ترجمة

السبت، 2 مايو 2009

الثقافة الجنسية لمن ومتى وكيف؟؟!!!

أحبائى
مما لاشك فيه ولا جدال أن تعلم أمور الدين ومعرفة كل شىء يتعلق بأحكامه التى تخص جوانب الحياة ومنها الحياة الجنسية والعلاقات الأسرية وبالأخص العلاقة الحميمية فى الفرش بين الرجل والمرأة فى حدود العلاقة المشروعة "الزواج" حيث قال { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (21) سورة الروم.، و التزاما لأوامر الدين طلبا للحلال فى طور المسموح به قال الله تعالى ( وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم )وقال (فأتوهن من حيث أمركم الله )وقال(ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء فى المحيض) دون خجل أو حياء بعيدا عن الإبتذال والرخص وشيوع الفاحشة أمر يتطلبه الشرع الحكيم .،وقد لخص المولى الكريم مجمل العلاقة وأدابها فى قوله (وقدموا لأنفسكم) فى إشارة لما يجب أن يكون من مداعبة وتقديم لهذه العلاقة الحميمية .،!!
وفى هذا بالغ الإمام السيوطى في ذكر هذه الأمور كثيرا على سبيل التندر و الطرافة و سردالحكايات وأيضا للتعليم والتثقيف فمن كتبه في ذلك :"نواضر الأيك في معرفة النيك" ومعذرة للفظ فقد ذكره هكذا و "الانشراح في فوائد النكاح"و" رشف الزلال من السحر الحلال".، وكذلك كتب الشيخ محمود مهدى الإستانبولى كتابه "تحفة العروسين" والذى تجدونه على هذا الرابط
http://www.almaktab-alislami.com/forum_posts.asp?TID=246&PN=1
وكتب فى ذلك أيضا مجدى الشورى كتابه" تحفة العروس" تجدونه على هذا الرابط
http://saaid.net/book/open.php?cat=82&book=1763
وتبع ذلك كتابات كثيرة وجدالات وحوارات غابت معظمها أو بعضها فى طور اعتبار الحديث فى هذه الأمور من التابوهات المغلقة للعفة والتى يمنع الحديث فيها خلق الحياء كما أنها من الأمور الغريزية التى تضمنها الفطرة ولا يطمسها ويمحيها الجهل بالفنيّات وطرق الأداء السليم .، كما أنه يجب علينا أن لاننسى ما سطر وكتب فى متون كتب الفقه على المذاهب الأربعة وغيرها من المذاهب والشروح من أحكام وتعاريف ومفاهيم لحقيقة الوطء الذى هو حقيقة فى عقد النكاح والذى عرّف بأنه " إيلاج حشفة أو مقدارها فى فرج مطيقة"!!!
إلى غير ذلك من الفنيّات والمقدمات التى تلزم المعرفة لكن مغلّفة بخلق الحياء فى حدود العلم الشرعى للطالب والراغب فى العلم والتحصيل من خلال العلماء وليس الأدعياء أو العوالم!! حتى وصلنا اليوم لأدعياء وأدعيّات يحاولون الكتابة فى هذه الأمور بفجاجة وسفور ووجوه كالحة وألفاظ خادشة وجرأة فى غير محلها واعتداء على بكارة الفكر قبل الفرج على أنها من الغرائب والإبداعات لهم وجرأة منهم على فتح تابوهات العفة المغلقة غافلين ومتناسين بل جاهلين على من سبقوهم فى هذا الأمر كتاباتهم وعلمهم الذى قدموه لكن منعهم وحدّهم خلق الحياء!!!
وعلى هذا فإذا ما أردنا بالفعل جعل الثقافة الجنسية وتعلم الجنس أمر متاح فليكن من أهل العلم وبحده وقدره ولطالبه ممن يتوفر فيه شروط التكليف وبلوغ سن الرشد وبالكيفية التى تجعله يميز بين الخبيث والطيب ولا تجرح بكارته الفكرية والخلقية قبل البكارة الجسدية التى هى فى أصل الشرع "بكارة غشاء وأداء" وليس أحدهما فقط كما يدعى المتنطعون"بكارة غشاء" أو المتكجولين"بكارة أداء" فى الدين .
وأن يكون ذلك من خلال غلاف خلق الحياء الذى هو من أخلاقنا ليكون لنا الخير ونبتعد عن الشر...
فالخير والشر معان كامنة تعرف بسمات دالة !!!!
كما قال سلم بن عمرو الشاعر:-
لا تسأل المرء عن خلائقه
في وجهه شاهد من الخبر

