ترجمة

الخميس، 1 أبريل 2010

ما بين السلفية والعلمانية!!!!!

أحبائى..
تتمة لمقالى السابق واستكمالا للحديث فى صورة تقديم قناعة وفهم معتدل لمعنى الوسطية فى اللإسلام الحسنة بين سيئتين أكتب هذا النشر !!!
كثير من الناس يعتقدون أنه ربما تحولت مفاهيم "الوسطية" و"الإعتدال " إلى مفاهيم هلامية يصعب تحديد ملامحها أو مدلولاتها ، وذلك يرجع فى ظنهم إلى شيوع هذه المفاهيم وإختلاط دلالاتها اللغوية بغض النظر عن ما تختزنه من إحالات رمزية ودلالية ظنا منهم أنهم ربما يضهائون قول كثير من الفلاسفة والعلماء المفكرين الغربين مثل أرسطو و ليون تروتسكي و جيدنز الذين عبروا عن معان للوسطية والإعتدال تماثل ما جاء فى أقوال المفسرين والمفكرين الإسلاميين ، ومنتقدين حال كثير من الجماعات والفرق الإسلامية التى ظهرت مؤخرا وكل منهم يدعى الوسطية والإعتدال ويدعى نهجه للسلفية التى يقول بعضهم أنه ربما داخلها أهواء وافتراءات من البعض ليسايروا عصورهم أو يمارون سلاطينهم ويترزقون منها بظنهم ، وبعيدا عن أن
آفة العلم خصلتان هما أسوأ الرذائل. أعاذنا الله وإياكم منهما الأولى: هي اتباع
الظن، وإن الظن لا يغني من الحق شيئًا، وهو أكذب الحديث،
كما قال صلى الله عليه
وسلم، وكما قال تعالى:{وما يتبع أكثرهم إلا ظنًّا، إن الظن لا يغني من الحق شيئًا}يونس:36والثانية: هي اتباع الهوى، والهوى يعمي ويصم، وهو شر إله عبد في
الأرض، كما قال ابن عباس رضي الله عنهما.{أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على
علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد
الله}الجاثية: 23فإذا اجتمعت الآفتان في شخص أو في فئة من الناس كانت الطامة، كما قال تعالى في شأن المشركين الذين اتخذوا اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى آلهة لهم:{إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى}النجم:2وإضافة لهذا فإن الجهل وإن كان فى حد ذاته آفة للعقل البشرى فهو أيضا ينتج ليس فقط عن عدم علم أو ضلالة في علم بكبر وعناد واتباع ظن وهوى تهدمه ،وإنما أيضا ينتج عن حماقة وسفاهة تجعل كل جهول يحمل على الناس وينتقدهم بل ويتطاول عليهم بكلمات بذيئة وإتهامات تعبر
عن مافى نفسه من حقده وجهله فى سفاهة حكم القدر بوجودها فى نفس وعقل بعضا من الناس
حتى أنهم لايدرون فى أى موضوع يتحدثون بل ويفقدون الإدراك لمعنى كلامهم ولمن
يوجهونه بل لايدرون متى يتكلمون وما غاية وهدف حديثهم اللهم إلا إنكارا لحق أو
جحودا لرأى يخالف ما جبلت عليه أنفسهم وتحقق فيها من جهل واستحسنته عقولهم ونفوسهم
السفيهة.، والأنكى أنهم يفعلون ذلك مع الذات الإلاهية والقراءان والسنة النبوية ولا
يدرون ويحسبون أنهم يحسنون صنعا وهم الأخسرين أعمالا!!!
والأشد أنكى والأشد أسفا أن بعضهم يعتبر هذه المفاهيم ربما استقاها أو استعارها السلف من الفكر الغربى وأسقطها على معانى إسلامية أو لمحاولة أسلمتها ، والغريب أن بعضا من الجماعات الإسلامية والفرق فى فور حماستها ودفاعها عن صلاحية الإسلام لكل زمان ومكان ربما استخدمت بعض التعابير الغربية وألصقتها بمفاهيم إسلامية أصيلة هى فى حد ذاتها تصلح وربما تكون أكثر دقة وأبلغ تعبير عن تعابير الغرب بل هى فى ظنى ويقينى كذلك وفى ظن ويقين كل مؤمن بالله موحد يعى فهما للدين بوجه صحيح غير مبتور أو موتور ليعضد رأى جماعة على أخرى أويظهر ثانية على ثالثة ، أو ينصر فكر الجماعات جميعها على أى فكر آخر حتى ولو كان من الإسلام ولكن لم يأتى عن طريق مشايخهم وعلماؤهم !!!
ناسين أو متناسين ، جاهلين أو متجاهلين أن من عظمة هذا الدين الذى ندين به سعته لكل خلاف مالم يمس العقائد والثوابت فلا فائز لاخاسر ولا محق ولا مبطل فى الفهم الذى هو هبة ومنة من الله تعالى(ففهمناها سليمان وكل آتينا حكما وعلما)!!!
ولذا كان الصحابة رضوان الله عليهم أنفسهم على خلاف بل إختلاف فيما بينهم ولكن فى الفهم وليس الإعتقاد، فتعدد الفهم ولكن لم تتعدد المفاهيم وتنوعت الأفكار والرؤى ولكن لم يتنوع الإسلام بل كان هو الدين الذى أنزله رب العالمين ليكون للعالمين دينا يرتضيه ومنهجا يتبعونه ودستورا يتحاكمون به صالح لكل عصر وأوان، زمان ومكان ولكن أكثر الناس لايعلمون!!!
