ترجمة

الاثنين، 12 أبريل 2010

المشكلة والحل فى طبائع الإستبداد!!!

أحبائى..
فى خضم معترك الجدال والنقاش الدائر الآن حول إمكانية حدوث الإصلاح والتغيير الذى نرجوه ونأمله لمجتمعاتنا العربية والإسلامية وخاصة مصرنا الحبيبة أم الدنيا والشقيقة الكبرى لكل الأقطار والأمصار العربية والإسلامية ، فإن كل منا يجول بخاطره ويبحث فى كل الأفكار والرؤى المطروحة لتكون نقطة البداية فى تشخيص المشكلة وتقديم الحلول الممكنة لفعل ذلك دون فوضى أو فتنة يصير فيها كل حليم حيرانا وتوءد فيها كل الأحلام والأمانى التى تتكسر على صخرة هذا التحالف الإسترتيجى بين قوى ومظاهر الإستبداد السياسى والفساد الأخلاقى والإدارى والمالى والإقتصادى اللذان اقترنا فى سفاح ونتج عنهما مسخا فى صورة توءمة بين الإهمال والعجز والإحتكار واقتران السلطة برأس المال .،
ولهذا أقدم اليوم ملخص قراءة لكتاب...طبائع الإستبداد للأستاذ عبدالرحمن الكواكبى!!
الذى يقول :-
المستبدُّ يتحكّم في شؤون الناسِ بإرادته لا بإرادتهم ، ويحكمهم بهواه لا بشريعتهم ، ويعلم من نفسه أنه الغاصب المتعدِّي فيضع كعب رجلِهِ على أفواه الملايين يسدُّها عن النطق بالحق والتداعي لمطالبتِهِ . المستبدُّ عدوُّ الحق عدوُّ الحريَّة وقاتلُهما ، والحقُّ أبو البشر والحرية أمُّهم ، والعوام صبيةٌ أيتامٌ نيامٌ لا يعلمون شيئاً ، والعلماء هم إخوتهم الراشدون ، إن أيقظوهم هَبُّوا ، وإنْ دعوهم لبَّوا ، وإلا فيتصل نومُهًم بالموت المستبدُّ يتجاوزُّ الحدَّ مالم يرَ حاجزاً من حديد ، فلو رأى الظالمُ على جنبِ المظلوم سيفاً لما أقدم على الظلم كما يقال : الاستعداد للحرب يمنع الحربَ . المستبدُّ إنسانٌ مستعدٌّ بالطبع للشر ، وبالإلجاء للخير ، فعلى الرعيةِ أنْ تعرفَ ما الخيرُ وما الشرُّ ، فتلجئ الظالمَ للخير على الرغمِ من طبعه ، وقد يكفي للإلجاء الطلب وحدّه إذا علم الظالمُ أنّ وراء القولِ فعلاً ، ومن المعلوم أنَ الاستعداد للفعل فعلٌ يكفي شرَّ الاستبداد . الاستبداد أصلٌ لكلِّ فساد ، ومعنى ذلك أنَ الباحثَ المدقّق في أحوال البشر وطبائع الاجتّماع كشف أَنّ للاستبدادِ أثراً سيئاً في كلِّ وادٍ ، فالمستبدُّ يضغطُ على العقلِ فيفسده ، ويلعب بالدين فيفسده ، ويحارب العلمَ فيفسده . إنَّ الاستبداد والعلم ضدّان متغالبان ، فكلُّ إدارة مستبدة تسعى جهدها في إطفاء نور العلم وحصر الرعيّة في حالك الجهلِ ، والعلماء الحكماء الذين ينبُتون أحياناً في مضايقِ صخور الاستبداد يسعون جهدهم في تنوير أفكار الناس ، والغالبُ أَنَ رجال الاستبداد يطاردون رجال العلم ، وينكلون بهم ، فالسعيد منهم مَنْ يتمكّن من مهاجرة دياره .

الإستبداد والأخلاق..
إن الأخلاق أثمار, بذرها الوراثة, وتربتها التربية, وسقياها العلم, والقائمون عليها هم رجال الحكومة. الاستبداد والتربية يقول الكواكبي:" خلق الله في الإنسان استعدادا للصلاح واستعدادا للفساد, والإنسان لا حدّ لغاياته رقيا أو انحطاطا ". يعتقد أن الإنسان أقرب إلى الشر منه للخير مستندا بذلك باقتران اسم الإنسان في القرآن بأوصاف قبيحة مثل ظلوم, غرور, كفّار, جهول و أثيم,
الإنسان في نشأته كالغصن الرطب, فهو مستقيم لدن بطبعه, لكن أهواء التربية تميل به إلى يمين الخير أو شمال الشر, فإذا شبّ يبس وبقي على ميوله مادام حيّا ".
التربية ملكة تحصل بالتعليم والتمرين والقدوة والاقتباس, فأهم أصولها وجود المربين وأهم فروعها وجود الدين, ملكة التربية هذه بعد حصولها إن كانت شرا تضافرت مع النفس ووليها الشيطان الخنّاس فرسخت, وإن كانت خيرا تبقى مقلقلة كالسفينة في بحر الأهواء, لا يرسو بها إلا فرعها الديني في السر والعلانية, أو الوازع السياسي عند يقين العقاب. الاستبداد ريح صرصر فيه إعصار يجعل الإنسان كل ساعة في شأن وهو مفسد للدين في أهم قسميه أي الأخلاق, وأما العبادات منه فلا يمسّها لأنها تلائمه في الأكثر, لذلك تبقى الأديان في الأمم المأسورة عبارة عن عبادات مجردة صارت عادات فلا تفيد في تطهير النفوس شيئا, ولا تنهي عن فحشاء ولا منكر لفقد الأخلاق فيها تبعا لفقده في النفوس الني ألفت أن تتلجأ وتتلوى بين يدي سطوة الاستبداد في زوايا الكذب والرياء والخداع والنفاق, ولهذا لا يستغرب في الأسير الأليف تلك الحال, أي الرياء, أن يستعمله أيضا مع ربه ومع أبيه وأمه, ومع قومه وجنسه, حتى مع نفسه. في ظل العدالة والحرية يعيش الإنسان نشيطا على العمل بياض نهاره, وعلى الفكر سواد ليله, إن طعم تلذذ, وإن تلهى تروّح وتريّض لأنه هكذا رأى أبويه وأقرباءه, هكذا يرى قومه الذين يعيش بينهم, أما أسير الاستبداد, فيعيش خاملا خامدا ضائع القصد, حائرا لا يدري كيف يميت ساعاته كأنه حريص على بلوغ أجله ليستتر تحت التراب, وكل مستبد ( بفتح الباء) يشعر بآلام الأسر والاستبداد إن كان من العوام أو الخواص, فالعوام يسيئون فهم سبب الشقاء, ويعزونه للقضاء والقدر كقولهم: الدنيا سجن المؤمن, المؤمن مصاب, إذا أحب الله عبدا ابتلاه, إلى آخر هذه المثبطات وينسون حديث " إن الله يكره العبد البطال ". أما الخواص فبلاهة التفكير وما لحقه من سوء تدبير يعميهم عن إدراك سبب الشقاء بالعقل والعدل. يعتبر الكواكبي أن " التربية علم وعمل ", وليس من شأن الأمم المملوكة شؤونها, والمستلبة الإرادة أن يوجد فيها من يعلم التربية ولا من يعلّمها, و الأسير بعيد عن الاستعداد لقبول التربية, وهي قصر النظر على المحاسن والعبر, وقصر السمع على الفوائد والحكم, وتعويد اللسان على قول الخير, وتعويد اليد على الإتقان, وتكبير النفس عن السفاسف, وتكبير الوجدان عن نصرة الباطل, ورعاية الترتيب في الشئون, ورعاية التوفير في الوقت والمال, والاندفاع بالكلية لحفظ الشرف, لحفظ الحقوق, ولحماية الدين, لحماية الناموس, ولحب الوطن, لحل العائلة, ولإعانة العلم, لإعانة الضعيف, ولاحتقار الظالمين, لاحتقار الحياة. إلى غير ذلك مما لا ينبت إلا في أرض العدل, تحت سماء الحرية, في رياض التربيتين العائلية والقومية. فالاستبداد يزلزل التربية المنزلية ويدفع عبيد السلطة أو الأسراء نحو ملذات تافهة كلذة الطعام حيث " يجعلون بطونهم مقابر للحيوانات " إن تيسرت أو " مزابل للنباتات ", وكلذة الرعشة " باستفراغ" الشهوة وبرميهم بالتكاثر الأعمى لتصبح أولادهم في عهد الاستبداد سلاسل من حديد يربطون بها الآباء على أوتاد الظلم والهوان والخوف والتضييق. إن للتربية ثلاثة أقانيم, تربية العقل وتربية الجسم وتربية النفس. أما تربية العقل فهي تربيته على التمييز, ثم على حسن التفهم والإقناع, ثم على تقوية الهمّة و العزيمة, ثم على التمرين والتعويد, ثم على حسن القدوة والمثال, ثم على المواظبة والإتقان, ثم على التوسط والاعتدال. أما تربية الجسم فتقتضي تعويد الجسم على النظافة وعلى تحمل المشاق, والمهارة في الحركات, والتوقيت في النوم والغداء والعبادة, والترتيب في العمل وفي الرياضة وفي الراحة, وأما تربية النفس فتقتضي معرفة خالقها ومراقبته والخوف منه.. إن التربية هي ضالة الأمم وفقدها هو المصيبة العظمى.
الاستبداد والترقي
يقول الكواكبي ما معناه:" الحركة سنة الكون, هناك حركتان, حركة حيوية نحو الأمام وهذا ما يدعى الترقي, وحركة لا حيوية نحو الموت والهبوط والإنكسار, فالحياة والموت حقّان طبيعيان. والترقي أي الحركة الحيوية تصيب الأفراد والأمم سواء بسواء, وهي على أنواع ستة: أولا, الترقي في الجسم صحة وتلذذا,
وثانيا الترقي في القوة بالعلم والمال,
وثالثا الترقي في النفس بالخصال والمفاخر,
ورابعا الترقي بالعائلة استئناسا وتعاونا,
وخامسا الترقي بالعشيرة تناصرا عند الطوارىء,
وسادسا الترقي بالإنسانية وهذا منتهى الترقي ".
هذه الترقيات الست لا يزال الإنسان يسعى وراءها ما لم يعترضه مانع غالب يسلب إرادته, وهذا المانع, إما القدر المحتوم المسمّى عند البعض العجز الطبيعي (لا يمكن حدوث ترقي مثلا في الصحراء أو انبعاث حضارة في القطب الجنوبي, وهذا ما يشير إليه أيضا " ول ديورنت " في قصة الحضارة عن تأثير العوامل الجغرافية والطبيعية في نشوء الحضارات ), أما المانع الآخر لغياب الترقي هو الاستبداد المشئوم الذي يقلب السير في الأمة من الترقي إلى الإنحطاط, من التقدم إلى التأخر, من النماء إلى الفناء, حتى تبلغ الأمة حطّة العجماوات ( أي انحطاط البهائم ) فلا يهمها غير حفظ حياتها الحيوانية, وعندها يصير الاستبداد كالعلق يطيب له المقام على امتصاص دم الأمة فلا ينفكّ عنها حتى تموت ويموت هو بموتها.
ويسترسل بعد ذلك في بعض النصح والنقد للأمة التي هو منها وتكاد تكون مجموعة وصايا تلامس في جوهرها كل فضيلة وحق وخير للأمة فيقول:
- يا قوم: لستم بأحياء عاملين ولا أموات مستريحين, بل أنتم بين بين, في برزخ يسمّى التنبت, ويصح تشبيهه بالنوم, إني أرى أشباح أناس يشبهون ذوي الحياة وهم في الحقيقة موتى لا يشعرون, بل هم موتى لأنهم لا يشعرون.
- يا قوم: هداكم الله, إلى متى هذا الشقاء المديد والناس في نعيم مقيم, ونمو كريم, أفلا تنظرون ؟ .
- يا قوم: وقّاكم الله من الشر, أنتم بعيدون عن مقاصد الإبداع وشرف القدرة, مبتلون بداء التقليد والتبعية في كل فكر وعمل, وبداء الحرص على كل عتيق كأنكم خلقتم للماضي لا للحاضر.
- يا قوم: عافاكم الله, ما هذا النوم, وإلى متى هذا التقلب على فراش البأس ووسادة اليأس ؟ انتم مفتحة عيونكم لكنكم نياما, لكم أبصار ولكنكم لا تنظرون.
- يا قوم: قاتل الله الغباوة, فإنها تملأ القلوب رعبا من لا شيء, وخوفا من كل شيء, تفعم الرؤوس تشويشا وسخافة, فما بالكم يا أحلاس النساء في الذل تخافون أن تصيروا جلاّس الرجال في السجون ؟ . ( أحلاس النساء في الذل: الملازمون لهن في المذلة ).
- يا قوم: إعيذكم بالله من فساد الرأي, وضياع الحزم, وفقد الثقة بالنفس, وترك الإرادة للغير....
- يا قوم: شفاكم الله, قد ينفع اليوم الإنذار واللوم, وأما غدا إذا حلّ القضاء, فلا يبقى لكم غير الندب والبكاء, فإلى متى هذا التخادع والتخاذل ؟ , وإلى متى هذا التواني والتدابر ؟ , وإلى متى هذا الإهمال ؟ .
- يا قوم رحمكم الله, ما هذا الحرص على حياة تعيسة دنيئة لا تملكونها ساعة ؟ , ما هذا الحرص على الراحة الموهومة وحياتكم كلها تعب ونصب ؟ , هل لكم في هذا الصبر فخر أو لكم عليه أجر ؟, كلا والله ساء ما توهمون, ليس لكم إلا القهر في الحياة وقبيح الذكر بعد الممات. - يا قوم: حماكم الله, قد جاءكم المستعمرون من كل حدب ينسلون, فإن وجودوكم إيقاظا عاملوكم كما يتعامل الجيران ويتجامل الجيران, وإن وجدوكم رقودا لا تشعرون, سلبوا أموالكم, وزاحموكم على أرضكم, وتحيّلوا على تذليلكم, وأوثقوا ربطكم, واتخذوكم أنعاما.
- يا قوم: سامحكم الله, لا تظلموا الأقدار وخافوا غيرة المنعم الجبّار, ألم يخلقكم أكفاء أحرارا طلقاء لا يثقلكم غير النور والنسيم, فأبيتم إلا أن تحملوا على عواتقكم ظلم الضعفاء وقهر الأقوياء, لو شاء كبيركم أن يحمّل صغيركم كرة الأرض لحنى له ظهره, ولو شاء أن يركبه لطأطأ له رأسه.
- يا قوم: رفع الله عنكم المكروه, ما هذا التفاوت بين أفرادكم وقد خلقكم ربكم أكفاء في البنية, أكفاء في القوة, أكفاء في الطبيعة, أكفاء في الحاجات, لا يفضل بعضكم بين بعض إلا بالفضيلة ؟ , لا ربوبية بينكم ولا عبودية, " والله ليس بين كبيركم وصغيركم غير برزخ من الوهم ".
- يا قوم: جعلكم الله من المهتدين, كان أجدادكم لا ينحنون إلا ركوعا لله, وأنتم تسجدون لتقبيل أرجل المنعمين ولو بلقمة مغموسة بدم الإخوان, أجدادكم ينامون في قبورهم مستوين أعزاء, وأنتم أحياء معوجة رقابكم أذلاء.
- يا قوم: ألهمكم الله الرشد, متى تستقيم قاماتكم, وترتفع من الأرض إلى السماء أنظاركم وتميل إلى التعالي نفوسكم ؟
- يا قوم: أبعد الله عنكم المصائب وبصّرك بالعواقب. إن كانت المظالم غلّت أيديكم, وضيقت أنفاسكم, حتى صغرت نفوسكم, هانت عليكم هذه الحياة, وأصبحت لا تساوي عندكم الجد والجهد وأمسيتم لا تبالون أتعيشون أو تموتون, فهلا أخبرتموني لماذا تحكّمون فيكم الظالمين حتى في الموت ؟ أليس لكم الخيار أن تموتوا كما تشاءون و لا كما يشاء الظالمون ؟ هل سلب الاستبداد إرادتكم حتى في الموت ؟ .
- يا قوم: أناشدكم الله, ألا أقول حقا إذا قلت أنكم لا تحبون الموت ؟ .. فالهرب من الموت موت, وطلب الموت حياة, و "لو كبرت نفوسكم لتفاخرتم بتزيين صدوركم بورد الجروح لا بوسامات الظالمين".
- يا قوم, وأعني منكم المسلمين, إن جرثومة دائنا هي خروج ديننا عن كونه دين الفطرة والحكمة, دين النظام والنشاط, دين القرآن الصريح البيان, إلى صيغة أنّا جعلناه دين الخيال والخبال, دين الخلل والتشويش, دين البدع والتشديد, دين الإجهاد... وهكذا أصبحنا واعتقادنا مشوش, وفكرنا مشوش, وسياستنا مشوشة, ومعيشتنا مشوشة. فأين منا والحالة هذه الحياة الفكرية, الحياة العلمية, الحياة العائلية, الحياة الاجتماعية, الحياة السياسية ؟ .
- يا قوم: وأعني منكم الناطقين بالضاد, من غير المسلمين, أدعوكم إلى تناسي الإساءات والأحقاد, وما جناه الآباء والأجداد, فقد كفى ما فعل ذلك على أيدي المثيرين. دعوا عقلاؤنا يقولون لمثيري الشحناء من الأعاجم والأجانب: دعونا يا هؤلاء نحن ندبّر شأننا, نتفاهم بالفصحاء, ونتراحم بالإخاء, ونتواسى بالضراء, ونتساوى في السراء, " دعونا ندبّر حياتنا الدنيا ونجعل الأديان تحكم في الأخرى فقط ". دعونا نجتمع على كلمات سواء, ألا وهي, فلتحي الأمة, فليحي الوطن, فلنحي طلقاء أعزاء.
- رعاك الله يا شرق, وقاتل الله الاستبداد, بل لعن الله الاستبداد, المانع للترقي في الحياة, المنحط بالأمم إلى أسفل الدركات, ألا بعدا للظالمين
ويتوجه الكواكبي إلى الشباب – أمل الأمة – يبيّن لهم عظمة الأمة وما كانت عليه وما حالها اليوم, ويستنهض الهمم والعزائم, ويزيل غمّة الاستبداد وكربة الاستعباد حيث يقول في ذلك: " إن الأمر مقدور ولعله ميسور, ورأس الحكمة فيه كسر قيود الاستبداد وأن يكتب الناشئون على جباههم عشر كلمات وهي:
- ديني ما أظهر لا ما أخفي.
-أكون حيث يكون الحق ولا أبالي.
- أنا حر وسأموت حرا.
- أنا مستقل لا أتكل على غير نفسي وعقلي.
- أنا إنسان الجد والاستقبال لا إنسان الماضي والحكايات.
- نفسي ومنفعتي قبل كل شيء.
- الحياة كلها تعب لذيذ.
- الوقت غال عزيز.
- الشرف في العلم فقط.
- أخاف الله لا سواه.

الاستبداد والتخلص منه ...
يعيد الكواكبي صياغة تعريف الاستبداد بقوله:" هو الحكومة التي لا يوجد بينها وبين الأمة رابطة معينة معلومة مصونة بقانون نافذ الحكم".
يقدم بعض التعاريف ذات الصلة قبل أن يبحث في كيفية التخلص من الاستبداد:
- الأمة أي الشعب: هي جمع بينهم روابط دين أو جنس أو لغة, ووطن, وحقوق مشتركة, وجامعة سياسية اختيارية, لكل فرد حق إشهار رأيه فيها توفيقا للقاعدة " كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ".
- الحكومة: هي وكالة تقام بإرادة الأمة لأجل إدارة شؤونها المشتركة العمومية.
- الحقوق العمومية: هي حقوق جميع الأمم وتضاف للملوك مجازا, هي جميع الحقوق التي يحق لكل فرد من الأمة أن يتمتع بها وأن يطمئن عليها.
- التساوي في الحقوق: أن تكون الحقوق محفوظة للجميع على التساوي والشيوع.
- الحقوق الشخصية: أفراد الأمة أحرار في الفكر مطلقا, وفي الفعل ما لم يخالف القانون الاجتماعي.
ثم يستفيض في تحليل آلية عمل الحكومة والوظائف ودورها وتوزيع المسئوليات فيها ويؤكد على ضرورة مراقبة دور الحكومة "بأن تنيب الأمة عنها وكلاء لهم حق الاطلاع على كل شيء, وتوجيه المسئولية على أي كان ". ويؤكد على أن سلطة الحكومة منحصرة في القانون إلا في ظروف مخصوصة مؤقتة, ويشير إلى أن العدل ليس ما تراه الحكومة بل ما يراه القضاة المصون وجدانهم من كل مؤثر غير الشرع والحق, ومن كل ضغط حتى ضغط الرأي العام. ويشير أن من أدوار الحكومة دور حفظ الأمن العام وهي مكلفة بحراسة الفرد مقيما ومسافرا حتى من بعض طوارىء الطبيعة بالحيلولة لا بالمجازاة والتعويض.
يوضّح الكواكبي دور الحكومة في حفظ الدين والآداب فيقول:" إن دور الحكومة يقتصر في حفظ الجامعات الكبرى كالدين والجنسية واللغة والعادات والآداب العمومية باستعمال الحكمة ما أغنت عن الزجر.
أما القانون في رأي الكواكبي فهو أحكام منتزعة من روابط الناس بعضهم ببعض ويضعه جمع منتخب من قبل الكافة ليكونوا عارفين حتما بحاجات قومهم وما يلائم طبائع ومواقع ومصالح الأكثرية من الأفراد, كما ويجب أن تكون النصوص خالية من الإبهام والتعقيد وحكمها شامل كل الطبقات, ولها سلطان نافذ قاهر مصون من مؤثرات الأغراض والشفاعة والشفقة.
يؤكد الكواكبي على فصل السلطات حيث يقول:" لا إتقان إلا بالاختصاص أي أن تختص كل سلطة بفرعها دون التعدي على سلطة أخرى أو الجمع بين أكثر من سلطة.
يعود ويؤكد على التعليم والتعلم وتوسيع المعرفة بجعل التعليم والتعلم حرا مطلقا, كما ويؤكد على العمران والاعتدال المتناسب مع الثروات ( ما أقرب هذا الكلام من يومنا هذا حيث التركيز في الدول المتقدمة على ثلاث: التعليم والصحة والسكن ).
يقول في رفع الاستبداد:" إن نوال الحرية ورفع الاستبداد رفعا لا يترك مجالا لعودته من وظيفة عقلاء الأمة وسراتها !؟ ",
( أتذكر بيت شعر للشاعر الأفوه الأودي: لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم.. ولا سراة إذا جهّالهم سادوا ).
يضع الكواكبي لرفع الاستبداد ثلاث أسس لابد من الأخذ بها وملاحظتها بدقة وتعمق وهي:
1-الأمة التي لا يشعر كلها أو أكثرها بآلام الاستبداد لا تستحق الحرية.
2-الاستبداد لا يقاوم بالشدة إنما باللين والتدرج.
3- يجب قبل مقاومة الاستبداد بتهيئة ماذا يستبدل الاستبداد.

خاتمة الكتاب بشرى:
" وأني أختم كتابي هذا بخاتمة بشرى, وذلك أن بواسق العلم وما بلغ إليه, تدل على أن يوم الله قريب. ذلك اليوم الذي يقل فيه التفاوت في العلم وما يفيده من القوة, وعندئذ تتكافأ القوات بين البشر, فتنحل السلطة, ويرتفع التغالب, فيسود بين الناس العدل والتوادد, فيعيشون بشرا لا شعوبا, وشركات لا دولا. وحينئذ يعلمون ما معنى الحياة الطيبة ".
( وكأن الكواكبي بشّر بنظام عولمة ذو أنامل من حرير لا مخالب من حديد كالذي ينهش بنا اليوم ).

ولا نملك بعد هذا إلا أن نقول صدق الله العظيم(يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم)!!
*****

ليست هناك تعليقات: