ترجمة

الاثنين، 26 يوليو 2010

ليلة النصف من شهر شعبان ...!!

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّه قال :"إذا كانت ليلةُ النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها" رواه ابن ماجه.
فضل الدعاء في الإسلام:
قال الله تعالى :{وإذا سألك عبادي عنّي فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون} وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"الدعاءُ مخّ العبادة" رواه الترمذيّ. معناه أن منزلة الدعاء عالية في العبادة لأن دعاء العبد المؤمن لربّه فيه إقرار منه بربوبية الله وبقدرته واعتراف منه بالنعم الكثيرة التي منّ الله بها عليه.
فضل قيام الليل تطوعا لله:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"أفضلُ الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل" رواه مسلم. فقيام الليل تطوّعًا لله تعالى هو من النوافل والمستحبات التي رغّبنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، سواء قام الليل بالصلاة أو الدعاء أو الذكر أو الاستغفار أو الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أو تلاوة القرءان وهذا مما يُتقرب به إلى الله مع أداء الواجبات واجتناب المحرمات.
ليلة النصف من شعبان وما ورد فيها:
ليلة النصف من شعبان هي ليلة مباركة مشرفة وإحياؤها وقيامها بأنواع العبادات كالصلاة والذّكر وتلاوة القرءان شىء مستحسن فيه ثواب عظيم. وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم :"إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلَها وصوموا نهارها" رواه ابن ماجه.
وأفضل ما يعمل المرء تلك الليلة أن يتقي الله تعالى فيها كما في غيرها من الليالي ليحظى برضا الله تعالى لأن تقوى الله خير ما يؤتاه الإنسان في هذه الدنيا الفانية الزائلة. يقول الله تعالى :{يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله حقَّ تقاته ولا تموتنَّ إلا وأنتم مسلمون}.
وتقوى الله هي أداء الواجبات واجتناب المحرمات فينبغي للشخص الفطن الذكي في ليلة النصف من شعبان أن يسارع للخيرات كما ينبغي له في سائر الأوقات وسائر الليالي وأن يتذكر أن الموت ءات قريب لا محالة وأن الناس سيبعثون ثم يحشرون ويحاسبون يوم القيامة، فيفوز من ءامن بالله ورسله واتقى، ويخسر من كفر بالله وظلم وعصى. يقول الله عز وجل :{وتزودوا فإن خير الزاد التقوى}।،
وفي معرض الحديث عن ليلة النصف من شعبان يهمنا بيان وذكر أمور شاع أمرها بين كثير من العوام وهي غير صحيحة ولا أصل لها بل هي مخالفة للشرع الحنيف। فمن ذلك عدة أحاديث مكذوبة لا يجوز نسبتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كحديث: رجب شهر الله وشعبان شهري ورمضان شهر أمتي. وحديث: رجب شهر الاستغفار وشعبان شهر الصلاة على النبيّ ورمضان شهر القرءان فاجتهدوا رحمكم الله. فلا أصل لهما عند علماء الحديث.
وأما قراءة سورة يس في هذه الليلة ففيه ثواب كما في سائر الأوقات ولكن ليعلم أنه لم يرد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يستحب قراءتها في هذه الليلة خاصة.
بيان أن القرءان لم يُنزّل في ليلة النصف من شعبان:
كما ينبغي أن يتنبه أن ليلة النصف من شعبان ليست الليلة التي يقول الله تعالى فيها :{فيها يُفْرَق كلّ أمر حكيم} وإن كان شاع عند بعض العوام ذلك فهو غير صحيح إنما الصواب أن الليلة التي يفرق فيها كل أمر حكيم هي ليلة القدر. ومعنى {فيها يفرق كل أمر حكيم} أن الله يُطلع الملائكة في ليلة القدر على تفاصيل ما يحدث في هذه السنة إلى مثلها من العام القابل من مقدورات للعباد أي مما قدّر أن يصيب العباد من موت وحياة وولادة وأرزاق ونحو ذلك.
فلا ينبغي للشخص أن يعتقد أن ليلة النصف من شعبان هي الليلة التي نزل فيها القرءان إلى بيت العزة في السماء الأولى بل هي ليلة القدر بدليل قوله تعالى :{إنا أنزلناه في ليلة القدر} فهذه الآية تفسر الآية الأخرى {إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين فيها يفرق كل أمر حكيم}.
بيان أنه لم يرد في قيام ليلة النصف من شعبان عدد معين من الركعات:
ومما ينبغي التنبه له أيضًا أن صلاة مائة ركعة أو خمسين أو اثنتي عشرة ركعة بصفة خاصة في هذه الليلة المباركة لا أصل له في الشرع ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما للمسلم الذي يريد الخير والثواب أن يصلي في تلك الليلة ما قُدر له من الركعات النوافل من غير تقييد بعددٍ معين أو هيئة وصفة خاصة بتلك الليلة.
فقد ذكر المحدث الشيخ عبد الله الغماري في كتابه "حُسن البيان في ليلة النصف من شعبان" ما نصه :"لم ترد صلاة معينة في هذه الليلة من طريق صحيح ولا ضعيف وإنما وردت أحاديث موضوعة مكذوبة".
بيان أن الدعاء لا يرد القضاء وأن مشيئة الله أزلية لا تتغير:
ليعلم أن عقيدة أهل الإسلام أن مشيئة الله تعالى شاملة لكل أفعال وأقوال العباد فلا يحصل شىء في هذا العالم إلا بمشية الله وتقديره وعلمه وخلقه. وأن مشيئة العباد تابعة لمشيئة الله كما قال تعالى :{وما تشاءون إلا أن يشاء اللهُ رب العالمين}.
فكل ما دخل في الوجود هو بمشيئة الله سواء كان خيرًا أو شرًّا، طاعة أو معصية، كفرًا أو إيمانًا، لأنه لا خالق لشىء من الأشياء إلا الله تبارك وتعالى.
ومشيئة الله أزلية أبدية لا يطرأ عليها تغير ولا تحوّل ولا تبدّل ولا تطوّر وكذلك سائر صفاته كالعلم والقدرة، فالله تعالى يستحيل عليه التغير في ذاته وصفاته لأن التغير من صفات المخلوقات. فلا يجوز أن يعتقد إنسانٌ أن الله تعالى تتغير صفاته أو مشيئته أو يتبدل علمه أو تحدث له مشيئة شىء لم يكن شائيًا له في الأزل، كما لا يجوز أن يعتقد أنه يحدث لله علم شىء لم يكن عالمًا به في الأزل.
بيان لآراء علماء الأمة فى هذه الليلة المباركة ...
وقد تلقى فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين سؤالاً، يقول صاحبه : نحن الآن في شهر شعبان… وبعض المسلمين يختصون ليلة النصف من شعبان بصلوات وأدعية يتلونها… فهل عملهم هذا مشروع، وهل ورد شيء في فضل هذه الليلة؟
وقد أجاب فضيلته على السؤال بقوله:
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
ورد في فضل ليلة النصف من شعبان بعض الأحاديث: إن الله تعالى يتجلى فيها على عباده، ويستجيب دعاءهم، إلا بعض العصاة، وهذا الحديث قد حسنه بعض العلماء وضعفه بعضهم، حتى قال الفقيه القاضي أبو بكر بن العربي: لا يثبت حديث واحد في فضل ليلة النصف من شعبان. ولو قبلنا الأحاديث الواردة في فضل هذه الليلة وإحيائها بالطاعة فلم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة ولا عن أهل القرون الأولى وهم خير القرون… لم يرد عنهم أنهم كانوا يتجمعون في المساجد لإحياء هذه الليلة، ويتلون دعاء خاصاً ويقيمون صلوات خاصة كالتي نعرفها في بعض بلاد المسلمين.. فبعض البلاد يتجمع الناس فيها بعد المغرب في الجوامع، ويقرؤون سورة "يس" ثم يصلون ركعتين بنية طول العمر!! وركعتين أخريين بنية الغنى عن الناس ثم يتلون دعاء لم يؤثر عن أحد من السلف، وهو دعاء طويل، وهو مخالف للنصوص ومتناقض، ومتعارض في معناه أيضاً، ففي هذا الدعاء يقول الداعي: اللهم إن كنت كتبتني عندك في أم الكتاب شقياً أو محروماً أو مطرودا أو مقتراً علي في الرزق، فامح اللهم بفضلك شقاوتي، وحرماني، وطردي، وإقتار رزقي، أثبتني عندك في أم الكتاب سعيدا مرزوقا موفقا للخيرات كلها، فإنك قلت قولك الحق في كتابك المنزل على لسان نبيك المرسل (يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب) هذا نص من الدعاء، وهو متناقض كما ترون فهو يقول: إن كنت كتبتني عندك في أم الكتاب كذا فامح هذا الذي كتبته، وأثبتني عندك في أم الكتاب على خلاف هذا لأنك قلت: (يمحو الله ما يشاء ويثبت، وعنده أم الكتاب). ومعنى الآية أن أم الكتاب لا محو فيها ولا إثبات.. وإنما المحو والإثبات فيما عدا ذلك من صحف الملائكة وغيرها، فإن كان هذا هو معنى الآية، فكيف يطلب العبد من ربه أن "يمحو ويثبت في أم الكتاب"، وهي لا محو فيها ولا إثبات؟.
ثم أي دعاء هذا الذي يقول فيه القائل هذا الترديد: إن كنت فعلت كذا فامح كذا، أو افعل كذا… مع أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا إذا دعونا أن نجزم المسألة، نجزم ولا نردد الدعاء ولا نشكك… ولا نتشكك… فهذا يدل على أن ذلك الدعاء مغلوط ولا أساس له… وفي هذا الدعاء أيضا يقول القائل: إلهي بالتجلي الأعظم في ليلة النصف من شهر شعبان المكرم، التي يفرق فيها كل أمر حكيم ويبرم، أن ترفع عنا من البلاء ما نعلم وما لا نعلم… وهذا خطأ أيضا… فالليلة التي يفرق فيها كل أمر حكيم إنما هي الليلة التي نزل فيها القرآن… وهي ليلة القدر ليلة التجلي الأعظم… وهي في رمضان بنص القرآن.. قال تعالى في سورة الدخان: (حم والكتاب المبين. إنا أنزلناه في ليلة مباركة، إنا كنا منذرين. فيها يفرق كل أمر حكيم). وقال في سورة القدر: (إنا أنزلناه في ليلة القدر) وقال في سورة البقرة: (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن) فالليلة التي يفرق فيها كل أمر حكيم هي في رمضان بيقين… وهي ليلة القدر بالإجماع، وما روي عن قتادة أن ليلة النصف هي التي يفرق فيها كل أمر حكيم فهو ضعيف ومضطرب وجاء عن قتادة نفسه أنها ليلة القدر. وما جاء في حديث أن ليلة النصف من شعبان تقطع الآجال من شعبان إلى شعبان فهذا أيضا حديث ضعيف كما قال ابن كثير وهو مخالف للنصوص، ومن هنا نرى أن هذا الدعاء، ملئ بالأغلاط وهو دعاء لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن خير القرون ولا عن السلف، وهذا التجمع بالصورة التي نراها ونسمع عنها في بعض بلاد الإسلام مبتدع ومحدث، والأولى أن نقف في العبادات عندما ورد، فكل خير في إتباع من سلف.. وكل شر في ابتداع من خلف. وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
وفقنا الله إلى إتباع ما جاء عن رسوله صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه.
يقول فضيلة الشيخ عطية صقر رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر
الكلام هنا في ثلاث نقط :
1 ـ النقطة الأولى: هل ليلة النصف من شعبان لها فضل؟:
والجواب:قد ورد في فضلها أحاديث صحح بعض العلماء بعضًا منها وضعفها آخرون وإن أجازوا الأخذ بها في فضائل الأعمال. ومنها حديث رواه أحمد والطبراني "إن الله عز وجل ينزل إلى السماء الدنيا ليلة النصف من شعبان فيغفر لأكثر من شَعْرِ غَنَمِ بني كلب، وهي قبيلة فيها غنم كثير".وقال الترمذي: إن البخاري ضعفه .
ومنها حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ قام رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم من الليل فصلى فأطال السجود حتى ظننت أنه قد قُبِضَ، فَلَمَّا رفع رأسه من السجود وفرغ من صلاته قال: "يا عائشة ـ أو يا حُميراء ـ ظننت أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد خَاسَ بك"؟ أي لم يعطك حقك .
قلت: لا والله يا رسول الله ولكن ظننت أنك قد قبضتَ لطول سجودك، فقال: "أَتَدْرِينَ أَيُّ ليلة هذه"؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال "هذه ليلة النصف من شعبان"،و إن الله عز وجل يطلع على عباده فيها فيغفر للمستغفرين ، ويرحم المسترحِمِينَ، ويُؤخر أهل الحقد كما هم" رواه البيهقي من طريق العلاء بن الحارث عنها، وقال: هذا مرسل جيد. يعني أن العلاء لم يسمع من عائشة .
وروى ابن ماجة في سننه بإسناد ضعيف عن علي ـ رضي الله عنه ـ مرفوعًا ـ أي إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ "إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا لَيْلَهَا وصُوموا نهارها، فإن الله تعالى ينزل فيها لغروب الشمس إلى السماء الدنيا فيقول: ألا مستغفر فأغفر له،ألا مسترزق فأرزقه، ألا مُبْلًى فأعافيه، ألا كذا ألا كذا حتى يطلع الفجر ".
بهذه الأحاديث وغيرها يمكن أن يقال: إن لليلة ليلة النصف من شعبان فضلاً، وليس هناك نص يمنع ذلك، فشهر شعبان له فضله روى النسائي عن أسامة بن زيد ـ رضي الله عنهما ـ أنه سأل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بقوله: لم أَرَكَ تصوم فى شهر من الشهور، ما تصوم من شعبان قال "ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر تُرفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، وأحب أن يُرفع علمي وأنا صائم ".
النقطة الثانية : هل كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يحتفل بليلة النصف من شعبان؟.
ثبت أن الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ احتفل بشهر شعبان كله، وكان احتفاله بالصوم، أما قيام الليل فالرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ كان كثير القيام بالليل في كل الشهر، وقيامه ليلة النصف كقيامه في أية ليلة .
ويؤيد ذلك ما ورد في الأحاديث السابقة وإن كانت ضعيفة فيؤخذ بها في فضائل الأعمال، فقد أمر بقيامها، وقام هو بالفعل على النحو الذي ذكرته عائشة .
وكان هذا الاحتفال شخصيًا، يعني لم يكن في جماعة، والصورة التي يحتفل بها الناس اليوم لم تكن في أيامه ولا في أيام الصحابة ، ولكن حدثت في عهد التابعين। يذكر القسطلاني في كتابه "المواهب اللدنية" ج 2 ص 259 أن التابعين من أهل الشام كخالد بن معدان ومكحول كانوا يجتهدون ليلة النصف من شعبان في العبادة، وعنهم أخذ الناس تعظيمها، ويقال إنهم بلغهم في ذلك آثارٌ إسرائيلية। فلما اشتهر ذلك عنهم اختلف الناس، فمنهم من قبله منهم، وقد أنكر ذلك أكثر العلماء من أهل الحجاز منهم عطاء وابن أبي مُلكية، ونقله عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن فقهاء أهل المدينة، وهو قول أصحاب مالك وغيرهم، وقالوا: ذلك كله بدعة .
وقال ابن رجب الحنبلى في لطائف المعارف "ينبغي للمؤمن أن يتفرغ في تلك الليلة لذكر الله تعالى و دعائه بغفران الذنوب و ستر العيوب و تفريج الكروب و أن يقدم على ذلك التوبة فإن الله تعالى يتوب فيها على من يتوب "
وقال : " و يتعين على المسلم أن يجتنب الذنوب التي تمنع من المغفرة و قبول الدعاء في تلك الليلة ".،
و قد روي عن عمر بن عبد العزيز أنه كتب إلى عامله إلى البصرة عليك بأربع ليال من السنة فإن الله يفرغ فيهن الرحمة إفراغا أول ليلة من رجب و ليلة النصف من شعبان و ليلة الفطر و ليلة الأضحى و في صحته عنه نظر .
و قال الشافعي رضي الله عنه : بلغنا أن الدعاء يستجاب في خمس ليال : ليلة الجمعة و العيدين و أول رجب و نصف شعبان .
قال : و أستحب كل ما حكيت في هذه الليالي و لا يعرف للإمام أحمد كلام في ليلة نصف شعبان و يتخرج في استحباب قيامها عنه روايتان من الروايتين عنه في قيام ليلتي العيد فإنه في رواية لم يستحب قيامها جماعة لأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه و سلم و أصحابه و استحبها في رواية لفعل عبد الرحمن بن يزيد بن الأسود و هو من التابعين فكذلك قيام ليلة النصف لم يثبت فيها شيء عن النبي صلى الله عليه و سلم و لا عن أصحابه و ثبت فيها عن طائفة من التابعين من أعيان فقهاء أهل الشام.،
و قال عطاء بن يسار : إذا كان ليلة النصف من شعبان دفع إلى ملك الموت صحيفة فيقال : اقبض من في هذه الصحيفة فإن العبد ليغرس الغراس و ينكح الأزواج و يبني البنيان و أن اسمه قد نسخ في الموتى ما ينتظر به ملك الموت إلا أن يؤمر به فيقبضه يا مغرورا بطول الأمل يا مسرورا بسوء العمل كن من الموت على وجل فما تدري متى يهجم الأجل.،
قال بعض السلف : "كم من مستقبل يوما لا يستكمله و من مؤمل غدا لا يدركه إنكم لو رأيتم الأجل و مسيره لأبغضتم الأمل و غروره " أهـ .والله تعالى أعلى و أعلم .
و من مقالة بقلم : د। أحمد عمر هاشم بجريدة الأخبار المصرية فى 8 شعبان 1427 هـ الموافق الأول من سبتمبر 2006 مـ
لشهر شعبان منزلة كريمة، ومكانة عظيمة، اختصه الله تعالي بأنه الشهر الذي ترفع فيه الأعمال إلي رب العالمين، ولذلك كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يكثر من الصيام فيه. وكما جاء في الحديث: ' كان يصوم حتي نقول: لايفطر ويفطر حتي نقول لايصوم، وما رأيناه في شهر أكثر صياما منه في شهر شعبان '، وعندما سئل عن سبب كثرة صيامه فيه قال: ' ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلي الله فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم '
وإلي جانب هذا، فقد جعل الله تعالي فيه ليلة مباركة ألا وهي ليلة النصف من شعبان التي يستحب صيام نهارها وقيام ليلها والدعاء فيها، وقد ورد من الأدعية المأثورة التي جاءت بها بعض كتب السنة النبوية المشرفة، هذا الدعاء الذي يبدأ بقول: ' اللهم يا ذا المن ولا يمن عليه يا ذا الجلال والإكرام يا ذا الطول والانعام، لا إله إلا أنت ظهر اللاجئين وجار المستجيرين وأمان الخائفين...'، وهو من الأدعية المأثورة والتي وردت عن بعض الصحابة رضوان الله تعالي عليهم أجمعين كما أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف، والصحابي لايأمر بشيء ولايفعله إلا بتوفيق ومع أن الدعاء مخ العبادة، ومع أنه مطلوب في كل وقت وحين ومع ورود هذا الدعاء المأثور في بعض كتب السنة النبوية المشرفة، ومع ما هو ثابت وصحيح في فضل شهر شعبان بصفة عامة، وليلة النصف منه بصفة خاصة.. مع كل هذا فإنه يحلو لبعض الناس كلما أشرقت علينا هذه الأيام المباركة، أن يشككوا الناس في فضل الليلة وفي الأحاديث النبوية الواردة بشأنها، وفي شأن الدعاء المأثور فيها.. ويتوقف الكثير منهم عند عبارة زيدت في الدعاء من بعض العلماء، وليست من الألفاظ المأثورة وهي عبارة: ' التي يفرق فيها كل أمر حكيم ويبرم ' وأن المقصود بها هي ليلة القدر، ونحن نقول ان المقصود ليلة القدر وهذه العبارة ليست من نص الحديث المأثور بل زادها بعض العلماء كما وضح هذا كبار المحدثين والمحققين، وربما دعا الذين زادوا هذه العبارة ان الليلة هي ليلة الدعاء والإجابة ففيها خير للداعين يحققه رب العالمين.
والذين أنكروا فضل هذه الليلة لادليل لهم إلا ما قاله البعض بأن أحاديثها ضعيفة ولكن قال المباركفوري في ' تحفة الأحوذي '
3/367 بعد ان ساق أحاديث ليلة النصف من شعبان: ' فهذه الأحاديث بمجموعها حجة علي من زعم انه لم يثبت في فضيلة ليلة النصف من شعبان شيء ' وقال الشيخ عبدالله بن الصديق الغماري ردا علي منكر أحاديث فضلها قال' في هذا غلو وإفراط ' وقال الشيخ ابن تيمية رحمه الله في كتابه ' اقتضاء الصراط المستقيم' ص32: ' وليلة النصف من شعبان قد روي في فضلها من الأحاديث المرفوعة والآثار ما يقتضي انها مفضلة، وأن من السلف من كان يخصها بالصلاة فيها، وصوم شهر شعبان قد جاءت فيه أحاديث صحيحة '
وحسبنا ان نذكر هنا اختصارا في الكلام حديثا صحيحا في فضل هذه الليلة عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: ' يطلع الله علي عباده ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن ' رواه الطبراني في المعجم الكبير والأوسط وقال الهيثمي في المجمع: ورجالهما ثقات كما رواه ابن حبان والبيهقي في شعب الإيمان، وهذا الحديث درجته: انه صحيح وجاء عن عدد من الصحابة رضي الله عنهم. وقد أورد المحدث العلامة الإمام محمد زكي ابراهيم رائد العشيرة المحمدية في كتابه: ' ليلة النصف من شعبان ' معظم الأحاديث الواردة فيها ثم قال رحمه الله: ' وهذه الأحاديث وإن كان في بعضها ضعف أو لين فهي مجبورة ومعتضدة بتعدد طرقها وشواهدها وهكذا تأخذ رتبة (الحسن) علي الأقل '
كما أورد رحمه الله الدعاء المشهود: ' اللهم يا ذا المن ' وهو دعاء أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف عن ابن مسعود رضي الله عنه وورد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ما دعا قط عبد بهذه الدعوات إلا وسع الله عليه في معيشته : ' يا ذا المن فلا يمن عليه يا ذا الجلال والإكرام يا ذا الطول والإنعام، لا إله إلا أنت ظهر اللاجئين، وجار المستجيرين ومأمن الخائفين... إلخ ' وأورده السيوطي في الدر المنثور والالوسي في روح المعاني، وأخرجه ابن جرير وابن المنذر والطبراني عن ابن مسعود.. وقال الإمام محمد زكي ابراهيم رحمه الله ومثل هذا الدعاء مع الإخبار بأن الداعي به يوسع عليه في رزقه.. إلخ لايكون أبدا إلا بتوفيق نبوي فليس من شأن صحابي ولاغيره ان يخبر بجزاء عمل غيبي ' فيكون بذلك له حكم المرفوع ' وبخاصة ان النبي صلي الله عليه وسلم حي والوحي مخصوص به لاينزل إلا عليه وآداب الصحابة لاتأذن لهم بأن يقدموا بين يدي الله ورسوله '
وقد اسند الإمام القرطبي هذا الدعاء إلي عمر بن الخطاب رضي الله عنه من طريق أبي عثمان النهدي. وبناء علي هذا يكون هذا الدعاء معروفا للصحابة متداولا بينهم. قال فضيلة الشيخ محمد زكي ابراهيم رحمه الله أما بقية الدعاء من عند قولهم:
' إلهي بالتجلي الأعظم ' إلي نهايته فقد زاده الشيخ ماء العينين الشنقيطي، وذكره في كتابه: ' نعت البدايات ' ولا بأس به، فالاجتهاد في الدعاء سنة نبوية مقررة.. وعلي الداعي ان يتجاوز العبارة التي أثارت الخلاف وهي قوله في وصف ليلة النصف
' التي يفرق فيها كل أمر حكيم ويبرم '،
والراجح انها مدسوسة عليه، أو انه سار فيها علي الرأي غير المشهور، إذ النص القرآني علي ان هذا الفرق يتم في ليلة القدر. وعلي المسلمين، ان يتعرضوا لنفحات الله في الأيام المباركة وأن يكثروا من التقرب إلي الله تعالي والتوبة والدعاء، وألا تجرهم تلك الزوبعة التي يفتعلها البعض حول ليلة النصف..
وليت الذين يحاولون تشكيك الناس في فضلها يستوثقون من الأحاديث الصحيحة والحسنة الواردة بشأنها، وبدل ان يبددوا الجهود والأوقات في صد الناس عن العبادة والدعاء ان يوجهوا جهودهم إلي مقاومة المنكرات وما يغضب الله تعالي، وأن يصدوا حملات التشكيك التي تريد أن تنال من الإسلام، وألا يصدوا رواد المساجد الذين يدعون ربهم في هذه الليلة المباركة وفي غيرها من الأيام والليالي الكريمة.
ليلة النصف وتحويل القبلة:
هناك بعض الآراء تري ان تحويل القبلة لم يكن ليلة النصف من شعبان. ولكن تري طائفة من السلف انها كانت في ليلة النصف وهذا الرأي هو الذي رجحه الإمام النووي في ' الروضة ' وذكر الإمام الطبري في تاريخه ان هذا الرأي هو قول الجمهور الأعظم.. لقد تحولت القبلة من بيت المقدس إلي البيت العتيق استجابة لرغبة رسول الله صلي الله عليه وسلم، لأن اليهود كانوا قد أكثروا القول واللغط عندما اتجه الرسول صلي الله عليه وسلم إلي بيت المقدس، فكان رسول الله صلي الله عليه وسلم يقلب وجهه في السماء راغبا أن تكون قبلته المسجد الحرام، فنزل قول الله تعالي: ' قد نري تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره'. وكان صلي الله عليه وسلم قد صلي الركعتين الأوليين من الظهر فاتجه في الركعتين الاخريين إلي المسجد الحرام. وهذا الحدث أيضا يضفي علي الليلة المباركة قيمة دينية كبري. ومما ورد في فضل الليلة المباركة ما جاء عن علي كرم الله وجهه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: ' إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصمموا نهارها فإن الله تعالي ينزل فيها لغروب الشمس إلي السماء الدنيا فيقول: ألا من مستغفر فأغفر له؟ ألا مسترزق فأرزقه؟ ألا مبتلي فأعافيه... ألا كذا ألا كذا حتي يطلع الفجر ' رواه عبدالرزاق في المصنف وابن ماجه في سننه، والبيهقي في شعب الإيمان. وروي الطبراني بسند حسن من حديث السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: ' هذه ليلة النصف من شعبان: ان الله عز وجل يطلع علي عباده في ليلة النصف من شعبان فيغفر للمستغفرين، ويرحم المسترحمين ويؤخر أهل الحقد كما هم ' رواه البيهقي في شعب الإيمان والطبراني في الكبير، والدارقطني. ومما أثر في فضل هذه الليلة الكريمة وما يستحب فيها من التقرب إلي الله سبحانه وتعالي ما جاء عن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: ' أتاني جبريل عليه السلام فقال: هذه ليلة النصف من شعبان، ولله فيها عتقاء من النار بعدد شعور غنم بني كلب، لاينظر الله فيها إلي مشرك ولا إلي مشاحن، ولا إلي قاطع رحم، ولا إلي مسبل، ولا إلي عاق لوالديه، ولا إلي مدمن خمر ' قالت: فسجد ليلا طويلا وسمعته يقول في سجوده: ' أعوذ بعفوك من عقابك وأعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بك منك جل وجهك لا أحصي ثناء عليك انت كما أثنيت علي نفسك ' قالت السيدة عائشة رضي الله عنها: فلما أصبح ذكرتهن له فقال: ' يا عائشة تعلمتهن؟ فقلت: نعم، فقال: يا عائشة تعلميهن وعلميهن فإن جبريل عليه السلام علمنيهن وأمرني أن أرددهن في السجود ' رواه البيهقي في شعب الإيمان.
هذا ما اتضح لنا من خلال مراجع الحديث الصحيحة من فضل هذه الليلة ولانكره أحدا علي رأينا، ولانريد ان يكرهنا أحد علي رأيه.، وإنما نقول ما قاله شوامخ ائمتنا: رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب، المهم انه لايصح تبديد الأوقات، في النقد والاختلافات، وأولي بنا أن نعزز أمور العبادة وشئون الدعاء، وكل ما فيه خير ونفحات في أيام الله المباركة.
وأسأل الله العظيم رب العرش العظيم ان يمن علي أمتنا بوحدة الصف وجمع الكلمة، وقوة اليقين والانتصار لدين الله إحقاقا للحق وإبطالا للباطل وبالله التوفيق .انتهى.،
وهذا هو الدعاء الذى ينسب لسيدنا عبدا الله بن مسعود رضى الله عنهوفى بعض البلدان بعد صلاة المغرب تتم قراءة الدعاء …يبدأ بسورة يس ثم يقرأ الدعاء وهكذا ثلاث مرات...
(بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى اللهُ على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم اللهم يا ذَا المنّ ولا يُمَنُّ عليه يا ذا الجلال والإِكرام يا ذا الطّولِ والإِنعامِ ، لا إِله إِلا أَنتَ ظهرَ اللاجينَ ، وجَارَ المستجيرينَ ، ومأَمنَ الخائفين . الّلهُمَّ إِن كنتَ كتبتني عندك في أُمِّ الكتابِ شقيّا أوْ محُروما أو مطُروداً أوْ مقتَّراً عليَّ في الرزقِ فاُمحُ الّلهُمَّ بفضلكَ شقاوَتي وحرماني وطرْدي وإقتار رِزِقي ، وأثبتني عندَكَ في أُمِّ الكتَابِ سعيداً مرْزوقاً موفقا للخيراتِ ؛ فإِنك قلت وقوْلُكَ الحق في كتابك المنزلِ ، على لسان نبيك المرسلِ(يمحو اللهُ مَا يشاَءُ ويُثبتُ وعندَهُ أُم الكتاب ) إِلهى بالتَّجلي الأَعظم ، في ليلة النصف منْ شعبانَ المكَّرمُ ، التي يفرَقُ فيها كلُّ أمرٍ حكيم ويُبرمْ ، اكشفْ عني مِنَ البلاءِ ما أَعلمُ ، ومَا لا أَعلمُ ، واغفْر لي مَا أنتَ بِهِ أعلمُ . الّلهَّم اجعلني منْ أعظم عبادِكَ حظَّا ونصيباً في كلِّ شَـيءِ قسمْتَهُ في هذهِ الليله مِنْ نورِ تَهْدِي بِه ، أو رَحمةٍ تنشرُها ، أو رِزقٍ تبسطُه ، أو فضل تَقسمه على عَبادِكَ المؤمنينَ ، ياَ اللهُ ، يا الله ، لاَ إِلهَ إلآ أنت . اللـهمَّ هبْ لي قلباً تَقَّياً نَقِيَّا ، منَ الشرْكِ برِيَّاً ، لا كَافراَ ولا شقيًّا ، وقلباً سليماً خَاشعاً ضَارعا . اللهَّم أمْلأ قلبِي بنوركَ وأنوار مشاهدَتكَ، وجمالكَ وكمالكَ ومحبتكَ ، وعصمتكَ وقدْ رتكَ وعلمِك ، ياَ أرْحمَ الراحمينَ ، وصلى اللهُ تعالَى على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم )،
اللهم آمين.،
مع خالص تحياتى.، وكل عام وأنتم بخير.،
ونحن جميعا وكل الأمة الإسلامية إلى الله أقرب وعلى طاعته أحرص وأدوم.
*****

هناك تعليقان (2):

allfollowsome يقول...

ربنا يباركلك

د/محمدعبدالغنى حسن حجر يقول...

وبارك الله فيك.،
وجزيت خيرا على المرور الكريم.،
وتقبل الله منا ومنك.،
ومن المسلمين أجمعين.
اللهم آمين