وكان السلف هم دعاة لهذا الدين بأفعالهم قبل أقوالهم وبحالهم قبل مقالهم فيما يعرف بالمدرسة السلفية ولكن بعباءة الإسلام البيضاء النظيفة "المحاجة البيضاء التى تركهم وتركنا عليها النبى صلى الله عليه وسلم لايزيغ عنها إلا كل هالك"أفكار ورؤى شتى ولكن دون تحزب وتشيع لأنهم كانوا أعلم الناس بقول الله تعالى (من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون)، وليست ملونة كما اليوم بألوان الطيف الفكرى سياسى ودينى ،مرة إخوانية ومرة جهادية ومرة وهابية !!!
فكانت هناك مدارس شتى وإن شئت فقل أحزاب عدة بلغة العصر ولكن فى ظل نظام واحد أوحد إسلامى حاكم!!!
فمثلا كانت مدرسة الصديقين أو حزب أبو بكر وهم من تأثروا بحال الصديق أبو بكر رضوان الله عليه فى الحلم والرقة والأناءة والحيطة .،ومدرسة العمريين أو حزب عمر وهم من تأثروا بمدرسة الفاروق عمر فى القوة والشدة والأخذ بالعزيمة، ومدرسة الثوريين من تأثروا بفكر أبى ذر الثورى "عجبت لمن لايملك قوت يومه ويرى أطفاله يتضورون جوعا أنى له لايخرج على الناس شاهرا سيفه" ، ومدرسة العوفيين من تأثروا بمدرسة عبدالرحمن بن عوف الإقتصادية ورافدها الآخر ذوالنورين عثمان بن عفان،ومدرسة الصفة رفقاء أبوهريرة من الفقراء والمساكين والمتصوفة ، وكثير كثير لايعد ولا يحصى ، و مع ذلك نجدهم جميعا لم ينكر أحدهم على الآخر فكره ولم يحجر على رأيه ولم يتنابذوا بينهم بل لم يتصارعوا كما هو الحال اليوم، وأجيزوا من المصطفى صلى الله عليه وسلم ولم يبكت طائفة ولم ينصر واحدة على أخرى لأنهم تشربوا من مشاربه واستقوا مفاهيمهم من الوحى الذى يوحى إليه (قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين) الرسول والقرآن وتجلى ذلك فى أمثلة كثيرة أكتفى منها بمثالين :-
الأول عندما تحدث الصديق عن وجوب صلاة الوتر عقب صلاة العشاء
وتحدث الفاروق عن وجوب تأخيره لما قبل الفجر وقت السحر
فقال المصطفى صلى الله عليه وسلم لقد أخذ أبو بكر بالأحوط وأخذ عمر بالعزيمة وفى كل خير!!
بما يعنى أنه لافائز ولا خاسر
وكذا عندما أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بصلاة العصر فى بنى قريظة وحضرت الصلاة قبل دخولها فرأى جماعة الصلاة لوقتها ورأى آخرون الصلاة لأمر النبى فى بنى قريظة وعندما عرض الأمر على الرسول أجاز الفريقين!!
فلا خاسر ولاكاسب وفى كل خير!!
ولولا خوفى من التطويل لعددت أمثلة فى كل مناحى الحياة تضيق بها كتب السيرة والحديث الصحاح وكتب التفاسير والفقه التى يعيب البعض عليها تنوع المسائل واختلاف العلماء فيها فى الفهم .، والغريب أنهم العلمانيون الذين يدعون إلى التعددية والليبرالية ، والجماعات الإسلامية بدءا من الإخوان ومرورا بالجهاد وانتهاءا بالوهابية وكل منها تدعى أن مذهبها وفكرها ورأيها هو منفردا منهج السلف ومن عداهم معتدى وظالم يستتاب ردة وكفرا أو على الأقل عاص تجب عليه التوبة والإنابة وذلك لانهم عموا وصموا عن شمولية الإسلام ووسطيته وكانوا كعميان اجتمعوا حول فيل وضع كل منهم يده على عضو منه وأخذ يصفه حسب ما يتلمسه بيده فمنهم من قصّر ومنهم من بالغ، ومنهم من تاه وضل فى الوصف!!!
وإن كان القياس أحد طرق الشرع لإثبات أمر فبالإضافة للسعة فى المثالين وقياسا على حال الصحابة فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم فالوسطية والإعتدال هما صنوان واحد لمنهج حقيقى وفكر واقعى أتى به الإسلام ليسع الناس جميعا على إختلاف مداركهم وفهمهم ولكن بعد أن يكون إيمانهم بعقيدة التوحيد ((لا إلاه إلا الله محمد رسول الله)) بكل ما تعنيه هذه الشهادة ، والتى رفض أبو جهل حتى لفظها بلسانه لعلمه بحقيقتها اللغوية قبل إدراكه لمعناها الشرعى.، ويقيموا بقية أركان الدين الخمس ((من صلاة وصوم وزكاة وحج لمن استطاع إليه سبيلا)) !!
فيا أيها العلمانيون ويا أيها المدعون السلفية بكل الجماعات الإسلامية والفرق المذهبية تعالوا إلى كلمة سواء واعدلوا فى القول واعتدلوا فى الفهم لتتحقق الوسطية التى أرادها رب العالمين فى دينه الذى أرسل به رسوله دين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره الكارهون والكافرون والمشركون، إذ أن هذا الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه بيسره وتيسيره وسعته للناس جميعا مالم يكفروا بالله عقيدة تقر فى قلوبهم وتشهد عليها أعمالهم بجانب أقوالهم المنافية لأركان وفرائض الإسلام!!
وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين على نعمة الإسلام وكفى بها نعمة!!!
اللهم قد بلّغت اللهم فاشهد
*****

ليست هناك تعليقات: