم والاحتياط.. فمثال العقل: البصر السليم عن الآفات والآذاء ، ومثال القرآن: الشمس المنتشرة الضياء
، فأخْلِق أن يكون طالب الاهتداء المستغنى إذا استغنى بأحدهما عن الآخر فى غمار الأغبياء ، فلا
فرق بينه وبين العميان. فالعقل مع الشرع نور على نور.. " (4).
وهذه العلاقة بين العقل والنقل - علاقة التكامل والتآخى - هى التى أكد عليها أبو الوليد ابن رشد
[520-654هجرية/1126-1198م] عندما قال: ".. فإنا - معشر المسلمين - نعلم على القطع ،
أنه لا يؤدى النظر البرهانى إلى مخالفة ما ورد به الشرع ، فإن الحق لا يضاد الحق ، بل يوافقه ويشهد
له.. فالحكمة هى صاحبة الشريعة ، والأخت الرضيعة.. وهما المصطحبتان بالطبع ، المتحابتان بالجوهر
والغريزة.. " (5).
فالباب مفتوح على مصراعيه أمام العقل فى سائر ميادين عالم الشهادة. وهو سبيل الفقه والفهم والتكليف
فى الشرع والدين.. لكن لابد من مؤازرة الشرع والنقل للعقل فيما لا يستقل العقل بإدراكه من أخبار عالم
الغيب والحكم والعلل من وراء بعض أحكام العبادات فى الدين.. وما قد يبدو من تعارض - عند البعض
- أحيانًا بين العقل والنقل ، فهو تعارض بين العقل وبين " ظاهر " النقل وليس حقيقة معنى النقل أو
مرجعه إلى تخلف " صحة " النقل.. أو تخلف " صراحة " العقل.. أو وجود ما يعلو على الفهم ، لا ما
يتعارض مع العقل.. فالعقل مع الشرع - كما قال حُجة الإسلام الغزالى - " نور على نور ".. وما
الحديث عن التعارض بينهما إلا أثر من آثار الغلو فى أحدهما ، تفريطًا أو إفراطًا.
وإذا كانت البداهة والخبرة البشرية - وحتى الحكمة الفلسفية - تقول: إن من مبادئ الدين والشرائع ما
لا يستقل العقل بإدراك كنهه وحقيقة جوهره ، فكيف يجوز لعاقل أن يدعو إلى تحكيم العقل وحده فى
كل أساسيات الدين ؟! لقد قال الفيلسوف الفقيه أبو الوليد ابن رشد وهو الذى احترم عقلانيته المتألقة
الأوروبيون والمسلمون جميعًا. قال عن رأى الفلاسفة القدماء فى مبادئ الشرائع التى لا يستقل العقل
بإدراكها: " إن الحكماء من الفلاسفة ليس يجوز عندهم التكلم ولا الجدل فى مبادئ الشرائع مثل: هل
الله تعالى موجود ؟ وهل السعادة موجودة ؟ وهل الفضائل موجودة ؟. وفاعل ذلك عندهم محتاج
إلى الأدب الشديد ، ولذلك وجب قتل الزنادقة.. فيجب على كل إنسان أن يسلم بمبادئ الشرائع ، لأن
مبادئها أمور إلهية تفوق العقول الإنسانية ، وكيفية وجودها هو أمر معجز عن إدراك العقول الإنسانية
، فلابد أن يعترف بها مع جهل أسبابها.. " (6).
فليس هناك عاقل يحكِّم العقل فيما لا يستقل العقل بإدراكه من مبادئ الشرائع والمعجزات ، وكنه وجوهر
وحقائق المغيبات.
وليس هناك عاقل يغفل أو يتغافل عن مكانة ودور العقل فى دين الإسلام.
وإدراك وظيفة العقل.. وميدان عمله.. وحدود قدراته ، هو لب الاحترام للعقل ، وليس فيه انتقاص من
سلطانه ، الذى تألق فى دين الإسلام وفكر المسلمين.
----------------------------
(1) [ الأعمال الكاملة للإمام محمد عبده ] ج3 ص 301.
(2) المصدر السابق ج3 ص 325 ، 379 ، 397.
(3) [ الأعمال الكاملة ] ج3 ص 257.
(4) [ الاقتصاد فى الاعتقاد ] ص 2، 3. طبعة القاهرة. مكتبة صبيح بدون تاريخ.
(5) [ فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من الاتصال ] ص 31، 32، 67. دراسة وتحقيق د. محمد
عمارة. طبعة دار المعارف. القاهرة سنة 1999م.
(6) [ تهافت التهافت ] ص121 ، 122 ، 125 ، طبعة القاهرة
سنة 1903م

متدبر يقول...

التدبر رزق فاجتهد في طلبه
http://tadabbor.com/nway/media/6/?p=2
منقول من موقع الهيئة العالمية لتدبر القرآن الكريم