فسمة الخير: الدعة والحياء,
وسمة الشر: القحة والبذاء,
وكفى بالحياء خيرا أن على الخير دليلا,
وكفى بالقحة والبذاء شراً أن يكونا إلى الشر سبيلا,
وقد روى حسان بن عطية عن أبي إمامة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الحياء والعي شعبتان من الأيمان, والبذاء والبيان شعبتان من النفاق " أخرجه أحمد والترمذي والحاكم. ويصد بالعي: سكون اللسان تحرزاً عن الوقوع في البهتان, والبذاء: ضد الحياء وهو فحش الكلام, والبيان: فصاحة اللسان والمراد به هنا ما يكون فيه أثما من الفصاحة كهجو أو مدح بغير حق, ويشبه أن يكون العي في معنى الصمت, والبيان في معنى التشدق, كما جاء في حديث آخر: " إن أبغضكم إلى الله الثرثارون المتفيهقون المتشدقون ", وروى أبوسلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " الحياء من الأيمان والأيمان في الجنة, والبذاء من الجفاء والجفاء في النار " في معجم الطبراني, سنن البيهقي, وأخرجه أحمد والترمذي وقال: حسن صحيح, وأخرجه البخاري في الأدب عن أبي بكرة.

***********

هناك تعليق واحد:

د/محمدعبدالغنى حسن حجر يقول...

الثقافة الجنسية والاعتداء على الحياء
خطبة جمعة للشيخ محمد صالح المنجد

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .

الحمد لله الذي اتصف بالحياء، فقال نبينا -صلى الله عليه وسلم- : ((إِنَّ رَبَّكُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِي مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا)).

وفي الحديث الآخر، عن الرجل الذي جاء إلى حلقة الذكر، مع النبي -صلى الله عليه وسلم- فلم يجد مكاناً فقعد خلف القوم، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- : ((اسْتَحْيَا فَاسْتَحْيَا اللَّهُ مِنْهُ)).

هذا الحياء صفة للأنبياء، وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- أشد حياءً من العذراء في خدرها، ومن المعلوم أن المرأة التي لم تتزوج تكون أشد حياءً من بقية النساء في خدرها معتزلةً عن القوم، لم تلابس ولم تخالط، وقال -عليه الصلاة والسلام- عن أخيه موسى : ((إِنَّ مُوسَى كَانَ رَجُلًا حَيِيّاً سِتِّيراً لَا يُرَى مِنْ جِلْدِهِ شَيْءٌ اسْتِحْيَاءً مِنْهُ)) .رواه البخاري .

فهذه صفتهما صلى الله عليهما وسلم، والحياء صفة الصالحين، قال -عليه الصلاة والسلام- عن عثمان رضي الله عنه: ((أَلَا أَسْتَحِي مِنْ رَجُلٍ تَسْتَحِي مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ)).

((الحياء لا يأتي إلا بخير))، كما قال -عليه الصلاة والسلام-، وقال ((إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الْأُولَى (فهو شيء في شرائع الأنبياء السابقين) إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ)) .

فالذي يكف الإنسان عن مواقعة الشر هو الحياء، فإذا تركه صار كالمأمور طبعاً بارتكاب كل شر، وإذا نُزع منه الحياء فإنه سيفعل ما يشاء والله سيجازيه على ذلك .

هذا الخلق الكريم، غارت عليه العوادي، وهجم عليه القوم أعداء الدين، لأنهم لا يريدون أن يتركوا ستراً مغطى، ويريدون أن يكشف الغطاء، وهكذا تعم الفاحشة والفحش أنحاء العالم، وقد قال -عليه الصلاة والسلام- : ((إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفُحْشَ وَالتَّفَحُّشَ)) . رواه مسلم.

الفحش هو القبيح من القول و الفعل، ومجاوزة الحد، وقال -عليه الصلاة والسلام- : ((لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلَا اللَّعَّانِ وَلَا الْفَاحِشِ وَلَا الْبَذِيءِ)).

وهكذا أمرنا باختيار ألفاظنا، وإذا أتينا إلى موضوع يستحيا من التصريح به، استعملنا الكنايات والتعريض كما علّمنا القرآن، وفي تفسير قوله تعالى : {وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً}(الفرقان: من الآية72).

قال مجاهد : كانوا إذا ذكروا النكاح كنّوا عنه ،وهكذا نجد نصوص القرآن والسنة شاهدة عليه.

فماذا فعلت هذه الثقافة المعاصرة، وإعلام الغرب والشرق بخلق الحياء، شنوا عليه الغارات، بما يسمى بالأدب المكشوف، والقصص الجنسية، وصرحّوا بجميع أنواع المعايب بما يسمى بالصحة والتثقيف الجنسي، وهكذا قامت برامجهم الوقحة المتسلطة الجريئة لنسف هذا الخلق العظيم، ومن شواهد ذلك ما سُئله أحدهم في مقابلة من هذه المقابلات التي تبثها القنوات، هل توجد لديك أسرار يمكن أن تكون سبباً في إنهاء حياتك الزوجية؟ فبالله عليكم يا عباد الله ماذا يمكن أن تجني مثل هذه المنشورات للقاذورات وأنواع الفحش، بحجة نشر الثقافة الجنسية، وأن لا يذهب ولدك هنا وهنا يبحث عنها، فلتُعرض صراحة ومباشرة، وفي الحقيقة إن نشر مثل هذا يؤدي إلى شيوع الفاحشة في الذين آمنوا، ويسهّل ارتكاب الفواحش، وقد أصبحت الأجواء اليوم مسممّة تعج بهذه القاذورات، فهنا إعلانات في غاية السوء عن الأدوية المعالجة لبعض أنواع الضعف، وإعلانات قبيحة عن أنواع من جراحة التجميل، وأخرى فيها هتك العورات بإعلان عن أجهزة رياضية، فضلاً عن أنواع أخرى من المنتوجات التي هي أكثر خصوصيةً وحساسيةً، وأصبحت أشرطة التمرير في القنوات تعج بالكلمات البذيئة الخادشة للحياء، بل إن رسوم الكرتون وحتى الكاريكاتير لم تخلُ من المشاهد الفاضحة، ومواقع إخبارية لا بد أن تجعل في ثناياها أخباراً من هذا النوع الفضائحي، تُطرح الموضوعات المثيرة والمغرية، يقرؤها الكبير والصغير، الذكر والأنثى، تنوعت الأساليب لإثارة الغرائز وكلها اعتداء على الحياء، وحتى الكلمات العريضة والعناوين وللكبار فقط، وإقحام الجنس في كل موضوعٍ حتى لو كان اقتصادياً أو سياسياً، والتكرار سيد الموقف بأشكال متنوعة، وطريقة العرض تعتمد على الصورة الثلاثية الأبعاد، والألوان النقية، وحجم الخط، وأنواع الخلفيات، وهكذا علم النفس يخدم الإعلام والإعلان في نشر الرذيلة .

قال اليهود في بروتوكولاتهم : " إنَّ (فرويد) منَّا، وسيظل يعرِّي الإنسان ويعرِّض علاقته الجنسية في ضوء الشمس حتى لا يبقى في نظر الشباب شيء مقدَّس، ولا يبقى لدى الشابات أمر يستحيين من إتيانه، ويصبح همَّ النساء والرجال آنذاك إرواء الغريزة الجنسية، وحينئذٍ تنهار الأخلاق".

إذاً لا يمكن لليهود أن يستمروا في السيطرة على العالم إلا بالانحلال، والانحلال هذا طريقه، وجاء في بروتوكولاتهم أيضاً: "وقد نشرنا في كل الدول الكبرى ذوات الزعامة أدباً مريضاً قذراً يغثي النفوس، وسنستمر فترة قصيرة بعد الاعتراف بحكمنا على تشجيع سيطرة مثل هذا الأدب".

تُكتب القصص والروايات، ويُجعل فيها من أنواع العلاقات ما فيها، وهكذا الأشعار وتُحمّل القصص على رسائل الوسائط المتعددة ونحوها لتكون مرافقةً للجيل في كل وقت تُتهادى وتُرسل وتُستعمل في العلاقات بين الجنسين .

أشعرٌ ذا بربك أم دعــارة؟ أصار الشعر يا قومي قـذارة؟

فكم باعوا به دينا وعرضـا نعم خسروا وما ربحوا التجارة

مقالات، وصور، واستغراق لأوقات الملايين وأموالهم، وإذا كان متوسط قراءة الإنسان العربي لا يتعدى ست دقائق، فكم بقي لقراءة كتاب الله والذكر والعلم، فما يحيي القلوب، يُطوى ولا يُروى، وما يميتها ويثير في النفوس أنواع المعاصي يُتسابق إليه، ويُتلهف عليه، وماذا سيستفيد شباب الأمة سوى المزيد من الانغماس في أنواع الرذيلة،

في غمرة الأحداث والفتن تنمو الطفيليات في العَفَـنِ

وتُفـيق أقـلامٌ مؤجَّـرةٌ حمقى، تبث السُّم في البدنِ

همُ الغلاةُ الحاقدون وهـمْ حِلْفٌ مع الأعداءِ في المحن

ما قاله الأعداءُ في خجـلٍ قالوه هم في السِّر والعَلَـنِ

غاياتُهم تجـريدُ أمتِّنـــا من دينــها والخيرِ والسننِ

تقول أحد الكاتبات لما انُتقدت على بعض المشاهد في روايتها : "أردت أن أقول من خلال هذه الرواية، أن الإنسان يمكنه أن يستغل الأساليب الرخيصة في الوصول إلى أهداف نبيلة"، بزعمها .

وحين ما سألت عن تصرفها في بطل وبطلة القصة وما بينهم من العلاقة الرذيلة، قالت : "هما اللذان فعلا ذلك ولست أنا" .

{فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ } (79) سورة البقرة .

عباد الله، هذه الإيحاءات المغرية، التي تتردد هنا وهناك، وهذه التي تبث في أبنائنا وبناتنا، اعتداء صريح حتى على طفولة الأطفال، والله -عز وجل- قال : {أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ}(النور: من الآية31) . وهؤلاء يريدون الأطفال أنه يظهروا على عورات النساء، والله -عز وجل- أمرنا بأن نعلم الأولاد الأدب، وأن يستأذنوا ولا يهجموا على مخدع الأبوين، {وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ} (59) سورة النــور، وبيّن العلماء أن طفل إذا صار يميز بين النساء في درجات الجمال، ويلتفت إلى أشياء للكبار فإنه يجب على المرأة أن تحتجب منه ولو كان دون عشر سنين .

عباد الله، الذي يحدث اليوم من أنواع التصريح له آثار جِدُ سيئة على طبقات الناس عموماً، والمصيبة التعاظم والاستمرار لهذا العفن، والمنكِر له قليل، وقد ذم الله بني إسرائيل لأنهم {كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ} (79) سورة المائدة ، لقد صارت قلة الاكتراث بما يجري من هذه الجهة مصيبة عظيمة، بل إن عبارات مثل للكبار فقط وفوق الثامنة عشر صارت جاذبة للصغار وأنواع الشباب إغراقاً لهم في هذه المحرمات، وقد قال ربنا : {َأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ}(النور: من الآية21) .

أمرنا ربنا بغض البصر، وأمر النساء بالحجاب والستر، ومنعت الشريعة الاختلاط، وإجراءات كثيرة جداً لمنع ثوران الغرائز، وكتيبة النفاق، تريدها جاهليةً وفحشاً ودعارةً وانحلالاً في المجتمع، الانحلال هو المقصد، ولذلك يتنادون إلى قضية بث الاختلاط، ثم نشر صور الاختلاط، ثم صور النساء وهن حاسرات، تارة بأنه فريق فنّي، وأخرى بأنه فريق كروي، وهكذا يريدون إفساد المجتمع الذي قام على الكتاب والسنة، المجتمع المسلم الذي له عادات مأخوذة من الكتاب والسنة، لا يمكن أن تعجبهم المرأة المتحجبة من الأعلى إلى الأسفل، فلا بد من الإفساد، لا يقر لهم قرار والله، ولا يهدأ لهم بال، حتى يرون الفتاة تمسك بيد الفتى لتذهب إلى أبيها وتقول : هذا صديقي فماذا تقول ؟!!..

اعتداء على البراءة، وإشاعة الفاحشة وتلويث الفطرة، حتى رأينا الزنا والفاحشة في أبناء عشر سنين، فمن كان يتخيل أن تصل القضية إلى هذه الدرجة، يريدها الله تطهيراً، {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ}(النور: من الآية30)،{وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ}(النور: من الآية31) . .

يريدها الله حفظاً للأعراض، وسلامة لأمن المجتمع، يريدها الله -عز وجل- نقيةً تقيةً، {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً} (النساء:27).

فلا والله ما في العيش خيرٌ ولا الدنيا إذا ذهـب الحياء

يعيش المرء ما استحيا بخير ويبقى العود ما بقي اللحاء

اللهم إنا نسألك أن تجنبنا الفتن، ما ظهر منها وما بطن، طهّر قلوبنا، وحصّن فروجنا، وسدد ألسنتنا، وثبت على الحق أقدامنا، أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم .

الخطبة الثانية :-

الحمد لله، أشهد أن لا إله إلا الله، وسبحان الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، خلق فسوى، خلق الزوجين الذكر والأنثى من نطفة إذا تمنى، وقدر فهدى سبحانه وتعالى، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، إمام المتقين، وخاتم النبيين والمرسلين، والشافع المشفّع يوم الدين، وصلوات الله وسلامه عليه، ما توالى الليل والنهار، اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ونبيك محمد، وعلى آله وأصحابه وخلفائه وأزواجه وذريته الطيبين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين .

عباد الله، هنالك أمور تدعو الحاجة إلى بيانها، وآيات لله هي مرئية ومعلومة مشاهدة، يطيب التذكير بها، فما هو أسلوب القرآن والسنة في عرض مثل هذه القضايا الذي لا بد من ذكرها، فما يتعلق بالعورات، أو أحكام الجنابة، أو خصائص في النكاح ونحو ذلك، نجد أن كل ما يُستقبح من التصريح به قد جيء به في معرض التعريض والكناية،

قال مجاهد : كانوا إذا ذكروا النكاح كنوّا عنه .

انظروا إلى قوله تعالى : {أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ}(المائدة: من الآية6).

في معرض بيان حكم الشرعي المتعلق بالطهارة، وهذه قضية مهمة، قال المفسرون : كنى بالملامسة عن الجماع لأنه مما يُستهجَنُ التصريح به أو يُستحَى منه، {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ}(البقرة: من الآية187).

قال ابْنِ عَبَّاسٍ: الْمُبَاشَرَةُ وَالْمُلاَمَسَةُ وَالْمَسُّ جِمَاعٌ كُلُّهُ. وَلَكِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُكْنِى مَا شَاءَ بِمَا شَاءَ. رواه البيهقي بسند صحيح .

انظر إلى قوله تعالى : {فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً }(لأعراف: من الآية189).

قال القرطبي رحمه الله : هو كناية عن الوقاع .

وقال الزجاج: هذا أحسن كناية عن الجماع.

وهذا التعبير في القرآن والسنة تجده واضحاً، هناك حاجة لذكر تفصيلات في المحارم، وأنواع المحرمات في النكاح، قال الله تعالى : {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ}(النساء: من الآية23).

عبّر بالدخول، دخل يدخل، فعل عادي، لكن دلالة واضحة، والكناية هنا عن الجماع.

تأمل في قوله تعالى : {وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ}(النساء: من الآية21).

والإفضاء : هو الدخول إلى فضاء الشيء، هكذا في اللغة، أفضى، والله -عز وجل- يكني والمقصود واضح، والله حيي كريم.

وهكذا تجد مثلاً في الآيات في شتى المناسبات، تأتي لتذكر العبارات التي هي في غاية الأدب،وتأمل قوله : {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ}(النساء: من الآية43).

ما هو الغائط؟ المكان المنخفض في اللغة، ولكنه أراد الأحداث الخارجة من المَخرَجَين، فلما كان التصريح مستبشعاً جاء بهذا التعريض، لأنه إذا أراد قضاء الحاجة التمس المكان المنخفض حتى لا يُرى، وفي السنة كثير من هذا، وقد عبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بالعسيلة تارة، وفي مناسبة أخرى قال : ((فإذا أبصر أحدكم امرأة فليأتي أهله)) .

فعبّر بالإتيان، تأمل في قوله -عز وجل- {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ }(البقرة: من الآية223).

فعبّر بالحرث وهو الزرع، وهكذا الرفث.

وقد عقد أصحاب الحديث في كتبهم عناوين لهذا، واستخرج العلماء فوائد من هذا، وقد تطبّع الصحابة نساءً ورجالاً بهذا الأدب القرآني والنبوي، فهذه زوجة عبد الله بن عمرو بن العاص التي زوّج عمرو بن العاص ابنه منها، جاء الأب ليتعهد كنتّه، فيسألها عن بعلها، وكان عبد الله بن عمرو بن العاص معروفاً بقوة العبادة والنشاط فيها حتى ربما أتى ذلك على نصيب أهله، فسألها عن زوجها فتقول : خَيْرُ الرِّجَالِ، لَمْ يَطَأْ لَنَا فِرَاشًا وَلَمْ يُفَتِّشْ لَنَا كَنَفًا مُنْذُ أَتَيْنَاهُ. [أَرَادَتْ بِذَلِكَ الْكِنَايَة وهذا من أدبها]، ثم تدخّل الأب لإصلاح الموضوع .

وحتى أهل اللغة، تجدهم في كتبهم يعقدون فصولاً للكناية اللطيفة عما يستقبح من ذكره ويستحيى، كما تجده في فقه اللغة للثعالبي، والمنتخب للجرجاني .

وهكذا يا عباد الله، فأين ما يحدث اليوم مما هو موجود من الكتاب والسنة، أين الأدب الرباني والنبوي من هذا العهر العالمي والفحش الدولي، وهذا السعي المحموم من المنافقين في نشر الانحلال في أنواع ومجالات وأصعدة في المجتمع .

اللهم طهّر مجتمعاتنا من الرذيلة والفحش يا رب العالمين، اللهم اكبت المنافقين، واخذلهم يا قوي يا عزيز، اللهم إنا نسألك أن تحيينا مؤمنين، وأن تتوفانا مسلمين، وأن تلحقنا بالصالحين، غير خزايا ولا مفتونين، اللهم اغفر لنا ذنوبنا، وإسرافنا في أمرنا، اللهم استر عيوبنا، اللهم إنا نسألك أن تقضي ديوننا، وأن تنشر رحمتك علينا، اللهم أعطنا ولا تحرمنا، وزدنا ولا تنقصنا، وأكرمنا ولا تهنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، اللهم انشر علينا الأمن والإيمان، واجعل بلادنا هذه عامرة بذكرك وعبادتك وتوحيدك وخشيتك وتحكيم شرعك، اللهم آمنا في الأوطان والدور، وأصلح الأئمة وولاة الأمور، واغفر لنا يا عزيز يا غفور، اللهم انصر إخواننا المستضعفين، واحمي حوزة الدين، وانشر سنة نبيك في العالمين، واقمع أهل البدعة والمشركين، سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين .